مطالب أساسية للعلويين من بينها مطالبتهم المسؤولين باعتماد دور عبادتهم المسماة بيوت الجمع كأماكن عبادة رسمية وإعفاءهم من دروس التربية الدينية الإلزامية وأن تعترف رئاسة الشؤون الدينية بالعلوية.
ميدل ايست أونلاين
بقلم: عمر يادريكاردش
مع إضعاف العلمانية التركية يبرز التمييز

منذ أيام تمّ رصد وضع علامات (X) باللون الأحمر على أبواب وجدران 13 منزلًا في محلة "جمال غورسال" في أنطاليا حيث يعيش العلويون بكثافة.
وقد انعكست على وسائل الإعلام جراء هذه الحادثة مخاوفُ العلويين الذين ما زالوا يتذكرون مذابحًا وقعت قديماً في: مرعش وجوروم وسيواس، وهي ماثلة في ذاكرتهم وكأنها حدثت بالأمس، وقبل ارتكاب تلك الحوادث أيضًا تم وضع نفس العلامات باللون الأحمر على أبواب بيوت العلويين وجدرانها.
وقد أعلن أنه تم فتح تحقيق للعثور على مرتكبي هذا العمل الذي أثار الذعر والخوف بين العلويين، ولكن هل يمكن التعامل مع مثل هذه الأحداث بشكل فردي؟ أم أن هناك دور لانزلاق السلطة إلى خطاب قد يحرض على معاداة العلويين فيما وصل إليه الأمر في الطريق الذي كانت بدأته بدعوى "الانفتاح العلوي"؟.
وفي ظل الأحداث الراهنة قامت صحيفة "أحوال" بجمع ردود أفعال العلويين تجاهها، واستقراء سياسة الحكومة تجاههم منذ الماضي وحتى اليوم، خدمة لقر
بدأ حزب العدالة والتنمية سلسلة من الانفتاحات في العديد من المواضيع، وفي إطار تلك السلسلة عُقدت 7 ورش عمل بشأن العلويين فيما بين يونيو 2009 ويناير 2010. وفي كل الأوساط والمنتديات كرر المواطنون العلويون ومنظمات المجتمع المدني العلوية أيضًا المطالب الخاصة بهم.
والملاحظ حاليًا أنه ثمة مطالب أساسية للعلويين؛ من بينها مطالبتهم المسؤولين باعتماد دور عبادتهم المسماة "بيوت الجمع" كأماكن "عبادة" رسمية، وإعفاءهم من دروس التربية الدينية الإلزامية، وأن تعترف رئاسة الشؤون الدينية بالعلوية. لكن الأمر يسير على خلاف المتوقع إذ تصاعدت وتيرة الخطاب الإقصائي وزادت نبرته أكثر.
من جانب آخر فإن ظاهرة وضع إشارات على المنازل حيث يعيش العلويون التي لوحظت في السنوات الأخيرة، والاعتداء عليهم، واستهدافهم من قبل بعض السياسيين ووسائل الإعلام؛ كل ذلك يزيد يوميًا من قلق العلويين وفقدانهم الثقة.
ومع أن الهجمات والاعتداءات الموجهة للعلويين لا تزال مستمرة منذ فترة طويلة فإن الحادثة الأغرب والأكثر لفتًا للانتباه هي تلك التي وقعت بسبب وضع إشارات على أبواب 200 منزلًا علويًا في "آضيمان" خلال شهر فبراير 2012...وكان وزير الداخلية آنذاك السيد "إدريس ناعم شاهين" قد صرّح أن: "النتائج الأولى تشير إلى أن 3 من الصبية هم من ارتكب ذلك".
لكن الأمر لم يتوقف بعد حادثة آديمان؛ بل استمرت ظاهرة وضع علامات على منازل العلويين. وكان حزب الشعب الجمهوري (CHP) قد أعد تقريرًا في ديسمبر 2015 حمل عنوان "انتهاكات حقوق العلويين الراهنة"، جاء فيه أن عمليات تحديد وتعيين منازل العلويين ووضع إشارات عليها وقعت بشكل مكثف فيما بين 7 يوينو- 1 نوفمبر 2015 فترتي إجراء الانتخابات...
وأكد التقرير على أنه تم وضع إشارات باللون الأحمر على 25 منزلًا علويًا، كما تم الاعتداء على 11 قبرًا ونصبًا تذكارياً علويًّا في محافظات مختلفة.
إضافة لذلك، وخلال نفس الفترة، تمت عملية خنق مدير القسم التنفيذي لوقف "أهل البيت للثقافة والتكافل (Ehlibeyt Kültür ve Dayanışma Vakfı)" السيد "سادات بيلغن" أمام منزله. بينما تعرّض لهجوم مسلح كل من: رئيس "بيت جمع" جمعية "بير سلطان آبدال الثقافية (Pir Sultan Abdal Kültür Derneği)" السيد "زينل أوضه باشي"، والرئيس العام لاتحاد "البكتاشية العلويين (Alevi Bektaşi Federasyonu)" السيد "باقي دوزغون". أما مدير "بيت الجمع" في منطقة "علي بك كوي" السيد "تشايان دورصون" فقد تم اعتقاله على أساس "تقييد حريته".
وفي الجلسة الأولى من ورشة العمل العلوية الأولى التي عقدت بتاريخ 3 يونيو 2009 عدّدَ العلويون مطالبهم وسردوها مقرونة بمبرراتها وحيثياتها:
وعلى حين طالب العلويون "بضرورة إلغاء رئاسة الشؤون الدينية" صرّح رئيس الشؤون الدينية آنذاك محمد غورمز: "إن "بيت الجمع" خط أحمر بالنسبة لرئاسة الشؤون الدينية".
بينما طالبوا أيضًا بـ"إلغاء الدروس الدينية الإلزامية" لم تعترف الكتب الدينية بالعلوية مذهبًا إسلاميًا، وإنما اعتبرته تيارًا صوفيًا وأن الطقوس التي يؤديها أتباعه مجرد أنشطة وفعاليات ثقافية وشعبية.
طالب العلويون كذلك "بتقنين وضع بيوت الجمع وإكسابها صفة قانونية"، وبالرغم من قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الصادر في ديسمبر 2014 بــــــ"أن بيوت الجمع أيضًا من دور العبادة" وعليه فيجب ألا يكون هناك أي تمييز؛ إلا أنه لم يُعترف ببيوت الجمع قانونيًا حتى الآن.
طالب العلويون بأن تنقل المراكز الدينية التي نشأت عبر التاريخ إلى المجتمع العلوي، إلا أنها لم تنقل إليه ولم تتم الاستجابة لذلك بعدُ.
طلبوا أيضًا "أن يكون فندق ماضيمك في سيواس متحفًا للخزي الإنساني" وقد أصبح الفندق متحفًا بالفعل، إلا أنه كُتبت على ردهته أسماء اثنين ممن ماتوا من المتظاهرين إلى جانب أسماء اثنين من موظفي الفندق بجانب أسماء 33 مثقفًا وفنانًا فقدوا حياتهم في أحداثه عام 1993. في حفل الإفطار الذي نظمته عام 2013 رئاسة حزب العدالة والتنمية بمحافظة أنقرة، وفي مدينة "كارلسروه" الألمانية عام 2015 أيضًا صرح رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان "إنْ كانت العلوية هي حب سيدنا علي فإنني علوي من الدرجة الأولى"، وبالرغم من ذلك لا زال العلويون مستهدفون.
وكان أردوغان قام بجولة في عدة محافظات عام 2011، نظمت فيها 7 لقاءات جماهيرية استخدم فيها عبارات: "نعلم أن السيد قليج دار أوغلو شخص تربى على الثقافة العلوية، إنه علويّ." فحقر العلويين عن طريق رئيس حزب الشعب الجمهوري قليج دار أوغلو.
اعترض العلويون بشدة على عبارة "لعله خير" التي تم استخدامها عقب صدور قرار "تقادم الزمن" في قضية مجزرة سيواس التي وقعت مارس 2012. في حين أن معظم الجناة في حادثة ماضيمك أصبحوا لاحقًا نوابًا في حزب العدالة والتنمية.
ومع إعلانه "استشهاد 53 مواطنًا من السُّنة في ريحانلي" عام 2013 إلا أن اعترافه بإعجابه الشديد بشيخ الإسلام أبو السعود أفندي الذي عُرف بمذابح العلويين في العصر العثماني، وإطلاقه اسم السلطان العثماني "ياووز سليم" المعروف بقتله للعلويين علمًا على الجسر الثالث الذي ينشأ فوق البوسفور قد زاد من شعور العلويين بتعرضهم للتمييز والإجحاف.
من هنا فإنه يصعب كثيرًا بل وربما يستحيل الإقرار بأن وضع علامات وإشارات على منازل المواطنين العلويين في ملاطيا مجرد عملية فردية؛ فتاريخ السلطة في التعامل مع العلويين على مدار 15 سنة ليس مبشرًا ولا مُريحًا حسبما يتبين من الخطابات والإجراءات المذكورة آنفًا.
تحدثنا مع المختصين في القضية حول تخبطات حزب العدالة والتنمية ومواقفه المضطربة في المسألة العلوية والأحداث الأخيرة:
يرى الرئيس السابق لاتحاد البكتاشية العلويين السيد "صلاح الدين أوزال" أن حزب العدالة والتنمية كعقلية حزب معادٍ للعلوية:
"إن حزب العدالة والتنمية كعقلية حزب معادٍ للعلوية. وإنني لا أقصد الحزب أيضًا. فرئيس الجمهورية الرئيس العام لحزب العدالة والتنمية لم يتقدم ولو حتى بواجب العزاء في من ماتوا في أحداث متنزه "غازي (Gezi Park)"، لكنه حين فقد 53 شخصًا من مواطنينا أرواحهم في مذبحة ريحانلي التي نفذت بتفجير قنبلة، قال: "لقد استشهد 53 مواطنًا سُنّيًا." إنه يتبنى فهمًا وفلسفة إقصائية وعنصرية."
إن قلق العلويين ومخاوفهم يمكن أن تتبدد ويشعروا بالراحة فحسب حين يتم القبض على الفاشيين العنصريين الذين يضعون تلك العلامات، وتقديمهم إلى المحاكمة.
"بماذا تقيسون اهتمام الحكومة وجديتها؟ نقيسها بقبضها على مرتكبي هذه الجرائم وتسليمها إياهم إلى المحاكمة. إلا أنه يصعب علينا أن نقول إنها تهتم بالمشكلة على نحو حقيقي وجاد. فهل ينبغي حتى تتحرك الحكومة تحركًا جادًا وقوع مجموعة من الأحداث المريرة المؤلمة كالحادثة التي وقعت في ملاطيا مؤخرًا مثلًا."
"لا أمل لدى العلويين في أن الدولة ستعثر على الجناة. ليس لدى المواطنين العلويين أمل إيجابي يمكننا أن نعتبره متفائلًا كأن يأملوا حدوث ما يجب حدوثه، وأن مجموعة من السفهاء هم من يرتكبون هذه الأشياء، ولكن الحكومة ستقبض عليهم وتعتقلهم."
عمر يادريكاردش
ملخص من مقال
نُشر في أحوال تركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر