علاقة الإنسان بباقي المخلوقات….
======================
الإنسان ليس محور الكون، وليس هو الوحيد المالك للطرق المؤدية إلى المقدس، وعلاقة الإنسان بالمخلوقات كونه هو موجود أيضا هي علاقة أخذ وعطاء وليست تسلط وسيطره، تأتي هذه العلاقة مدفوعة بغريزة البقاء الموجودة في كل المخلوقات، لكن الإنسان يعتبر نفسه -من منظور مادي- أنه المخلوق الأسمى لأنه مُنح خاصية التفكيروالعقل بالتالي الإرادة الحرة، وعليه أن يقدر عواقب أفعاله على خلاف سائر المخلوقات.
ومن هنا تنبثق ثنائيات الثواب والعقاب والجنة والنار الين واليانغ (5) الموجودة في الفلسفات الدينية والفكرية، وهذه الثنائيات ترتبط بأفعالنا للسيطرة عليها ولا تربطنا بالمقدس إلا كونها أحد الموجودات -حسب كل اعتقاد- تدلنا على المقدس وليست المقدس بحد ذاته….
إذاً فالإنسان كجزء من الوجود يسخر الموجودات بعقله مدفوعاً بغريزة البقاء، وليس التسخير بتسليط الإنسان على الموجودات إنما بإيجادها وإيجاد الإنسان معاً، لتُبنى العلاقة بين الموجودات على أساس الأخذ والعطاء المتبادل، يتميز الإنسان بالتفكير العاقل، وعندما لا يقدِّر قيمة هذه الميزة فإنه لا يتعامل مع الموجودات على أساس القدسية التي يستمدها من المقدس وكأنه الموجود الأسمى، فتنحرف غريزته من غريزة بقاء إلى خلود ويبدأ بتقديس ذاته بغريزة منحرفة غير مبنية على أساس الأخذ والعطاء، مما يدفع بالإنسان باتجاه الخطيئة، وذلك بالهيمنة والاستغلال دون أن يُقدر مقدار الضرر الذي يلحقه بما يحيطه، بل وامتد به الأمر في التسلط والاستبداد إلى التطاول على أبناء جنسه بالتعدي والقتل، دون أن يدرك عواقب أفعاله ضارباً بعرض الحائط علاقته بالمقدس المباشرة والغير مباشرة من خلال الموجودات، ومتجاهلاً ما ستعانيه بأفعاله الموجودات جميعاً بما فيها الإنسان نفسه، بالتالي هو يفسد علاقته بالمقدس الموجود في كل شيء والموجود منه كل شيء ..
إن القيمة القدسية للموجودات تنبع من ذاتها وليس من قابليتها للاستغلال، وتنبع من وجودها وليس من مقدار النفع التي تقدمة لموجودات أخرى، بالتالي نحن لا نستطيع وضع موازين أو مقاييس للقدسية، وقصور حواس الإنسان ليس نقصاً، ووجود أي صفة قاصرة لا تعني نقص الإنسان، وعلى الإنسان أن يؤمن بالقصور، فهو ليس مقدساً بالمطلق والقصور النسبي هو نقيض الكمال المطلق، لذلك علينا أن نتصالح مع ذواتنا أولاً وصولاً إلى كل الموجودات لنصل من خلالها ومن خلال أنفسنا إلى حقيقة المقدس دون الحاجة إلى معرفة ماهية ذاته ويكفي الإيمان بوجوده ووجودنا المنبثق منه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر