فضائح من التوراة / فضيحة مصر التوراتية / **الحلقة الثالثة**
لنقرأ بعض ما تقوله التوراة و لنمعن فيه التفكير قليلاً:تقول التوراة:
(فلما علم يعقوب أن القوت موجود في مصر قال لبنيه: ما بالكم تنظرون بعضكم إلى بعض ... اهبطوا إلى هناك وامتاروا لنا فنحيا ولا نموت .. فهبط عشرة من إخوة يوسف ليبتاعوا من مصر وأما بنيامين أخو يوسف فلم يبعثه يعقوب).
تتابع التوراة بعد أن تحكي قصة يوسف ومعرفته لأخوته وإنكارهم له وطلبه منهم إحضار أخيه بنيامين:
(وحملوا ميرتهم على حميرهم وساروا من هناك).
إلى أبيهم الذي أطال جدالهم:
(( .... وقال يهوذا لإسرائيل أبيه: ابعث الغلام معي حتى نقوم ونمضي ونحيا ولا نموت نحن وأنت وأطفالنا جميعاً، أنا أضمنه، من يدي تطلبه ... إنه لولا مجادلتك إيانا لكنا الآن قد رجعنا مرتين))...
ثم تتابع التوراة بعد أن طلب يوسف من إخوته أن يذهبوا ليحضروا أباه يعقوب ويعودوا وهذا ما حدث:
((فقد حمل بنو إسرائيل يعقوب أباهم وأطفالهم ونساءهم ... وأخذوا ماشيتهم وسرحهم الذي اقتنوه في أرض كنعان وقدموا إلى مصر يعقوب وجميع نسله معه بنوه وبنو بنيه وبناته وبنات بنيه وسائر نسله جاء بهم معه إلى مصر)) ..
وعندما مات يعقوب تقول التوراة:
((فصعد يوسف ليدفن أباه و صعد معه جميع عبيد فرعون، شيوخ بيته، وجميع شيوخ أرض مصر، وجميع آل يوسف وإخوته وآل أبيه وتركوا أطفالهم وغنمهم وبقرهم ترعى في أرض جاسان ...
وجاؤوا إلى بيدر أطاد الذي في عبر الأردن ... فحملوه إلى أرض كنعان ودفنوه في مغارة حقل المكفيلة التي اشتراها إبراهيم
... ثم رجع يوسف بعد أن دفن أباه إلى مصر هو وإخوته وسائر من صعد معه لدفن أبيه ..)).
أن الاستشراق الاستعماري والصهيوني جعل مسرح أحداث هذه الوقائع الهامشية البسيطة تدور بين فلسطين الحالية وبين مصر وادي النيل!
وإن الأمر كما هو واضح لكل ذي بصيرة لا يحتاج إلى ذكاء أو عناء لتقرير الأمور التالية:
1 _ إن الحديث يدور حول أسرة عربية بدوية من رعاة الغنم، وإن الجوع المقصود هو الجوع في المرعى.
2 _ إن من يريد ابتياع القمح وهو في فلسطين لن يذهب إلى مصر وادي النيل من أجل ذلك بل إلى المواقع المجاورة في سوريا نفسها، هذا اذا افترضنا جدلاً أن الجوع عم جنوب سوريا كله.
3 _ إن من يذهب من فلسطين إلى مصر وادي النيل عبر صحراء سيناء الشاسعة لن يذهب على الحمير، فالحمير لم تكن في يوم من الأيام واسطةً لركوب الصحراء إذ هي تنفق من الجهد والعطش وتنغرز حوافرها في الرمال.
4 _ إن صحراء سيناء تضيع فيها حتى الجيوش الحديثة إذا لم يتوفر لها توجيه سمتي فكيف بجماعة تركب الحمير!
5 _ سوف نفترض جدلاً أن أبناء يعقوب اجتازوا كل تلك المسافة بأمان وعادوا بالقوت المطلوب إلى أبيهم، إن الزمن الذي سوف يستغرقونه سوف يجعل ما تحمله حميرهم لا يكفي لسد جوع حميرهم وحدها في جزء من تلك المسافة.
6 _ إن هذه النصوص تخبرنا بكل صراحة أن الحديث يدور جغرافياً بين منطقتين لعشيرتين عربيتين متجاورتين: عشيرة الكنعانيين وعشيرة المصريين. وقد أكدت لنا التوراة في أكثر من موضع أن المقصود بـ(مصر) إنما هو عشيرة المصريين:
تقول التوراة (وعشيرة المصريين إن كانت لا تصعد ولا تأتي تنالها الضربة التي يضرب بها الرب الأمم الذين لا يصعدون ليعيدوا عيد المظال).
7 _ وهما تقيمان في موضع واحد، يشهد على ذلك قول يهوذا لأبيه (لولا مجادلتك إيانا لكنا رجعنا الآن مرتين).
8 _ إن (مصر) هذه هي قرية عشيرة المصريين على طريق القوافل في منطقة غامد التي يتزعمها شيخ من العماليق لقبه (فرعون).
9 _ إن هذا هو ما أكده القرآن الكريم أيضاً في سرده لتلك الحادثة. لقد قال أولاد يعقوب لأبيهم حين جادلهم:
{اسأل القرية التي كنا فيها والعير} ولسنا بحاجة إلى التأكيد على دقة العبارة في القرآن الكريم إذ من المستحيل أن يطلب أولاد يعقوب من أبيهم مثل ذلك لو لم يكن واضحاً لهم أن في مقدوره أن يسأل قرية المصريين لو أراد.
10 _ ونحن نستغرب كيف أن إنساناً في هذا العالم يمكن أن يتصور أو يعقل أن ميتاً في مصر وادي النيل يحمله أبناؤه عبر صحراء سيناء ليدفنوه في مغارة في شمال فلسطين، تاركين أطفالهم يرعون الغنم والبقر على بيدر اسمه جاسان ريثما يفرغون من دفن أبيهم ويعودوا!!
إن العقل الصهيوني الذي هو خارج كل العصور هو وحده القادر على أن يقتات على مثل هذه الشعوذات ويجعل منها (شيئاً) يتعامل به ومن خلاله مع كل الآخرين.
11 _ ولقد تحدثت التوراة في مواضع كثيرة عن دمار مصر المقصودة أي قرية المصريين. وقد أكد القرآن الكريم أن الله دمر قرية فرعون كما دمر غيرها من القرى من حولها التي كذبت بالرسل {و دمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون}.
12 _ أما (فلسطين) التوراتية فإن المقصود بالفلسطينيين إنما هم عشيرة (فلستيم) العربية المجاورة لعشيرة مصريم في منطقة غامد وليس سكان جنوب سوريا.
نكتفي الآن بهذا القدر الذي ما من أحد يشك في أنه كافٍ وحده لدحض افتراءات الصهيونية وللتأكد من أن المقصود بــ(مصر) التوراتية إنما هو عشيرة المصريين وليست مصر وادي النيل التي لم تكن قد دعيت بعد بهذا الاسم ..
وبعد أن أقام بني يعقوب (إسرائيل) في أرض المصريين يرعون ويخدمون عند فراعنتهم ويستخدمهم فرعون تلو آخر في أعماله ورعاية مواشيه ظلوا عشيرة غريبة مستضعفة بين عشيرة المصريين إلى أن جاء موسى ...
=================
المصدر: كتاب العرب والساميون والعبرانيون وبنو إسرائيل واليهود.
الدكتور #أحمد_داوود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر