الفكر التكفيري… واستراتجية المواجهة المفقودة

. . ليست هناك تعليقات:



أكد عدد من العلماء وطلبة العلم على خطورة ظاهرة التكفير والتفسيق، وإخراج الناس من ملة الإسلام بغير علم، وأشاروا أن الجهل بالدين واتباع الهوى، والرغبة في الظهور، من أبرز العوامل التي تقف وراء الظاهرة, التي يقف خلفها أناس لا بضاعة لهم من علم شرعي، وحذر العلماء وطلبة العلم من ظاهرة التكفير لأنها السبب في ظهور هذه الفرق والجماعات التي اعتمدت على القتل وسفك الدماء واستباحة الحرمات, والتعدي على الكليات الخمس المصونة, ووجدنا من هؤلاء من يكفر الأمة بأسرها، ولا يبقي سوى جماعته المحدودة الأفراد على أنها جماعة المسلمين, ووجدنا من يكفر دون ضابط من علم، حتى وجدنا من يكفر ابرز علماء الأمة؟ ولكن كيف نواجه هذا الفكر التكفيري التدميري؟ وما هو دور العلماء والمؤسسات الشرعية في مواجهة هذا الفكر المنحرف؟ وكيف يمكن اجتثاث هذا الفكر من جذوره؟

أحد عشر سبباً

حدد الشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان “أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية” أسباب التطرف و العنف و التكفير و الإرهاب في الأسباب التالية:

أولاً: الإرهاب و العنف و التطرف ألفاظ تبعث على الأسى و الأسف في قلب كل مسلم ذلك أنها تعيق الصحوة الإسلامية، و تهددها تهديداً خطيراً، وهي مظهر من مظاهر الاعتداء على الكليات الخمس،الدين و العرض و المال و النفس و العقل.

ثانياً:الصفات العامة للإرهاب و العنف و التطرف تدخل ضمن أشد الأعمال جرماً و أعظمها أثماً..

ثالثاً:المعالجات التأصيلية لقضايا المنهج القويم, في الاعتقاد والفكر والفقه والآداب والسلوك, تعد مطلباً ضرورياً ملحاً لازماً لتوجيه المسيرة، و تقويم من انحراف عن الدرب..

رابعاً:الكشف عن جذور التطرف و أسباب العنف و الإرهاب من أشد الموضوعات خطورة وأثراً، وأجدرها بالدرس المتأني لاجتثاث جذورها واستئصال شأفتها..

خامساً: أسباب التطرف والعنف والإرهاب, ليست شيئاً واحداً، ولكنها أسباب متعددة ومتنوعة, فمنها ما هو سياسي ومنها ما هو اقتصادي, وبعضها يعزي إلى أسباب نفسية وتربوية.

سادساً:عدم تطبيق شرع الله هو سبب الضلال والعمى والشقاء, الذي تعاني منه كثير من بلدان العالم الإسلامي اليوم.

سابعاً:الأسباب الفكرية منها :الجهل،وتجاوز الحد في فهم النصوص, والتبعية والتقليد،والتصور الخاطئ, والإعداد الذهني،والفكري السيئ فضلاً عن تقصير بعض العلماء في القيام بواجب النصح والإرشاد, والتوجيه وكذا الجهل بقواعد الإسلام وآدابه, واعتماد الشباب بعضهم على بعض, دون الرجوع إلى العلماء، والاشتغال بالمسائل الجزئية عن القضايا الكبرى والضحالة الفكرية في فقه الدين وإتباع المتشابهات من النصوص وترك المحكمات البينات وضعف البصيرة والاعتماد على المنطق والفلسفة الكلامية العقيمة كلها أسباب فكرية تؤجج نار العنف والتطرف..

ثامناً:الأسباب النفسية: هي عوامل تؤثر تأثيراً سلبياً وتولد أعمالاً محرمة..

تاسعاً:الأسباب الاجتماعية ومنها : ظهور التناقض في حياة الناس وتفكك المجتمع،وعدم ترابطه وفساد وسائل الإعلام, والسلوك الشاذ لدى الآخرين والفراغ والدعوات والنعرات والأفكار الهدامة.كلها مجتمعة تسبب الإرهاب وتبعث على الغلو والجنوح..

عاشراً:الأسباب الاقتصادية: كانتشار البطالة وما يترتب عليها من سلبيات تسهم في إنبات الإرهاب والعنف والتطرف وتولد البؤس والحرمان..

حادي عشر:الأسباب التربوية ومنها : قلة القدوة الناصحة وغياب التربية والقدوة الموجهة للأخلاق القيمة والصفات الحميدة كما أن نقص أو انعدام التربية الإيمانية القائمة على مرتكزات ودعائم قوية من نصوص الوحي واستبصار المصلحة العامة ودرء المفاسد الطارئة كلها عوامل تسبب الغلو والتطرف والفساد والإفساد..

أحكام خطيرة

ويتطرف الدكتور علي بن راشد الدبيان”القاضي بوزارة العدل” إلى موقف المؤسسات الشرعية في المملكة من فكر التكفير و الإرهاب ويقول:أن موقف المؤسسات الشرعية من الفكر الإرهابي المنحرف, المعتمد على تكفير المسلمين حكاماً ومحكومين،وأفراداً ومؤسسات ودولاً وحكومات واضح، من هذا الفكر،فإن هيئة كبار العلماء في المملكة-الممثل لأعلى مؤسسة شرعية علمية- فيها ويشمل في عضويته عدداً من العلماء المتوليين لقيادة المؤسسات الشرعية المختلفة من إفتاء وقضاء ودعوة وغيرها-قد أصدر في دورته التاسعة والأربعين المنعقدة في الطائف, بياناً حول هذا الموضوع قرر فيه: أن التفكير حكم شرعي مرده إلى الله ورسوله،فكما أن التحليل والتحريم والإيجاب إلى الله ورسوله،فكذلك التكفير.وليس كل ما وصف بالكفر من قول أو فعل يكون كفراً أكبر مخرجاً من الملة,ولما كان مرد حكم التكفير إلى الله ورسوله لم يجز أن نكفر إلا من دل الكتاب والسنة على كفره دلالة واضحة,فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة والظن لما يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة,وإذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات,مع أن ما يترتب،مع أن ما يترتب عليها أقل مما يترتب على التكفير،فالتكفير أولى أن يدرأ بالشبهات،ولذلك حذر النبي (صلى الله عليه وسلم) من الحكم بالتكفير على شخص ليس بكافر فقال:«أيما امرئ قال لأخيه:يا كافر،فقد باء بها أحدهما, إن كان كما قال،وإلا رجعت عليه»..

وقد يرد في الكتاب والسنة ما يفهم منه أن هذا القول أو العمل أو الاعتقاد كفر,ولا يكفر من اتصف به لوجود مانع يمنع من كفره،فهذا الحكم كغيره من الأحكام التي لا تتم إلا بوجود أسبابها وشروطها وانتفاء موانعها,والتسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة من استحلال الدم والمال ومنع التوارث وفسخ النكاح وغيرها مما يترتب على الردة,فكيف يسوغ للمؤمن أن يقدم عليه لأدنى شبهة,وإذا كان هذا في ولاة الأمور كان أشد لما يترتب عليه من التمرد عليهم وحمل السلاح عليهم وإشاعة الفوضى وسفك الدماء وفساد العباد والبلاد،ولهذا منع النبي (صلى الله عليه وسلم) من منابذتهم فقال:«إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان», وما نجم عن هذا الاعتقاد الخاطئ من استباحة الدماء وانتهاك الأعراض وسلب الأموال الخاصة والعامة وتفجير المساكن والمركبات وتخريب المنشات فهذه الأعمال وأمثالها محرمة شرعاً بإجماع المسلمين لما في ذلك من هتك لحرمة الأنفس المعصومة،وهتك لحرمة الأموال،وهتك لحرمات الأمن والاستقرار وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم وغدوهم ورواحهم,وهتك المصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها.وقد حفظ الإسلام للمسلمين أموالهم وأعراضهم وأبدانهم وحرم انتهاكها وشدد في ذلك,وكان من أخر ما بلغ به النبي (صلى الله عليه وسلم) أمته, فقال في خطبة حجة الوداع: «إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا»..

وقال سبحانه في حق الكافر الذي له ذمة في حكم قتل الخطأ âوإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنةá فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة,فكيف إذا قتل عمداً فإن الجريمة تكون أعظم والإثم يكون اكبر..

وقد صح عن النبي(صلى الله عليه وسلم): «من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة»..

وإن المجلس إذ يبين حكم تكفير الناس بغير برهان من كتاب الله وسنة رسوله(صلى الله عليه وسلم) وخطورة إطلاق ذلك لما يترتب عليه من شرور وآثام،فإنه يعلن للعالم أن الإسلام بريء من هذا المعتقد الخاطئ، وأن ما يجري في بعض البلدان من سفك للدماء البريئة وتفجير للمساكن هو عمل إجرامي والإسلام بريء منه,وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر برئ منه وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة فهو يحمل إثمه وجرمه فلا يحتسب عمله على الإسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام المعتصمين بالكتاب والسنة والمتمسكين بحبل الله المتين وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة..

وأكد الدكتور علي الدبيان على الدور الذي تقوم به المؤسسات الشرعية في المملكة في محاربة فكر التكفير والإرهاب وقال : ان بلادنا بمنهجها الإسلامي المتوازن تنبذ الإرهاب وتجرم فاعله، وتحذر من فكره وطرائقه، وان الإرهاب ومجرميه لا مكان لهم في بلادنا.

الجهل بالعلم الشرعي

ويرى الدكتور علي بن عبد العزيز الشبل : أن مفهوم التكفير هو الحكم على أشخاص معينين بالكفر المخرج من الملة، وهو ما يسميه العلماء بتكفير المعين، ولعل هذا هو المراد بالتكفير عند إطلاقه بين الناس في هذا الزمن.وقد فشت ظاهرة التكفير قديما، ورفعت رأسها في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان – رضي الله عنه- وهي التي تسببت بقتله ثم بمقاتلة الخوارج لعي – رضي الله عنه- في حين بدا أصلها عقب غزة حنين، أواخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف مكانا معين لنشوء ظاهرة التكفير والتفسيق ولا سيما المعينين، ولكن هذه الظاهرة تظهر في وتنمو في بيئة الجهل، وسوء الفهم والتنزيل لأحكام الشرع المطهر، كذلك تفشوا هذه الظاهرة في مجتمع الازدواجية بين المضادات، من خلال الحفاوة بأهل الفسق والزندقة، أو عد الأخذ على أيديهم بالعلم والبرهان والقوة والسلطان، امرأ بالمعروف ونهيا عن المنكر.

وحدد الدكتور الشبل عدة أسباب وراء ظهور ظاهرة التكفير منها:

أولا: الجهل الذريع وربما المركب بهذه المسالة المهمة في معرفة الكفر في موارد وأدلة الوحي الشريف والفرق بين الكفرين الأصغر والأكبر.

ثانيا: إتباع الهوى والإغراض النفسية بتكفير المخالف وذمه والقدح في عرضه بالكفر دون تبصر بالعلم وتورع بالديانة.

ثالثا: اتباع المذاهب البدعية، والأقوال الشاذة، وتقليد الأصاغر، بالعلم والدين في إطلاق الكفر على الدول والمجتمعات والأفراد.

رابعا: الاستهانة بمحارم الله وإحكام شرعه، وعدم الأخذ على يد المكابر والمعلن بقالة الكفر، وأطره على الحق أطرا بقوة البرهان والسلطان.

وعن علاج ظاهرة التكفير يقول الدكتور علي الشبل يكون بنشر منهج الاعتدال والوسطية، عقيدة وقولا وعملا، ونشر العلم الصحيح الموروث عن الله، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعالجة الظواهر الفردية بالحكمة والبصيرة اللائقة زمانا ومكانا وواقعا وحالا، ويتأتى هذا من قبل الراسخين في العلم، والحكماء ذوي العقل والفطنة, وتضافر الجهود الدعوية والتربوية في معالجة هذه الأفكار الشاذة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر

ابحث في الارشيف

الدانة نيوز الصفحة الرئيسية

الدانة نيوز الصفحة الرئيسية
الدانة نيوز هي اداة اعلامية تشكل مدخلا لمعرفة ما يدور في العالم على جميع الاصعدة والمجالات

احدث الاخبار .. الشبكة الاعلامية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

العالم الجديد

صفمة المقالات

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

مشاركة مميزة

ما هي الروح ... لا وجود للروح

ما هي الروح ... لا وجود للروح ما هي الروح من انتم لتفسروا ما هي الروح ؟؟ علق بعض السادة المحترمين على موضوع خرافة الروح وتاكيد...

تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

اعلن معنا

سلايدر الصور الرئيسي

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك

خدمات نيو سيرقيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اهلا ومرحبا بكم

وكالة انباء الدانة – مؤسسة عربية مستقلة – متخصصة في الاعلام والعلاقات العامة

ابحث في الموقع عن المواضيع المنشورة




لقاء مع المفكر التوسي يوسف الصديق

* * * المفكر التوسي يوسف الصديق: المصحف عمل إنساني يختلف عن القرآن ويجب الإطاحة بالأزهر والزيتونة