الصحابة والمال
طلعت رضوان
-----------------------------------------------
التى أولاها اهتمامه والاهتمام بزوجاته (الحرائر) بخلاف جواريه. وكان له واحد وثلاثون ولدًا بين ذكر وأنثى . وهذا يدل على القدرة المالية الضخمة ، إذْ لا يستطيع إعالة هذا العدد من الأولاد وأمهاتهم وخدمهم إلاّ من كان على درجة وفيرة من الغنى.
طلعت رضوان
في ثروة بعض الصحابة
الزبير يبن العوام
قالوا ان الصحابة اكثر الناس زهدا . فهل يتماشى الزهد المنسوب للصحابة مع ذكرت امهات الكتب والمراجع الإسلامية عن ثرواتهم رضي الله عنهم ؟.
خلف الزبير بن العوام وهو أحد العشرة المبشرون بالجنة إحدى عشرة دار بالمدينة ، وادرين بالبصرة، ودار بالكوفة ، ودار بمصر ، وأخرى بالإسكندرية. راجع صحيح البخاري كتاب الجهاد باب بركة الغازي في ماله 5/21.
وقال البخاري جميع ماله _ يعني الزبير _ خمسون ألف ألف ومائتا ألف .
وقال ابن الهائم: بل الصواب ان جميع ماله تسع وخمسون ألف ألف وثمانمائة ألف.
وقال المسعودي في مروج الذهب 2/342: خلف الزبير ألف فرس اللف عبد وألف أمة وخططا.
سعد بن ابي وقاص
اما سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وعنهم فهو أفقرهم فلقد بني قصره من العقيق. راجع مروج الذهب 2/342.
زيد بن ثابت
اما زيد بن ثابت جامع القران وحاضر العرضة الأخيرة للقران
فقد خلف من الذهب والفضة ما يكسر بالفؤوس . راجع مروج الذهب 2/342. قصره من العقيق. راجع مروج الذهب 2/342.
عبد الرحمن بن عوف
اما بعد الرحمن بن عوف وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة .
ترك عبد الرحمن ألف بعيرة وثلاثة آلاف شاة ، ومائة فرس ، وقال: وكان فيما خلفه من ذهب يقطع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال _اي بقبقت وعبأت ماء_ . راجع الطبقات لابن سعد 3/96.
وقال المسعودي في مروج الذهب : ابتنى داره ووسعها وكان على مربطه مائة فرس وألف بعيرة وعشرة آلاف من الغنم. راجع : مروج الذهب 2/343. تاريخ اليعقوبي 2/146. صفة الصفوة لابن الجوزي 1/138.
طلحة بن عبد الله
اما طلحة بن عبد الله وهو أحد العشرة المبشرون بالجنة . فقد كانت غلته في اليوم الواحد من العراق ألف وافية دينار وقيل اكثر. راجع : مروج الذهب 2/342.
عن محمد بن إبراهيم : كان طلحة : كان طلحة يغل بالعراق ما بين أربعمائة ألف وبين خمسمائة ألف، ويغل بالسراة عشرة آلاف دينار أو اكثر.
وعن موسى بن طلحة : انه ترك آلفي ألف درهم ومائتي ألف درهم ومائتي ألف دينار .
وعن إبراهيم بن محمد بن طلحة قال : كان قيمة ما ترك طلحة من العقار والأموال وما ترك من الناض _ الناض الدراهم والدنانير_ ثلثين ألف ألف درهم ؛ وترك من العين آلفي ألف ومائتي ألف درهم ومائتي ألف دينار والباقي عروض. راجع : الغدير 8/283.
وعن عمرو بن العاص قال: ان طلحة ترك مائة بهار في كل بهار ثلاثة قناطير من الذهب _البهار هو جلد الثور_.
وفي لفظ ابن عبد ربه من حديث الخشني قال: وجدوا في تركته ثلاثمائة بهار من ذهب وفضة .
وقال ابن الجوزي : خلف طلحة ثلاثمائة جمل ذهبا. راجع : الطبقات ابن سعد 3/158. الأنساب للبلاذري 5/7. العقد الفريد 2/279. والغدير 8/283.
عن عمران بن حصين :عن النبي قال اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء . البخاري 5968.
عبد الله بن عمر قال اشتكى فقراء المهاجرين إلى رسول الله ما فضل الله به عليهم أغنياءهم فقال يا معشر الفقراء ألا أبشركم أن فقراء المؤمنين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم خمس مائة عام . ابن ماجة : 4114.
الصحابة والمال :
فى بداية هذا الفصل كتب أ. خليل عبد الكريم أنّ ممارسة الجنس كانت (التسلية) الوحيدة عند العرب (قبل وبعد الإسلام) لأنه مجتمع بدوى بدائى ، ليس فيه من أوجه النشاط الفنى أو الرياضى ، مثلما كان فى مصر القديمة أو اليونان (الصحابة والصحابة- دار سينا للنشر- عام 97 (فصل الصحابة والمال) ولذلك أبقى على عادة تعدد الزوجات ، وقيّد العدد بأربع زوجات بعد أنْ كان مُـطلقــًا ، ولكنه استعاض عنه بآلية (ملك اليمين) دون شرط العدد ، من الإماء (الأمة = العبدة) وأسيرات الحروب ، حتى ولو كنّ عربيات مسلمات موحدات .
و بعد أنْ كان العرب لا يجدون ما يأكلونه (قبل الإسلام) لدرجة أنهم كانوا يأكلون (الضب) والحشرات ، فإنهم بعد الغزوات بحجة نشر الإسلام ((اقتنوا الضياع وبنوا القصور واشتروا العبيد والجوارى من كل جنس ولون ، وبلغتْ ثروات بعضهم ملايين الدنانير)) وهو ما اعترفتْ به أسماء بنت أبى بكر التى قالت ((تزوّجنى الزبير وما له فى الأرض مال ولا مملوك)) وبعد الغزوات الإسلامية انتقلتْ هى وزوجها وأولادها ((نقلة لم يكونوا يتخيّلونها ، فأصبحوا من أثرياء قريش)) أما عبد الله بن عمر بن الخطاب الذى لم يكن يجد مأوى يؤوب إليه غير المسجد ، أصبح بعد الغزوات ((تتدفق أنهار الثروة بين يديه حتى إنه كان يُلبس جواريه ملابس النسوة الحرائر ويُحليهن بعقود وأساور الذهب وهو ما لا تجده (الحـُرات) من نسوان العامة)) وقال عبد الله بن أبى ((غزوتُ مع رسول الله ست غزوات نأكل الجراد)) وهو ما اعترف به سعد بن أبى وقاص ثم ((دارتْ الأيام وتنعـّم سعد مثل غيره من كبار الصحابة بالأموال التى اكتسحوها من البلاد (المفتوحة) وبنى له قصرًا فى العقيق)) وقال على بن أبى طالب ((كنتُ أربط الحجر على بطنى من شدة الجوع)) أما بعد الغزوات العربية/ الإسلامية فإنّ ثروته (نظرًا لأرقامها الخيالية) جعلته يعترف بأنه كان (يتصدق) فى اليوم الواحد ((بأربعين ألفـًا)) وإذا كان هذا المبلغ ربع العُشر فإنّ ثروته مليون وستمائة ألف من المال السائل فقط ، غير العقارات والأراضى والخيول والأسلحة والعبيد والجوارى . والنتيجة أنّ صحابة الرسول الذين كانوا يتنازعون على جراب شحم ، سيملكون قرى بأكملها فى البلاد التى ((وطأتها خيولهم المباركة بدعوى إخراج أهلها من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، مع إنّ هؤلاء الأهل لم يشكوا لهم من ذلك ولم يستنجدوا بهم)) والزبير بن العوام أقرض عبد الله بن جعفر بن أبى طالب ألف ألف درهم ، فلما قـُتل الزبير قال ابنه عبد الله لعبد الله بن جعفر إنى ((وجدتُ فى كتب أبى أنّ له عليك ألف ألف درهم)) فقال هو صادق فاقبضها إنْ شئت . هذه الثروات الضخمة الفضل فيها للبلاد (الموطوءة) والمبلغ المُستحق للدائن مليون درهم ، فكم كان رقم إجمالى ثروته ؟ وأنّ عبد الله بن عمر بن الخطاب كان يُحلى بناته وجواريه بالذهب ، ولأنّ ابن عمر كان يُسوى بين (الحرة) و(العبدة) فى الحلى والملابس ، فإنّ هذا الأمر استفز والده لذلك عندما دخل على ابنته حفصة سألها ((ألم أر جارية أخيك تجوس الناس وتهيّأتْ بهيئة الحرائر؟)) وأنّ عمر كان يحمل عصا صغيرة (درة) فإذا رأى (جارية) لبستْ لبس (الحرة) ضربها ، ومع ذلك لم يضرب جارية ابنه. وكان تعليق أ. خليل أنّ التفرقة ((بين الحرة والأمة (العبدة) فى اللباس مسألة طبقية بحت ومن هنا يجىء ترجيحنا إلى أنّ وضع الخمار والنقاب والحجاب كان لضرورة اجتماعية وليس أمرًا دينيًا ، وهو ما نصّتْ عليه آية ((ذلك أدنى أنْ يُعرفنَ فلا يؤذينَ)) (الأحزاب/ 59) وهذا دليل على أنّ (العبدة) كان يُسمح لها بإظهار أجزاء من جسدها وهذه التفرقة ضد العصر الحديث بعد أنْ ارتفعتْ عن جبين البشرية وصمة العبودية بجهود البشر ودمائهم لا بمنحة من النصوص الدينية فى الديانة العبرية (اليهودية/ المسيحية/ الإسلام) لأنها لم تلغ العبودية. ولم يكن فى مقدور نصوص أية واحدة منها أنْ تفعل ذلك ، لأنّ تلك النصوص نتاج البيئة وثمرة المجتمع الذى انبثقتْ منه. والعبودية كانت أحد ركائز ذاك المجتع الاقتصادية ، لذلك جاءتْ النصوص تـُـقنـّن ل (مؤسسة الرق) وفى الديانة الإسلامية أتى الفقه وقعـّـد لها القواعد ، وإذا فتحتَ أى كتاب فى الفقه ، ستجد الحيز الواسع الذى يحتله نظام (الرق) ومع ذلك يغالط كثيرون بإدعاء أنّ العرب أساتذة الدنيا فى مجال حقوق الإنسان.
وتصدق ابن عمر فى جلسة واحدة بثلاثين ألفــًا فكم كانت ثروته؟ وأتته إثنان وعشرون ألف دينار فلم يقم حتى فرّقها. وكان تعليق أ. خليل ((وابن عمر معذور فى هذه (البعزقة) فعرق علوج الشام ومصر والعراق يصل إليه فى عقر داره وهو لا يعمل شيئــًا سوى التفرغ للعبادة حتى يجمع بين الحُسنييْن : بُـلهنية الدنيا ونعيم الآخرة. ونحن لا نـُخمن فقد قال ((ما غرستُ نخلة)) ولماذا يتعب نفسه فى العمل ولديه المئات من العبيد يتولون عنه العمل وكل ما عليه أنْ يعطى المنح . ومن هنا يتبيّن أنّ ابن عمر وغيره من الصحابة هم الذين سنوا هذه السنة لأحفادهم العرب. فهؤلاء يقبضون ريع النفط ويستوردون أبناء الدول الفقيرة ليقوموا بالأعمال الشاقة. ومنذ ذلك التاريخ تكرّستْ لدى العرب عقلية الحصول على الريع)) وابن عمر قبل أنْ يموت أعتق أكثر من ألف إنسان وكان تعليق أ. خليل ((ترى كم كان عدد مماليك وجوارى ابن عمر إذا كان عدد من أعتقهم يزيدون عن الألف إنسان؟))
أما الأب (عمر بن الخطاب) الذى وصفته الميديا العروبية/ الإسلامية ب (الزاهد) وأشاعتْ عنه حكايات لطيفة مُسلية مثل أخذه قميص ابنه ليُكمل قميصه. وأنه كان يأكل الزيت وقت المجاعة الخ، فإنّ هذه الحكايات حدثتْ أثناء (الفتوحات) التى أتتْ بالأموال الوفيرة. فكيف يلبس عمر ثوبًا مُرقعًا ؟ وعلى سبيل المثال فإنّ الثروة الأسطورية التى تمّ نهبها من بلد واحد (مصر) فإنّ السنة التى قالوا عنها عام الرمادة (المجاعة) غزا فيها عمرو بن العاص الإسكندرية وجبى منها أربعة عشر ألف ألف دينار من خراج رؤوسهم. فإذا كان هذا هو مقدار الأموال التى نـُهبتْ من مصر وحدها دون سائر البلاد (المفتوحة) فكيف نـُسلــّم بوقوع رمادة (= مجاعة) ؟ ولو فرضنا وقوع المجاعة فهى لم تدم سوى أيام ، لأنّ غازى مصر عمرو بن العاص أرسل قافلة امتدتْ من الفسطاط بمصر حتى يثرب تنوء ظهور جمالها بمحصول عرق (العلوج) المصريين وشقائهم فى أرضهم . أما مسألة سمار وجه عمر، فقد كان فى الأصل شديد السمرة . ونفى الواقدى أنْ يكون أكل الزيت سبب سمار وجه عمر. وبالتالى فإنّ كل (الحكايات) عن زهد عمر تم ابتداعها لوصف عمر بالزهد ولكن خانها التوفيق ، والدليل على ذلك أنه لما قدم الرسول المدينة أقطع أبا بكر وعمر أرضًا. واعترف عمر بذلك فقال ((كان رسول الله يعطينى العطاء فأقول اعطه من هو أفقر منى فقال له الرسول إذا جاءك هذا المال فخذه)) ويؤكد ذلك اعتراف عمر بأنه لم ينتظم فى حضور جلسات محمد وأنه انشغل برعاية أرضه فقال ((كنتُ أنا وجار لى من الأنصار نتناوب النزول على الرسول ، ينزل يومًا وأنزل يومًا)) كما أنّ عمر شهد عدة غزوات مع محمد مثل (بدر وأحد والخندق وبيعة الرضوان الخ) ولا شكّ أنه أخذ نصيبه من الغنائم فيها وبعضها كان كثيرًا مثل خيبر وحنين. وبعد أنْ كثرتْ الأموال المنهوبة من الشعوب قال عمر عن توزيع تلك الأموال (كل من شهد بدرًا من قريش ثلاثة آلاف ولنفسه أربعة آلاف ولابنه خمسة آلاف (اليعقوبى- المجلد الثانى ص153) وبينما كان يخطب من على المنبر ويُنهى عن المغالاة فى المهور، دفع لأم كلثوم بنت على من فاطمة بنت محمد صداقــًا أربعين ألفـًا (المغنى لابن قدامة- المجلد 8ص 68) وهذا الرقم الكبير كان سببه أنّ العروس كانت صغيرة. وقد تزوّج عمر من ست (مع الاحتفاظ بالرقم الشرعى أربع) وذكر أ. خليل أسمائهنّ بخلاف ملك اليمين . وعن التمييز بين الناس فى العطاء فهناك من بلغ نصيبه إثنى عشر ألفـًا من أهل القمة. أى أنّ نصيب القرشى البدرى يساوى ستة آلاف ضعف الرجل العادى مع أنه بسيوف هؤلاء (العاديين) تم غزو الشعوب التى نهبوا أموالها.
أما الغازى عمرو بن العاص فقد ترك من الذهب ثلاثمائة ألف دينار ومن الفضة خمسة وعشرين ألفـًا وغلة مائتى ألف دينار بمصر غير ضيعته المعروفة ب (الرهط) وتوسّع على بن أبى طالب فى هذا المال فمات عن أربع زوجات وتسع عشرة أم ولد بخلاف الخدم والعبيد ، ومات عن أربعة وعشرين ولدًا من ذكر وأنثى وترك لهم من العقارات والضياع ما كانوا به أغنياء قومهم ، واعترف به المؤرخون العرب والمسلمين منهم ابن تيميه فى منهاج السنة النبوية ج4ص130. مع إنّ ابن أبى طالب كان فى بداية حياته يعمل بيديه ويربط الحجر على بطنه من شدة الجوع . ولما بلغ فاطمة بنت محمد خبر عزم أبيها تزويجها منه اعترضتْ بحجة أنه ((فقير آل أبى طالب)) وابن مسعود الذى كانت زوجته تنفق عليه هو وأولاده من الزكاة (الصدقة) فإنه بعد الغزوات أصبح يشترى الضياع . أما زيد بن ثابت فحين مات ترك من الذهب والفضة ما كان يـُـكسّر بالفئوس بخلاف الأموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار، كما ذكر سعيد بن المسيب (مروج الذهب للمسعودى- المجلد الأول ص 544) وللتذكير فإنّ زيد بن ثابت مُصنـّف على أنه من (علماء) الصحابة. أما عبد الله بن العباس بن عبد المطلب فقد عرض عليه رجل أنْ يدفع له مائة ألف دينار (أو درهم) مقابل أنْ يتولى هو أمر ضيعة تطل على أحد الأنهار، ولكن هذا العرض لم يُعجب ابن العباس فرفضه ولم يكتف بذلك وإنما أمر بضرب الرجل مائة سوط وأوقع عليه عقوبة أخرى ((نحجبها عن القارىء)) وفق نص كلام أ. خليل الذى أضاف أنّ ابن العباس مُصنـّف هو الآخر على أنه من (علماء) الصحابة و(حَبْر الأمة) أما سعد بن أبى وقاص فقد بنى داره بالعقيق ورفع سُمكها ووسّع فضاءها وجعل أعلاها شرفات ، وتسميه بعض الروايات (قصر سعد) رغم أنه هو وغيره لم يكن لهم ما يقتاتون به سوى شجر (العضاء) أو الشوك . وإذا عاش سعد فى (قصر) فإنّ القصر يحتاج إلى الإماء والعبيد والخدم ليقوموا بشئونه ورعاية سيده ، ومع ملاحظة أنّ سعد بن أبى الوقاص من العشرة المبشرين بالجنة، وبذلك جمع بين الحُسنييْن : بُلهنينة الدنيا ولذائذ الجنة.
ومن الصحابة (يعلى بن مُـنية) أو(يعلى بن أمية التميمى) تزوج بنت الزبير وبنت أبى لهب وهو الذى اشترى لعائشة بنت أبى بكر وزوجة محمد الجمل الذى سُميتْ الوقعة المعروفة به. وشهد الوقعة مع عائشة والزبير وطلحة ضد على بن أبى طالب ، فلما انهزموا هداه حسه النفعى للانضمام لعلى بمنتهى السهولة ولم يجد فى ذلك أدنى غضاضة وحارب معه فى صفين . والذى يمتاز بهذه النظرة النفعية لابد أنْ يكون فى مقدمة المُـنتفعين بالتطورات الاقتصادية بعد الغزوات ، لذلك مات وترك خمسمائة ألف دينار وديونـًا على الناس وعقارات وغير ذلك من التركة ما قيمته ثلاثمائة ألف دينار(مروج الذهب للمسعودى – المجلد 2 ص 544)
ومن الصحابة خبّاب بن الأرث كان حدادًا يعمل فى صناعة السيوف ثم أصبح من رواة أحاديث محمد . وكان عبدًا اشتراه سباع بن عبد العزى الخزاعى فوهبه لأم انمار فأعتقته. أى كان من الناحية المالية (مليطـًا) وبعد الغزوات أصبح من الأثرياء ، وعبّر فى مرض الموت عن خشيته بسبب هذا الثراء فقال أنه هو وأصحابه ((نلنا من الدنيا ما نخاف أنْ يكون ثوابًا لنا عن تلك الأعمال) والأعمال التى قدّمها ابن الأرث : النزوح ، التعذيب وحضور الغزوات مع محمد . وكل هذا يؤكد أنه نال من الدنيا ما يخشى أنْ يكون ثوابًا له عنها ، وتحدّث عن صحبة آخرين لم ينالوا شيئـًا مثله ومثل سائر الصحابة وعنى بهم الذين فارقوا الحياة قبل (الفتوحات) ونهب و(كشط) البلاد (الموطوءة)
ومن الصحابة أنس بن مالك الذى قدّمته أمه وهو صبى ليخدم محمدًا فخدمه لمدة عشر سنوات ولذلك حمل لقب (خادم محمد) ونشأته بهذه المثابة تدل على الفقر، ولكن بعد الغزوات كان من القابعين على رأس الهرم الاجتماعى . وكان موته بقصره على بُعد فرسخيْن من البصرة . وبذلك انتقل أنس من طبقة الخدم إلى طبقة أصحاب القصور فى أجمل البقاع . وقال عن نفسه ((إنى لمن أكثر الأنصار مالا وولدًا)) ومدلول هذا التصريح أنه بلغ من الثراء حدًا كبيرًا لأنّ هناك من بين الأنصار من كان يملك البساتين والمزارع الخ فإذا فاق غنى أنس ثروة هؤلاء فكم كانت ثروته؟
ومن الصحابة سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وابن عم عمر بن الخطاب ، وتزوّج أخته (عاتكة) التى نكحها خمسة أزواج . وسعيد أحد العشرة المبشرين بالجنة. وكان فى مهمة تجسس مع طلحة فاعتبرهما محمد كأنهما حضرا بدرًا وضرب لهما بسهميهما فيها. ومنح الخليفة عثمان أرضًا بالكوفة لسعيد ، كما كانت له أرض ب (الشجرة) التى خاصمته فيها أو جزء منها أروى بنت أويس فأنكر سعيد ذلك وبعد أنْ قال ((كيف أظلمها)) استعدى عليها السماء فتولتْ تصفيتها الجسدية. وكانت له أرض بالعقيق وسعيد هذا روى عن محمد حديث ((من قــُـتل دون ماله فهو شهيد)) وحفظه لهذا الحديث ضرورة له ليرفعه فى وجه من يتعرّض له بشأن ملكية أو حيازة أراضيه الواسعة
000
ويرى أ. خليل أنّ تلك الأمثلة عن عشرة من الصحابة ، من بين المئات كانوا فى بداية الأمر يربطون الحجر على بطونهم من الجوع ، ثم أصبحوا يقتنون القصور والضياع و(العبيد) ويتزوجون العديد من (الحرائر) ويتخذون السرارى (الإماء – بقاعدة ملك اليمين) ويُخلفون العشرات من البنين والبنات وتـُحصى تركاتهم فإذا بها تبلغ الملايين وبعضها اضطروا إلى تكسير القناطير من الذهب والفضة بالفئوس . وكل ذلك بسبب سابقتهم فى الإسلام وانخراطهم فى جيش محمد ، فأتاح لهم ذلك الاستئثار بالفرصة الاقتصادية الطارئة التى نجمتْ عن نهب البلاد (المفتوحة) وفى ختام هذا الجزء كتب أ. خليل ((هناك نفر محدود من الصحابة حاز غنى طائلا وثراء بالغــًا ، وهؤلاء هم الذين يظن أغلب القراء أنهم وحدهم الذين حازوا الأموال الجسام ، والباقون كانوا (زهادًا) مُعرضين عن الدنيا ، وقد أثبتنا بالأخبار الموثقة أنّ هذا (مُـتخيّـل) مثل عشرات (المُـتخيلات) التى ساعدتْ عوامل عديدة على تسكينها فى أمخاخ السواد الأعظم والتى لن يتم كشطها من رؤوسهم إلا بكتابة التاريخ العربى الإسلامى وخاصة (حقبة التدشين) كتابة علمية مجردة من الأوهام المُـسبقة))
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر