تاريخ مكة قبل الاسلام وقبل الفتح / جزء 12

. . ليست هناك تعليقات:




تاريخ مكة قبل الاسلام وقبل الفتح 
الجزء الثاني عشر
تاريخ مكة قبل الاسلام وقبل الفتح  / جزء 12

العبادة دافعها اقتصادي

النشاط الاقتصادي الرئيسي في مكة هو توفير الخدمات للحجاج وسدانة الاصنام
فالصنم لم يكن للعبادة بالنسبة للسادن بل هو مصدر ثروته من خلال ما يقدم للصنم من نذور واضحيات وهدايا مقابل رضاها .
ومعظم اثرياء قريش كونوا ثرواتهم من خلال مواسم الحج عبر الاجرة والرسوم على الخدمات ونشاط المبيعات في موسم الحج
فالدين كان تجارة من زمن سحيق
الاسباب اقتصادية
جميع المسلمين تقريبا على قناعة تامة واكيدة ان العرب المسلمين حاربوا لفرس والروم في العراق والشام من اجل نشر الدين .. سوف يصاب هؤلاء بالاكتئاب عندما يخبرهم التاريخ ان السبب كان اقتصاديا ولكن بغطاء ديني
فعوام المسلمين لم يعرفوا طبيعة الصراع التجاري بين الفرس والروم للسيطرة على بلاد الشام والعراق واليمن .. ولا يعرفوا ن سيطرة الفرس على اليمن اضعفت قريش حتى قبل الاسلام واستمر الضعف بعده فكان لا بد من تحرير اليمن من الفرس ثم تحرير العراق حتى تعود التجارة للانتعش باعتبار الحجازهي صلة الوصل بين اليمن والشام والعراق ..
وبعد هزيمة الفرس في العراق تم هزيمة الرومان المنهكبن بحروب لقرون مع الفرس
المسلمون لا يتدولوا هذه المعلومت فهي محرمة ولم تتضمنها مناهج المدرسة التي هي المصدر الرئيسي والاساسي للثقافة الدينية الشائعة في بلاد العرب

الاقتصاد الاقتصاد صنع ويصنع التاريخ

واغلب المسلمين لا يعرفوا طبعا .. ممنوع يعرفوا ان أهل مكة كانو منقسيمن الى فريقين: فريق مؤيد للروم، واخر مؤيد للفرس، مما يدل على وقوف أهل مكة على ما كان يقع في الخارج، وقد أشار إلى ذلك القرآن الكريم في سورة "الروم".
قوله تعالى: "الم غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ"

لماذا سيفرح المؤمنون بنصر الروم على لفرس ؟؟

جاء في كتاب (المفصل في تاريخ الاسلام) ... وقد كان المكيون يهتمون اهتماما خاصا بما كان يقع في بلاد الشام وفي اليمن من أحداث، إذ كانت تجارتهم مرتبطة بهذه البلاد بالدرجة الأولى. فما يقع فيها يؤثر تأثرا مباشرا في تجارتهم.

ولذلك حاولوا ما بإمكانهم إنشاء صلات حسنة مع الحاكم على بلاد الشام والحاكم على اليمن، كما كان من مصلحة الروم مصالحة حكام العربية الغربية وترضيتهم، ليأمنوا بذلك على سلامة تجارتهم في البحر الأحمر وعلى وصول بضائع إفريقية والبلاد العربية الجنوبية والهند إليهم عند تعسف الفرس بالتجارة البرية التي كانت تأتي من الهند ومن الصين لتباع في بلاد الروم،

وعند نشوب الحرب، وهي متوالية كثيرة، فيما بينهما، فتنقطع التجارة عندئذ بينهما، وترتفع الأسعار. إما التجارة عن طريق العربية الغربية، فلم تكن تصاب بأذى الحروب وبالنزاع بين الفرس والروم، لأنها كانت بعيدة عن ساحة الحروب، وهي في مأمن من الغارات

الرقيق في مكة

من خلال معلومات متناثرة سوف احاول تقديم صورة عن الواقع الذي مهد لنزول النبوة في مكة وفي قبيلة قريش تحديدا وفي ابناء عبد الدارعلى وجه الخصوص

كانت بمكة جالية كبيرة من اصل إفريقي، عرفت ب، "الأحابيش" وهم سود البشرة، اشتراهم أثرياء مكة للعمل لهم في مختلف الأعمال ولخدمتهم.
وقد كان هذا الرقيق ضرورة لازمة لاقتصاد مكة ولنظامها الاجتماعي في ذلك الزمن.
فقد كان يقوم مقام الآلة في خدمة التاجر وصاحب العمل، فكان مصدرا من مصادر الثروة، وآلة مسخرة تخدم سيدها بأكل بطنها (مقابل الاكل فقط)
كما كان سلاحا يستخدم للدفاع عن السادة في أيام السلم وفي أيام الحرب (المفصل في تاريخ العرب والمسلمين)

الرقيق الابيض في مكة صنع بعض ثقافتها

كما كان هناك رقيق ذو بشرة سوداء كان هنك ايضا رقيقا ذو بشرة بيضاء
اوكلت اليهم أعمال، إدارة المبيعات، والقيام بالحرف التي تحتاج إلى خبرة ومهارة وفن، وهي من اختصاص أهل المدن والمستقرين: مثل أعمال البناء والتجارة والأعمال الدقيقة
وهذه البضاعة (الرقيق الابيض) التي استوردتها قريش إلى مكة - وان كانت تابعة، تؤمر فتفعل، وتكلف فتستجيب- فقد كانت بضاعة حية، لها قلب نابض، ودماغ يعمل، ولحم ودم، ولبعضها علم وفهم ومعرفة تفوق معرفة أصحابها المالكين لها. ولها ثقافتها الدينية ومعتقدتها .

فبضاعة هذا شأنها لا بد إن تترك أثرا في البيئة التي استوردت إليها.

وأمر ليس بغريب القول إن هذه البضاعة تركت في نفوس أهل مكة وفي نفوس العرب الآخرين ممن كان لهم رقيق، أثرا ليس إلى إنكاره من سبيل، وان بعض المصطلحات الفارسية والرومية والحبشية التي كانت معروفة عند العرب قبيل الإسلام، والتي أكدوا هم أنفسهم إنها لم تكن عربية، ولاسيما ما كان يتعلق منها بالصناعات والأعمال التي يأنف العربي من الاشتغال بها، إنما دخلت لغتهم وشاعت بينهم من طريق هؤلاء

اصحاب المال في مكة (1)

من هو صاحب المال: صاحب المال هو من يمتلك الذهب والفضة وبعض العملات الرومية والفارسية والحبشية وسدنة الاصنام التي تدر عليهم عوائد ضخمة على شكل اضحية ونذور وهدايا .. وايضا من له زرع ونخيل، أو من له إبل، والإبل هي "المال" عند العرب" ومقياس ثراء الإنسان .. أو من له حرفة مميزة ، او من يمتلك عبيدا يؤجرهم لخدمة الاخرين.

واصحاب المال في شبه الجزيرة العربية كلها كانو محدودي العدد ويتركزوا في سادة القبائل وقلة محدودة من ابنائهم المقربين
واصحاب المال في مكة قليلون جدا بضعة عشرات فقط والمشهورين منهم محدودين جدا من هؤلاء مثلا : "عبد الله بن جدعان". ويظهر أنه كان واسع الثراء، لم يبلغ أحد مبلغه في كثرة ماله بمكة، حتى ذكر أنه كان يأكل بصحاف من ذهب، ويشرب بآنية من فضة وبكئوس من البلور، وأنه كان قد امتلك قيانًا ليغنين له (جاريتان متخصصتان بالغناء). ولهما شهرة واسعة في كتب الأدب، تغنيان له ولمن يحضر مجلس شرابه ليلًا، وكان بيته دارًا للضيوف.

وكان استعمال الأغنياء لآنية من الفضة والذهب في أكلهم وشربهم معروفًا بمكة, وقد كان ذلك يترك أثرًا في نفوس الفقراء الذين لا يملكون قوتًا لهم؛ ولهذا السبب نُهِيَ عن استعمالها في الإسلام، ونُهِيَ أيضا عن استعمال ثياب الحرير. وقد كانت ثياب الحرير والملابس المقصبة بالذهب، وحلل الديباج من ألبسة الأغنياء، الذين كانوا يعتنون بملابسهم وينفقون في شرائها مالًا، وهي تستورد من الخارج؛ من اليمن ومن بلاد الشام والعراق.
ويفهم من القرآن الكريم أن بين الجاهليين من كان يكتنز الذهب والفضة، ولا يعطي مما جمعه للفقراء والمحوجين شيئًا. وقد بشر هؤلاء بعذاب أليم؛ لاكتنازهم المال وعدم إخراج شيء منه من حق مفروض عليهم، لينفق في موضعه ومكانه الذي وضعه الله له, (كما جاء في سورة التوبة، الرقم 9، الآية 34.) .
وأشار إلى أناس حبب إليهم جمع القناطير المقنطرة من الذهب والفضة (سورة آل عمران، الرقم 3، الآية 14).
وكان أغنياؤهم يعيشون عيشة مترفة؛ يحتسون الماء بآنية من ذهب، حتى قيل لأحدهم: "حاسي الذهب" و"شارب الذهب"( المحبر "137".) , ويستخدمون الأثاث الفاخر، والمذهبات وهي الأشياء المطلية بالذهب، والبرد المذهبة, والملابس المذهبة، والحلي المصوغة من الذهب، على حين يعيش بعضهم عيشة كفاف، وبعض منهم عيشة فقير معدم.
وقد عرف "عثمان بن عمرو بن كعب"، وهو من "بني تميم بن مرة" بـ"شارب الذهب"؛ لغناه وكثرة ماله، حتى كان يشرب بآنية من ذهب، ويعتبر من اشراف قريش.

ويظهر من سورة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ، مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} أن "أبا لهب" كان رجلًا ثريًّا كسب مالًا وذرية ذكورًا. وهو عم من أعمام النبي، واسمه "عبد العزى"، وكان يرى نفسه لكثرة ماله وولده، أنه من رجال قريش وسادتهم، فلا يليق به اتباع ابن أخيه، وهو أصغر منه سنًّا وأقل منه مالًا.
يقال: إنه قال للنبي: "ماذا أُعطَى يا محمد إن آمنت بك؟
قال: "كما يعطى المسلمون!"
فقال: ما لي عليهم فضل!
قال: "وأي شيء تبتغي؟"
قال: تبًّا لهذا من دين, تبًّا أن أكون أنا وهؤلاء سواء"( تفسير الطبري "30/ 217".

أما "أبي سفيان" فكان مستثمرا باللغة الحديثة يجهِّز التجار بماله وأموال قريش إلى الشام وغيرها من أرض العجم، وكان يخرج أحيانا بنفسه (الاستيعاب "4/ 86"،).
ويظهر أنه كان يدفع أمواله إلى كبار تجار قريش ممن كانوا يتاجرون مع الشام والعراق؛ للاتجار بها، فإذا عادوا يصيب من أرباحها..

وكان يتاجر بالفضة وبالأدم، والأدم (وهي جلود الماعز والخراف الناتجة عن الاضحية) من تجارة قريش المهمة وقد أشير إلى أدم قريش، وهو أديم عرف في الأسواق بجودته وبنفاسته.

وكان "العباس بن عبد المطلب" من أثرياء قريش, كانت له ثروة واسعة من نقود ومن ذهب وفضة, وقد استغل ماله في التجارة وفي إقراضه بالربا.

قيل عنه: إنه "كان ذا مال كثير متفرّق في قومه"(الطبري), كان يقرضهم ويسلفهم ويشاركهم في تجارتهم. وكان له مال في الطائف، فإذا كان الموسم جيء إليه بالزبيب لينتبذه للحجاج، فقد كان المتولي لأمر السقاية بمكة. وذكر أنه كان يملك "مكوكًا" مصوغًا من فضة مموهًا بالذهب, يشرب به.
ومن الاثرياء ايضا : "عبد الله بن عامر بن كريز". وقد نجح في الزراعة نجاحًا باهرًا، وأظهر مقدرة في إحياء الأرض الموات,وكان صغيرا في أيام النبي، وولي "البصرة" في أيام "عثمان", وكان ابن خال "عثمان". وله "النباج" الذي يقال له: نباج ابن عامر، وله "الجحفة"، وله بستان ابن عامر بنخلة على ليلة من مكة، وله أراض أخرى، تمكن من معالجتها ومن إظهار الماء فيها، حتى جمع ثروة طائلة من الزراعة.

ومن الاثرياء كذلك "عبد الله بن عمرو بن العاص" الذي نجح في الزراعة أيضًا، فقد كان له مال بالطائف على ثلاثة أميال من "وج"، هو كرم فاخر موصوف، "كان يعرش على ألف ألف خشبة شراء كل خشبة درهم", وقد كان يحصل منه على أكوام كبيرة من الزبيب. الطبري "2/ 466".تاج العروس "5/ 243

88
هكذا هي قصص التاريخ لا حياد ولا موضوعية والحقيقة ضائعة ..
لان التاريخ الاسلامي بعضه كتبه الامويون فعظموا قبيلتهم
وبعضه كتبه العباسيون فعظمو قبيلتهم
واحد البراهين .. اخفاء الدور القذر لابو سفيان بن حرب في محاربة النبي ..
يلاحظ قاريء بطون كتب التاريخ تجاهل المؤرخين لدور أبى سفيان فى إضطهاد النبى وأصحابه فى مكة.
ويجد التركيز منصبا على أبى جهل والوليد بن المغيرة وأبى لهب وأمية بن خلف وأمية بن أبى الصلت وصفوان بن أمية وغيرهم الذين ماتوا على الكّفر .
واضطروا لذكر أبى سفيان لدوره الأساس فى موقعة بدر وأحد والأحزاب . ثم عاد التجاهل لدوره الى أن ذكروه وهو يقابل النبى وهو فى طريقه لفتح مكة ويعلن اسلامه للنبى ، ثم ما يقولونه أن النبى أعلن أنّ من دخل دار أبى سفيان فهو آمن .
السبب فى هذا التجاهل هو أن المصدر الأكبر للرواية الشفهية كان أبّان بن عثمان بن عفان ( الأموى ) وهو الذى تولى إمارة المدينة للخليفة عبد الملك بن مروان ( الأموى ) عام 76 . وانتشرت روايات أبّان بن عثمان التاريخية الشفهية ، وظلّ ما سكت عنه مجهولا، وهو دور أبى سفيان فى قيادة المكر القرشى ضد النبى فى مكة ثم فى المدينة..
الشيعة بذلوا جهدا في كشف سيرة ابو سفيان لكنه جهد غير محايد بل نابع من عداء سياسي لقبيلة بني امية

الدين في مكة - كعبة في كل مكان (1)
لم تكن كعبة مكة هي الكعبة الوحيدة التي يحج إليها العرب .. بل كانت هناك كعبات كثيرة وقد وجدت بيوت عرفت ببيوت الله غير الكعبة يقصدها الناس في مواسم معلومة تشترك فيها القبائل ويتعاهدون على السلم في جوارها ، وكان أشهرها في الجزيرة العربية : بيت الأقيصر ، وبيت ذي الخلصة ، وبيت صنعاء ، وبيت رضاء، وبيت نجران عدا بعض البيوت الصغيرة التي كانت تحج إليها القبائل القريبة منها .
وكان بيت " الأقيصر" في مشارف الشام مقصد القبائل من قضاعة ولخم وجذام وعاملة ، يحجون إليه ويحلقون رؤوسهم عنده .
وبيت " ذي الخلصة" كان يسمي " الكعبة اليمانية " وهو بيت أصنام لقبائل دوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم العرب بتبالة (بين مكة واليمن) ، والذين كانوا يسمونه الكعبة اليمانية كانوا يسمون كعبة مكة " الكعبة الشامية "
و " رضاء" بيت كان لبنى ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد ابن تميم
وكان بصنعاء " بيت رئام" يحجون إليه وينحرون عنده حتى هدم بعد انتشار اليهودية في اليمن .
أما " كعبة نجران " فيقول عنها الكلبي " إنها لم تكن بناء وإنما كانت قبة من أدم من ثلاثمائة جلد ، كان إذا جاءها الخائف آمن أو طالب الحاجة قضيت حاجته أو المسترفد رفد ، وكان فيها أساقفة معتمدون وهم الذين جاءوا إلى النبي ودعاهم للمباهلة ") ...
وقد شاركت كعبة نجران كعبة مكة في تلك الخاصية ... فإن القرآن نص على حماية من يدخل البيت الحرام وكعبة مكة طالبا ً للأمن " ومن دخله كان آمنا ً " .. فهذا التقديس والتخصيص والحماية لم تكن بجديدة على العرب .. بل كانت معروفة ومشتهرة بينهم كما سبق المثال في كعبة نجران .

ولم يجتمع لبيت من هذه البيوت ما اجتمع لكعبة مكة ، فمكة كما ذكرنا كانت في لقرن السادس الميلادي ملتقى طرق القوافل بين الجنوب والشمال والشرق والغرب وكانت محطة لازمة لمن يحمل التجارة من الشمال إلى الجنوب .. كما أن مكة لم تكن دولة بالمعني السائد حينها ، فلم تكن كدولة التبابعة في اليمن أو مملكة المناذرة في الحيرة أو الغساسنة في الشام ، ولم تكن قيصرية ، ولا كسروية ولا نجاشية ، ولم تعرف ملكاً يجلس على عرشها ، ويستبد بأمورها وإنما كانت مكة موقع مفتوحا لجميع العرب ، فيها مكان العبادة ، تتداول القبائل شئونها وفق أعراف وعادات ، ويجتمع أهلها على تعظيم البيت الحرام ، ويتبادلون المنافع والصلات ، دون قهر أو تحكم من سلطة ، أو حكام .

تقديس العرب لبيت مكة قبل الإسلام : -

يروي الكلبي أن العرب كانوا يقدسون بيت مكة " الكعبة " تقديسا ً شديدا ً .. حتى أن الحاج إليها كان يحمل حجرا ً من حجارتها حبا ً له وتقديسا ً لذكرى إبراهيم وإسماعيل باني الكعبة في ظنهم .

يقول الكلبي " " أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن إلا احتمل معه حجراً من حجارة الحرم ، تعظيماً للكعبة ، وصبابة بمكة ، فحيثما حلوا وضعوه ، وطافوا به كطوافهم بالكعبة تيمنا منهم بها ، وصبابة بالحرام وحبا له ، وهم بعد يعظمون الكعبة ويحجون ويعتمرون على إرث أبيهم إسماعيل من تعظيم الكعبة والحج والاعتمار"
وقد نقلت بعض المصادر أن الصابئة كانوا يعظمون الكعبة باعتبارها أحد البيوت السبعة المعظمة ، وكان في جوف الكعبة صور للسيدة العذراء وللسيد المسيح ، فكان تقديسها للمسيحيين كذلك قائما ً .
1-  
راجع الأصنام للكلبي

الدين في مكة -طقوس الحج في الجاهلية :
-1   
السعي بين الصفا والمروة : -
كان السعي بين الصفا والمروة من شعائر الحج في الجاهلية .. ولما دخل المسلمون مكة بعد الفتح مع نبيهم تحرجوا من السعي بينهما لعلمهما أنهما من شعائر الجاهليين فكانت الآية " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بينهما " .
 ( المفصل في تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام – جواد علي) 

- 2  الطواف بالبيت : -
كان الجاهليون يطوفون بالبيت سبعة أشواط تماما ً كما كان يفعل المسلمون ، ولكن كان منهم من يطوف بالبيت عريانا ً ، ولم يكن ذلك لكونهم جنسيون أو شيء من هذا القبيل ولكنهم كانوا يتحرجون أن يطوفوا بالبيت في ثيابهم التي عصوا الله فيها ، وكان أكثرهم يطوفون بالبيت عرايا ما عدا الحمس " وهم أهل الحرم " فكان كثير من الحجاج يستعيرون أو يشترون ثيابا ً من الحمسيين ليطوفوا بالبيت بها ( راجع المفصل في تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام (

-  3  الحلق والتقصير :
كان الحجاج في الجاهلية بعد أن ينهون حجهم يحلقون أو يقصرون تماما ً مثل الحج الإسلامي ( راجع المصدر السابق)

4 - الوقوف بعرفة :
كان مشركو مكة ينهون حجهم بالوقوف بعرفة في منى ، وكانت لهم مجالس للمفاخرة بعد انقضاء تلك الشعيرة فعدلها الإسلام " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ً " .

5 - الهدي : -
جرت عادة العرب في العصر الجاهلي على ذبح هديهم عند الأوثان والأنصاب في فناء الكعبة ويتركونها بعد الذبح .
وأصبحت تقاليد الهدى تعين صاحب منصب" الرفادة" في القيام بمهمته ، فقد كان فقراء الحجاج يأكلون من لحوم الهدى
وجاء الإسلام فأقر تلك الشعائر جميعها دون إنقاص .. بل بكثير من التقديس والتخصيص لها وإزالة الأوثان التي كان يتم تقريب تلك الذبائح إليها .

(الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية – خليل عبد الكريم ، وأيضا ً المفصل في تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام ، وانظر كذلك الحج إلى بيت الله الحرام د عبد الحليم محمود)

عرب الجاهلية صوم رمضان وتقديس رمضان : -

لدراسة أي حدث تاريخي كبير ومهم ينبغي معرفة المقدمات الواقعية التي ادت الى والثقافات التي نهل منها ، والبيئة ظهر فيها ، وكما قلنا سابقا أنه لمعرفة وفهم ايات القران الكريم معرفة صحيحة وسليمة يجب معرفة أسباب نزولها ، وبمن نزلت ومتى نزلت ، وهل هي محكمة أو متشابهة إلى آخر تلك الأمور التي تحكم تفسير الآيات ، وهذا ما فرض علينا في هذه الدراسة معرفة بيئة شبه الجزيرة العربية عموم ومكة (موطن لبعثة لاسلامية) على وجه الخصوص .. وما وجد فيها من أفكار وديانات وملل قبل الإسلام لمعرفة كيف نشأ الإسلام وبالتالي التاريخ الاسلامي .
وهل كان عبارة عن تطور طبيعي المجتمع شبه لجزيرة العربية كي تلحق بالامم الاخرى الفارسية والرومية . ام كان حالة استثنائية لا سابق ولا اساس لها سوى ارادة الله كما يقول الفقهاء ورجال الدين والمؤرخين لمسلمين ؟

وقد تناولنا في مقال سابق الصلاة ومقدماتها عند الصابئة المدعوين بالصابئة المندائيين ، ورأينا كيفية التطهير عندهم الذي هو من وجوب مقدمات الصلاة ، ثم تطرقنا لكيفية الصلوات وعددها ، وتركنا المجال للقارئ ليدرك بعقله ما نود قوله عن التشابه بين طقوس تلك الفرقة الصابئية التي عاشت في جزيرة العرب قبل الإسلام ، وبين تلك الشعائر بعده .

وذكرنا اعلاه ما يتعلق بالحج والان  فماذا عما يتعلق برمضان .. وتقديس رمضان .
لقد جاءت فرضية الصوم في القرآن منصوصا ً عليها صراحة ومبينا ً أنه كان شريعة لمن سبق " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " .
وأعلن القرآن في آية أخرى أن سبب الأمر بصيام رمضان على وجه التخصيص كن لان القرآن نزل فيه " شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه " .
..
ولكن هل شعيرة الصيام في رمضان تحديدا هي جديدة وبدون سوابق تاريخية ؟؟ يعتقد اغلب المسلمين أن تقديس رمضان هو قدسية إسلامية خاصة فريدة لأن هذا ما يعلنه الشيوخ للعوام .. ولكن كتب التاريخ تقول بخلاف ذلك .
فكتب التاريخ تقول ان عبد المطلب جد الرسول كان يقدس شهر رمضان ويعظمه ويعتكف خلاله في غار حراء ويتحنث فيه ويتصدق فيه ويطعم الطعام فقد كان عبد المطلب حنيفيا ً (الحزب الهاشمي – للدكتور سيد القمني ص 66 ) .
وينقل لنا التاريخ أن زيد بن عمرو بن نفيل عم عمرو بن الخطاب كان يمارس نفس التقديس للشهر الفضيل ..
ولم يكن عبد المطلب بن عبد مناف هو المتأثر الوحيد بهذا التقديس لذاك الشهر .. فقد كان تأثير هذا الشهر كبيرا ً في عرب الجاهلية . فقد كان عامتهم يقدسونه ويعظمونه ، ويكادون يحرمون القتال فيه كالأشهر الحرم ( ص 21 - الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية – خليل عبد الكريم ) .

صابئة حران والصيام :-

وقد كان صابئة حران – بحسب مصادر التاريخ العربي – يصومون ثلاثين يوما ً مبتدئين الشهر بظهور الهلال ، ومنتهين إياه بظهور هلال الشهر الجديد ، وكانوا يعيدون بعد انتهاء الشهر بعيد يسمى أيضا ً بعيد الفطر وفي ذلك مطابقة مع الصوم الاسلامي .. فالمشابهة هنا ليست في عدد الأيام فقط ... بل أيضا ً في فترة الصوم .. فهي من الفجر للغروب ومرتبطة بالقمر مثل الصوم الإسلامي وكذلك تنتهي شعيرة الصوم الصابئي بعيد مثل عيدالفطر الإسلامي ، ويسمى بنفس الإسم " وهو عيد الفطر "
يقول أبو الفداء : ( الصائبة لهم الصلاة على الميت بلا ركوع ولا سجود ويصومون ثلاثين يوماً وإن نقص الشهر الهلالي صاموا تسعاً وعشرين يوماً وكانوا يراعون في صومهم الفطر والهلال بحيث يكون الفطر وقد دخلت الشمس الحمل ويصومون من ربع الليل الأخير إِلى غروب قرص الشمس ) (ابي الفداء ، المختصر في تاريخ البشر ، الجزء الاول ، صفحة 65 ) .
ةأبو الفداء من الباحثين المعتبرين عند المسلمين والمؤرخين ممن لهم وزن ،
وابن النديم يقول: أن احتفال الحرانيين بانتهاء صومهم يُدعَى عندهم عيد الفطر كذلك " ابن النديم – الفهرست – ص 319 (

وقد أشار الدكتور الباحث جواد علي في كتابه " المفصل في تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام " للأمر فوصل إلى نفس النتائج وأقر ما وصل إليه ابن النديم وأبو الفداء ، وقد تابعه محمد عبد الحميد الحمد في كتابه " صابئة حران وإخوان الصفا ص 57 " ووضع أمامنا تأكيد نفس الحقيقة عن صابئة حران فقال : 
(كان صابئة حران يبدأون صومهم خلال شهر الصيام ، من قبل ان تشرق الشمس حتى غروبها ، تماما كما يفعل المسلمون خلال شهر رمضان) 
 
المسيحيّة في جزيرة العرب 

انتشرت المسيحيّة في بعض أجزاء جزيرة العرب، ففي الجنوب عن طريق الحبشة، وفي الشمال عن طريق سورية ، وشبه جزيرة سيناء، إلّا أنّها لم تجتذب إليها أنصاراً كُثُر، وكان من هؤلاء النصارى: قيس بن ساعدة، وحنظلة الطائي، وأُميّة بن أبي الصلت. والقس ورقة بن نوفل عم زوجة الرسول السيدة خديجة
وتغلغلت المسيحيّة في اليمن منذ القرن الرابع الميلاديّ. وعند ظهور الإسلام كانت بعض أحياء العرب في اليمن على دين النصرانيّة. وأهمّ مواطن النصرانيّة في جزيرة العرب كان نجران، وهي مدينة خصبة عامرة بالسكان والتجارة .

وبقيت النصرانيّة رائجة في اليمن إلى أن حَكَمَ ذو نوّاس أرض اليمن، فوقع بالنصارى وقتلهم إرغاماً لهم على ترك دينهم، وعندما رأى ثباتهم أحرقهم في أخدود نارٍ حفره لهم. وقد استنجد النصارى بالحبشة فأنجدوهم، وغزوا بلاد العرب سنة 525م، وهزموا ذا نوّاس، وعاد المسيحيّون إلى الحُكم من جديد .
وكذلك انتشرت المسيحيّة في الحِيرة قرب الكوفة، بواسطة أسرى الحرب الرومانيّين... وأهمّ دليل يشهد على وجود هذا الدين في زمن نزول القرآن في جزيرة العرب، هو مباهلة الرسول الله قساوسة وفد نجران.

اليهوديّة في جزيرة العرب 

انتشرت اليهوديّة في جزيرة العرب قبل ظهور الإسلام لا سيّما في اليمن، وخيبر ويثرب، حيث بنو قريظة وبنو النضير وبنو قينقاع. وكان لليهود وزنهم السياسيّ والعسكريّ والاقتصاديّ، واستطاعوا أن يقاوموا المسلمين فيما يُقارب سبع سنوات من الحروب والغزوات، حتّى استطاع المسلمون هزيمتهم سياسيّاً وعسكريّاً. وقد كان اليهود لهم دور رئيسي في التحالف ودعم القبائل العربية التي واجهت المسلمين سوء في مكة و الطائف او غيرها كما كان لهم تحالف رئيسي مع الفرس ضد الرومان والاحباش
لقد كان اليهود يعتبرون أنفسهم شعبَ الله المختار، وأنّهم القادة الذين رشّحهم الله لقيادة البشريّة، ولذلك كانوا يَرَون بعثة الرسول من العرب - لا من بني إسرائيل - انتزاعاً للقيادة من أيديهم وتسليمها لغيرهم، ولذلك كانت عداوتهم عنيفة، وكان حقدهم شديداً.
نشر اليهود في جزيرة العرب تعاليم التوراة وما جاء فيها حتّى تهوّد كثيرٌ من قبائل اليمن. ومن أشهر المتهوِّدين ذو نوّاس ـ ملك اليمن ـ وقد اشتُهر بتحمُّسه لليهوديّة واضطهاده لنصارى نجران، وإعلانه اليهوديّة ديناً رسميّاً

الدعوة النبوية في مكة (سرا وجهرا(

ذكرنا ان الوحي نزل على الرسول (صلعم) حاملا ايات ثلاث هي "اقرا باسم ربك الذي خلق ، خلق إلانسان من علق إقرأ وربك الاكرم" .. وتوقف نزول لوحي لمدة 3 سنوات كاملة ..
وخلال هذه السنوات قام الرسول بالدعوة الى الدين لجديد بشكل سري حيث اسلم خلالها نحو الستين شخصا من الرجال والنساء.
واقتصرت على افراد محددين شملت : زوجته السيده خديجه ،وعلي بن ابي طالب، وزيد بن حارثه ، والزبير بن العوام ، وعبدالرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وطلحة بن عبيدالله ، وابو عبيده الجراح ، وأبو سلمه ، وعثمان بن مظعون ، وقدامة بن مظعون ، والارقم بن أبي الارقم ، وعبدالله بن مظعون ، وعبيدة بن الحارث ، وأبو بكر بن أبي قحافة (الصديق) ، وعثمان بن عفان ، و عمار بن ياسر وصهيب بن سنان الرومي.
واتخذ النبي بيت ابن الارقم دارا للعباده بعيدا عن اعين قريش . وقد بقي الرسول في دعوته السرية الى ان نزلت الاية " وأنذر عشيرتك الأقربين " الشعراء 214" .
الدعوة جهرا
بعد السنه الثالثه من الدعوه سرا بدأت مرحلة الجهر بالدعوه وبدأ الرسول يعظ الناس بان يبتعدوا عن عبادة الاصنام وكان رد قريش عنيفا حيث اتهمت الرسول بالجنون .. ومارسوا اشكال عدة من العداوة والعنف ضد الفقراء خصوص واصبت الرسول بذاته لكنه حظي بدعم عمه بو طالب .. وازداد عداؤهم بعد موت عمه ابو طالب .

وكانت الدعوة العلنية هي مرحلة جديدة من مراحل الدعوة للدين الجديد، في بدايتها أعلن الرسول عن دعوته، بينما ظل المسلمون على سرّيتهم ما استطاعوا، فكان هذا تدرجًا واضحًا في طريق الدعوة.
وبدأ الرسول بأقربائه (قوله تعالى: {(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِين) الشعراء: 214
ثم وسّع الرسول دائرة الدعوة، وقام بالمزيد من العلنية عندما صعد جبل الصفا ونادى: "يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ، يَا بَنِي هَاشِمٍ". كل بطون قريش حتى اجتمعوا، فجاء - كما يقول ابن عباس في رواية البخاري - أبو لهب وقريش باسرها تقريبا .

وكانت تلك الخطوة أن ازداد نشاط أهل مكة في محاربة الدعوة، التي لم يؤمنوا بها بسبب تقاليدهم القائمة على العصبية القبلية وايضا بسبب الكِبر والغرور والشعور بالمكانة السيادية عند زعمائه وكان الخوف على المصالح والزعامة والرياسة سببًا من الأسباب الرئيسية لعدم دخولهم الإسلام، فالإسلام يدعو الى المساواة بين الناس وهو ما قض مضاجع سادة قريش فالعنجهة القرشية التي يتمتّع بها القرشيون بين القبائل ستسحب منهم، ويصبح ذلك السيد مساويا لباقي العرب ولعبيده وللفقراء. بلاضافة الى خوفهم على مصالحهم المالية فهم اسياد مكة واصحاب الموارد الضخمة من رعاية الاصنام ومواسم الحج ومن بيوت الدعارة المنتشرة في مكة والتي يزداد نشاطها في موسم الحج .. اضافة لى الربا وتمويل التجار
وكان العامل لاقتصادي هو العامل الاول والرئيسي في رفض اهل مكة الدين الجديد وهو الدافع للعداء معه ومحاربته

الاقتصاد هو السبب الرئيسي لمقاومة مكة للدعوة الاسلامية

كان موقف قبيلة قريش من ظهور الإسلام موقفاً صريحاً وواضحاً منذ البداية، يتجلّى في أن الدعوة الإسلامية ـ في حسابات قريش التجارية والاقتصادية والمالية ـ كانت خطراً على حاضر مكة ومستقبلها الاقتصادي الذي يُعتبر عصب الحياة المكيّة في ذلك الوقت. ولعل الوقائع التاريخية الكثيرة ـ عندما تُقرأ بعناية ـ تكشف لنا جانباً كبيراً من هذه الحقيقة. فدعونا نستعرض جانباً من هذه الحقائق، ونقرأها قراءة علمية مجردة من أي سلطة فكرية أو عقائدية مُسبقة.
كان واقع مكة ـ والحجاز ككل ـ التجاري، يستدعي أن تكون خارج الصراعات السياسية الناشبة في المنطقة في ذلك الوقت . وكانت مكة تريد لنفسها أن تكون كأي مركز تجاري عالمي متقدم في التاريخ، بعيداً عن الصراعات السياسية والأيديولوجية، حيث يُشكِّل الاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي الدور الأكبر في تنشيط التجارة وازدهارها.

وقد ظنَّ المكيون أن دعوة الإسلام الجديدة والأيديولوجيا الجديدة التي جاء بها الإسلام، من شأنهما أن تُعكّرا الجو السياسي وتثيرا النزاعات الدينية، وتثيرالحروب تبعاً لذلك، مما يهدد النشاط التجاري، ويعيق ازدهار التجارة القائمة على الحج لمكة المقدسة عند العرب

ومن هنا، فقد حاربوا الرسول ورفضوا دعوته لا لعدم قبولهم لدعوته، ولكن لخوفهم من وضع مكة في وسط الصراعات السياسية والحروب. فقد أدركت قريش منذ البداية، بفطنتها التجارية وبحسها المالي المرهف، أن دعوة الإسلام «لم تكن ثورة دين ليس غير، وإنما كانت ثورة دين وسياسة واقتصاد» (طه حسين، في الأدب الجاهلي، ص 78) .
وهذا ما حصل تماماً في ما بعد، حيث إن «الصراع مع الإسلام أفقد قريشاً معظم أموالها»( حسين مؤنس، مصدر سابق، ص 631.).

ومن المعروف تاريخياً أن الرسول قد حاول الهجرة (لم تكن هجرة الرسول هي الظاهرة الأولى في تاريخ مقاومة قريش للعقائد الجديدة. فقد سبق لقريش أن عارضت الحنيفية في السابق واضطهدتها، ونفت أحد زعمائها من مكة وهو الشاعر زيد بن نفيل، وذلك حفاظاً على الوثنية وما توفره من ازدهار اقتصادي.)

إلى الطائف قبل أن يفكر بالهجرة إلى المدينة، ولكنه لم يجد آذاناً صاغية في ذلك الوقت من بني ثقيف في الطائف الذين آذوا الرسول وضربوه بالحجارة. ولعل هذا الموقف المتزمت والمتشدد من بني ثقيف، لا يعود إلى رفضهم ديانةَ التوحيد التي جاء بها الرسول بقدر ما يعود إلى التحالف التجاري والمالي الذي كان قائماً بين قريش في مكة وثقيف في الطائف، واقتسام النفوذ التجاري والمالي بين هاتين القبيلتين المتحالفتين ضد كل ما من شأنه أن يُعكِّر صفو التجارة وطرقها الآمنة، بحيث أصبح لقريش السيطرة المطلقة والفائدة العميمة من تجارتها مع الشام، وبحيث أصبح لثقيف اقتصادها المزدهر ومالها الوفير من تجارتها مع اليمن. ومما يجدر علمه أنه كانت لثقيف خبرة طويلة وباع طويل في التجارة منذ القِدم، لا تسمح معهما هذه القبيلة السمينة بأن يلحق بتجارتها أي أذى نتيجة لصراعات سياسية أو حروب دينية، وأن «وجهاء ثقيف في الطائف كانوا من أهم المشاركين في تجارة القوافل في مكة. وبذلك ربطت الزعامة القرشية مصالح وجهاء القبائل بمصالح كبار التجار في مكة» (برهان دلّو، مصدر سابق، ج1، ص 135.)

.
وتبيّن أن قريشاً وحلفاءها لا يريدون في بداية ظهور الإسلام، أن يستبدلوا زعامتهم التجارية بزعامة دينية/سياسية ما زال مستقبلها مجهولاً في علم الغيب، وربما تُفرِّق هذه الزعامة الدينية/السياسية أكثر مما تُجمِّع في المستقبل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر

ابحث في الارشيف

الدانة نيوز الصفحة الرئيسية

الدانة نيوز الصفحة الرئيسية
الدانة نيوز هي اداة اعلامية تشكل مدخلا لمعرفة ما يدور في العالم على جميع الاصعدة والمجالات

احدث الاخبار .. الشبكة الاعلامية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

العالم الجديد

صفمة المقالات

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

مشاركة مميزة

ما هي الروح ... لا وجود للروح

ما هي الروح ... لا وجود للروح ما هي الروح من انتم لتفسروا ما هي الروح ؟؟ علق بعض السادة المحترمين على موضوع خرافة الروح وتاكيد...

تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

اعلن معنا

سلايدر الصور الرئيسي

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك

خدمات نيو سيرقيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اهلا ومرحبا بكم

وكالة انباء الدانة – مؤسسة عربية مستقلة – متخصصة في الاعلام والعلاقات العامة

ابحث في الموقع عن المواضيع المنشورة




لقاء مع المفكر التوسي يوسف الصديق

* * * المفكر التوسي يوسف الصديق: المصحف عمل إنساني يختلف عن القرآن ويجب الإطاحة بالأزهر والزيتونة