ما اكثر الذين يعتقدوا ان العولمة اختراع امريكي ..
ظهور فكرة الدولة العالمية :- او العولمة
اقرأوا تاريخ مصر ففيه نفيا حاسما ل 99% مما تعتقدون
---------------------------------
لا نستطيع أن ننكر أن انهيار الدولة الحديثة جاء نتيجة عوامل داخلية سياسية و اقتصادية , و لكن فى نفس الوقت علينا أن نضع نموذج انهيار الدولة الحديثة بمصر داخل اطار أكبر , و هو حالة التفكك التى سادت ممالك العالم القديم فى العصر البرونزى .
فى تلك الفترة ساهمت موجة هجرات شعوب البحر من آسيا الصغرى و البحر الميت الى منطقة حوض البحر المتوسط فى انهيار مقدونيا و المملكة الحيثية .و برغم أن الملك رمسيس الثالث استطاع أن يوقف هجوم شعوب البحر على حدود مصر الشمالية و انتصر عليهم فى معركة بحرية سجلها على جدران معبد هابو , الا أن مصر تأثرت فى النهاية بهذه الهجرات .
فقد تغيرت التركيبة السكانية لمعظم دول الشرق الأوسط و دول حوض البحر المتوسط نتيجة تلك الهجرات الكبرى
لشعوب البحر , و هم مرتزقة (لا يدينون بالولاء لوطن) ( , مما ساهم فى سقوط العديد من الدول .
أما فى مصر , فقد بدأ تأثيرهم فى ظهور قوات مرتزقة فى الدلتا من الليبيين و شعوب البحر , ثم بمرور الوقت
تحولوا الى أرستقراطية عسكرية (أى جعلوا من أنفسهم طبقة مميزة عن الشعب المصرى) , الى أن وصلوا فى النهاية الى عرش مصر و حكموها فى عصر الأسرة الثانية و العشرين .
تميز عصر الانتقال الثالث الذى أعقب نهاية الدولة الحديثة بظهور الحكام الأجانب (الليبيين و الكوشيين) .بالنسبة للمصرى القديم , لم يكن الجنس أو العرق هو الذى يميز بين أهل البلد و بين الغريب , و انما الأهم هو الانتماء للحضارة المصرية .
لم يشعر المصرى القديم بوجود حكم أجنبى الا عند وقوع مصر تحت الاحتلال الآشورى و الفارسى فى نهاية العصر
المتأخر . عندها فقط بدأ المصريون يشعرون بوطأة الحكم الأجنبى بكل ما تعنيه الكلمة .
تميزت فترة الحكام الليبيين بالتفكك السياسى للدولة و تحولها الى دويلات . كان التفكك السياسى هو السمة السائدة فى العصر البرونزى .و لكن بعد انتهاء تلك الفترة من التفكك تلاشت بالتدريج فكرة "عالم الدول" (أى العالم الذى يتكون من دول عديدة متجاورة) لتحل محلها فكرة "الدولة العالمية" (أى الدولة الواحدة التى تبتلع ما حولها من الدول) . و أول دولة سعت لتنفيذ فكرة "الدولة العالمية" كانت هى الدولة الآشورية الحديثة , التى وصلت فى أوج قوتها الى طيبة (الأقصر) بمصر.
ورثت الدولة البابلية الحديثة نفس الفكرة و سعت لتحقيق نفس الطموح , و لكن الزمن لم يمهلها لتحقق أبعد مما وصلت اليه الدولة الآشورية الحديثة .
ثم انتقل مشروع "الدولة العالمية" الى الدولة الفارسية , الى أن تلقفه منها الاسكندر الأكبر , ثم فى النهاية ورثته
الامبراطورية الرومانية حتى العصور الوسطى , ثم الدولة
العثمانية .
--------------------------------------------------------------------
من كتاب "عقل مصر" (The Mind of Egypt) لعالم المصريات
الألمانى "جان أسمان" (Jan Assmann)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر