الثورة الفرنسية ,, اسبابها ودوافعها ومساراتها ونتائجها

. . هناك 4 تعليقات:

الثورة الفرنسية
تفجرت الثورة الفرنسية سنة 1789، نتيجة مجموعة من العوامل التي تراكمت وادت إلى انطلاقتها في النهاية، وتعتبر هذه الثورة من أهم الثورات في العصر الحديث ؛ حيث جاءت بمفاهيم جديدة للعصر الحديث؛ أثرت في المبادئ والنظم السياسية والاقتصادية واجرت تحولات سياسية واجتماعية كبرى في التاريخ السياسي والثقافي لفرنسا وأوروبا بوجه عام. ابتدأت الثورة عام 1789 وانتهت تقريباً عام 1799. وقد عملت حكومات الثورة الفرنسية على إلغاء الملكية المطلقة، والامتيازات الإقطاعية للطبقة الارستقراطية، ونفوذ رجال الدين. 
1. اسباب الثورة وتطوراتها
أ‌- الاسباب غير المباشرة :
أولاً: العامل السياسي
ويتمثل بالنظام السياسي السيئ جدا والمتمثل بالحكم الملكي المطلق المستبد، واستغلال إرادة الملك من قبل حاشيته وزوجته وكبار النبلاء ورجال الدين وغير ذلك من أفراد القصر الملكي، بحيث أصبح الناس غير آمنين على حياتهم. فمنذ النصف الثاني من القرن السابع عشر (عصر لويس الرابع عشر)، ساد الحكم الملكي المطلق المستند للحق الإلهي او ما عرف بنظرية الحكم الالهي للملوك في فرنسا، وكان لويس الرابع عشر يقول الدولة أنا، وامتدت هذه الفكرة الى خلفائه فكان نظام الحكم في فرنسا قبل الثورة استبداديا مطلقا وقد عرف لويس السادس عشر الذي عاصر الثورة (1774-1793) بضعف الشخصية وبسيطرة الحاشية عليه ورغم ذلك كان شديد التمسك بالنفوذ المطلق رافضا لكل أنواع التطوير السياسي .
ومن مساوئ الحكم المطلق التي عانت منها فرنسا الرسائل المختومة التي كان يصدرها لويس الـ 16 للانتقام من منتقدي حكمه وكذلك إقحام البلاد في حروب لا فائدة منها سوى إشباع رغبة الملك ، وقد بلغ عدد حاشية الملك 18 ألف يتقاضون مرتبات عالية، ويعيشون حياة البذخ في القصور في حين كان غالبية الشعب يعيشون حالة من البؤس والشقاء.
أما النظام الإداري فقد اتسم بالفساد بسبب غياب الوحدة الإدارية وارتفاع الأداءات الجمركية بين المناطق وانتشار الرشوة . كل ذلك حال دون توثيق الروابط الوطنية بين مختلف جهات فرنسا وقد اتبعه من جاء بعده حتى أطاحت الثورة بالنظام الملكي المطلق في عهد لويس السادس عشر.
ثانياً: العامل الاجتماعي
كان المجتمع الفرنسي ِمقسم الى ثلاث طبقات هي طبقة النبلاء المرتبطة بالقصر والمتمتعة بكافة الامتيازات بما فيها حق الوظائف الحكومية والاعفاء من الضرائب وكانوا يطلقون على انفسهم تسمية ( اصحاب الدماء الزرقاء ) تمييزا لهم عن باقي الشعب ، وطبقة رجال الدين ( الاكليروس) التي تمثل السلطة الدينية المرتبطة بالملك الفرنسي والتي تمتعت بحقوق وامتيازات ورثتها هي وطبقة النبلاء من عصر الاقطاع ويعيشون حياة الترف والمجون، ونتيجة لذلك كرههم الناس حيث كان عدد قليل من الشعب ينتمون إلى الطبقتين الأولى والثانية إلا أنهم كانوا يمتلكون النصيب الأكبر من الثراء والنفوذ والامتيازات.
والطبقة الاخيرة هي طبقة العامة او عامة الشعب المكونة من الفلاحين والبرجوازية الصغيرة وكانت اوسع طبقة في المجتمع اذ بلغ تعدادها آنذاك 25 مليون نسمة، الثلاث وكانت محرومة من كافة الامتيازات وتعاني من الحرمان ودفع الضرائب وأعمال السخرة وكان أبناؤها يستغلون في الحروب مما كان له اثره في نقمة المجتمع الفرنسي على السلطة السياسية والوضع الاجتماعي .
ثالثاً: العامل الاقتصادي
وهي من ابرز العوامل الرئيسية التي اججت الثورة ، فقد كانت خزينة الدولة تعاني من عجز كبير في الموارد منذ أيام لويس الرابع عشر بسبب حروبه المتواصلة، وكذلك بسبب تمويل فرنسا لحرب الاستقلال الأمريكية، إضافة إلى إسراف بلاط الملك وامتيازات النبلاء ، وحاول لويس السادس عشر إصلاح وضع الخزينة؛ فعين خبراء ماليين لمعالجة الأزمة ومنهم (تركوا) و(نيكر) و(كالون) إلاّ أنهم فشلوا جميعاً في مهمتهم نتيجة لمعارضة الطبقة الارستقراطية لمشاريع الاصلاح ، اضافة الى الازمة الاقتصادية وارتفاع الاسعار بشكل خيالي والتي اثرت على حياة الشعب الفرنسي الذي لم يكن بإمكانه شراء رغيف الخبز لا سيما خلال المجاعة التي اجتاحت فرنسا عام 1788 .
رابعا: العامل الفكري:
سبق الثورة نصف قرن حافل بالتطور الفكري والثقافي في فرنسا فيما عرف بعصر التنوير، وقد أثر هذا الفكر على قيام الثورة بكشفه للأوضاع المتردية التي كانت تعيشها فرنسا وكان معظم النقد موجه للكنيسة والحكومة ومساوئهما، ويُعتبر كل من فولتير ومونتسيكيو وروسو من أبرز الرواد لهذه الحركة الفكرية ، فقد ايقظت افكار فولتيير الطبقات المظلومة وتقبل الناس بسرعة اسلوبه الساخر ونقده اللاذع ولغته الواضحة ، اما مونتسيكيو 1689-1755م فقد كتب عن العدالة والدستور وضرورة فصل السلطات الثلاث ( التنفيذية والتشريعية والقضائية )متأثرا بالدستور الانكليزي ، وبالنسبة ل جان جاك روسو 1712-1778م فقد بقيت كتاباته تؤثر في الفرنسيين من جيل الى جيل حيث عرف روسو الحكومة بانها عقد اجتماعي يضمن للشعب حمايته ويقوم بموافقة الشعب والحاكم هنا يحكم بصفته وكيلاً عن الأمة، وعليه أن يلتزم بما تريده الأمة، وإذا انحرف عن ذلك عُزل من منصبه، ومن ثمّ فإن روسو ينكر أن يكون هناك حاكم يستمد سلطاته من مصدر غير الأمة.

الاسباب المباشرة للثورة الفرنسية 
اجتماع مجلس طبقات الأمة:
بعد أن ساءت الأحوال الاقتصادية، وزادت الضرائب المفروضة قرر الملك عقد مجلس طبقات الامة والذي كان يجتمع في حالة الازمات الشديدة في (5 ايار 1789م) وهو ما ارادته الطبقة الأرستقراطية لمنع محاولات الاصلاح . فقد كانت التقاليد تقضي بأن يتألف المجلس من ثلاث هيئات منتخبة تمثل إحداها "الإقليدوس" (الملك- الكنيسة)، وتمثل الثانية "النبلاء"، والثالثة تمثل "الشعب". وكان الاقتراع يتم على هيئة ثلاث وحدات منفصلة وليس طبقًا لعدد الأعضاء. وحيث كانت طبقة رجال الكنيسة خاضعة لسيطرة النبلاء الذين يتقلدون المناصب الرفيعة في الكنيسة لقاء الخدمات التي يقدمونها، فقد كانت الطبقتان الأوليان على يقين دائم من الحصول على أغلبية الأصوات، وبالتالي يقوم أبناء الطبقة الثالثة –الشعب- بتحمل عبء الضرائب المفروضة وحدهم. وقد فطن أبناء هذه الطبقة لهذا الأمر، وطالبوا بأن يكون التصويت في المجلس طبقًا لعدد الأعضاء لا طبقًا للطبقة، ثم طالبوا بأن يكون للمجلس السلطة في تنفيذ المشاريع. ثم اعلن قادة الطبقة العامة العصيان والاعتصام في احد ملاعب التنس القريبة من قصر فرساي لحين تنفيذ مطالبهم واطلقوا على انفسهم (الجمعية الوطنية ) وقرروا وضع دستور للبلاد لا سيما بعد ان انضم لهم البعض من ابناء طبقتي النبلاء ورجال الدين .
كان لهذه التطورات وخوف لويس السادس عشر واستدعاءه بعض فرق الجيش لحماية مقره والبذخ والاسراف الذي ظهر في حفل استقبال هذه القوات رغم المجاعة التي كان يعاني منها الشعب اثره في تأجيج الشارع والخوف من وجود مؤامرة ملكية ضد الجمعية الوطنية، فاندلعت ثورة شعبية في باريس وفي 14 تموز 1789 هاجمت الجماهير الثائرة مخازن السلاح واستولوا على ما بها ثم هاجموا سجن الباستيل الرهيب والذي كان ينظر إليه كرمز للسلطة الملكية في البلاد. وبعد عدة ساعات من القتال، ومعركة حامية أبيد فيها حراس السجن عن آخرهم ,سقط السجن في يد الثوار الذين قاموا بتخريبه وإطلاق سراح من كان به من المسجونين , وأمام هذه الثورة العارمة تراجع الملك واعترف بالجمعية الوطنية ووافق على رفع علم الثورة المثلث الالوان, واصبح هذا اليوم عيد فرنسا . 
الجمعية الوطنية 1789-1791
وجهت الجمعية الوطنية في الوقت نفسه جهودها لوضع دستور فرنسا , والبحث عن الوسائل الكفيلة بوقف تيار الفوضى وامتصاص نقمة الشارع فكان من ابرز اعمال الجمعية اعلان لائحة حقوق الانسان في 4 آب 1789 التي حاول الملك رفضها الا انه جوبه بمقاومة عنيفة من الشعب، وكذلك عملت على إلغاء الحقوق الإقطاعية ,وتوزيع الضرائب بالتساوي بين افراد الشعب ودون تمييز طبقي ، وتأميم اموال الكنيسة واراضيها باعتبارها ملكا للشعب واصدرت دستورا خاصا برجال الدين وهو الامر الذي ازعج لويس 16 باعتباره متدينا فهرب الى شمال البلاد, املا في العودة مع الجيش الملكي الموجود هناك وبالتنسيق مع النبلاء المهاجرين خارج فرنسا الا انه اكتشف امره واعيد مع عائلته الى باريس, وفي مطلع شهر أيلول , انتهت الجمعية الوطنية من مهمة صياغة الدستور التي كرست نفسها من اجلها في أيام الثورة الأولى وهي إعطاء فرنسا دستوراً ديموقراطياً يضمن الحريات العامة ويوزع السلطات توزيعاً عادلاً.
وقد أقرت الجمعية هذا الدستور في 3 أيلول 1791 وأكد الدستور مبدأ فصل السلطات , أي فصل السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وابقى على النظام الملكي مع تحديد سلطات لويس 16 ثم اعلنت الجمعية عن حل نفسها واجراء انتخابات جديدة.
الجمعية التشريعية:1791-1792
عقدت الجمعية التشريعية أولى جلساتها. وكانت اولى مهماتها تنفيذ مواد الدستور وحماية نتائج الثورة وقد تكونت الجمعية من عدة قوى سياسية منها قوى اليمين وهم من النبلاء ذوي الاتجاه التحرري الذي يؤمن بالملكية الدستورية وقوى الوسط وهم الاكثرية التي تؤمن بالثورة والدستور وقوى اليسار وهم الجيرونديون(نسبة لمقاطعة جيروند ) واليعاقبة ( نسبة لدير يعقوب) وهم يؤمنون بالنظام الجمهوري والى جانب هذه القوى كانت هناك قوى معادية للثورة خارج الجمعية تتكون من المهاجرين والنبلاء ويقف معهم اباطرة اوربا الذين وجدوا في شعارات الثورة خطرا على عروشهم فكان على الجمعية ترك كل شئ ومواجهة الخطر الخارجي الذي ظهرت بوادره باعلان (بلنتز) الذي اصدره امبراطور النمسا وملك بروسيا وابديا فيه رغبتهما بإعادة النظام الى فرنسا والقضاء على الثورة.
في نيسان 1789م أعلنت فرنسا الحرب على النمسا ودخلت جيوشها بلجيكا ، الا ان الفرنسين هزموا أمام النمساويين ثم هددت جيوش النمسا وبروسيا العاصمة باريس فانتفض الشعب الفرنسي بكل حماس لحماية ثورته واخذ الشباب يتدفق للتطوع في الجيش حتى تمكن القوات الفرنسية بقيادة ديمورييه من تحقيق الانتصار وصد قوات النمسا وبروسيا في معركة فالمي .
المؤتمر الوطني 1792-1795
بعد وصول انباء أنتصارات فرنسية في فالمي أنهت الجمعية التشريعية أعمالها , وحل محلها المؤتمر الوطني الذي كانت أعماله ألغاء الملكية واعلان الجمهورية ثم محاكمة لويس السادس عشر وأعدامه في كانون الثاني 1793م ,ثم أعلن المؤتمر عن أستعداد فرنسا لمساعدة كل أمة تطالب بحريتها وتريد التخلص من حكامها ، وهو الامر الذي أثار الدول الاوربية التي رأت في ذلك تهديد لإنظمة الحكم فيها ،لاسيما بعد أعلنت فرنسا تبنيها نظرية الحدود الطبيعية، لذا أعلنت الدول الاوربية عن تشكيل التحالف الاوربي الاول ضد فرنسا ، الذي تكون من ( بريطانيا ، النمسا ، بروسيا، هولندا، اسبانيا والبرتغال ، وسردينا).
وقد تمكن هذا التحالف من ألحاق الجيوش الفرنسية ، وصاحب ذلك تمردات وعصيان داخلي قاده انصار الملكية ، مما تطلب من قادة الثورة أتخاذ موقف صلب لمواجهة هذة التحديات وظهر ما أطلق عليه ( العهد الارهابي ) ورغم ما قيل عن هذا العهد الا أنه أنقذ فرنسا من أخطار داخلية وخارجية كان من الممكن من أن تؤدي الى انهيار الجمهورية .
كما أن المؤتمر أنجز الكثير من الاصلاحات الاجتماعية والاقتصادية فقد وضع قانون المدني الفرنسي وأنشاء المدارس وتأسيس متحف اللوفر وضع نظام جديد للمكاييل والمقاييس وهو النظام العشري , وعمل على سن الدستور وأنجز أواخر 1795م وعرف بدستور العام الثالث للجمهورية. كما جرت محاوله أنقلابية فاشلة قادها أنصار الملكية لمهاجمة مقر المؤتمر الوطني الا أن تدخل نابليون بونابرت الذي كان ضابطا شابا في المدفعية ، وبمهارته وخبرته العسكرية أستطاع أفشال هذ المؤامرة فرقي على أثرها الى ( قائد للجيوش الداخلية ).
نتائج الثورة الفرنسية :
جاءت الثورة بنتائج آنية واخرى على المدى الطويل كما ان نتائجها لم تقتصر على فرنسا بل عبرت الحدود الى دول اخرى استنارت بقبس الثورة الفرنسية وما حققه الشعب الفرنسي خلالها من انجازات واهمها:
اولا: ظهور نظام جمهوري بشكل عصري حديث يختلف عن اشكال النظم الجمهورية التي سبقته وانتشر هذا الشكل بين دول العالم وانتهى معه عهد الملكية المطلقة.
ثانيا: كتابة اول دستور للبلاد اقر بفصل السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية مما يحجم ويقلل من امكانية هيمنة سلطة على السلطات الاخرى رغم الانقلابات اللاحقة على الدستور الفرنسي .كما اقر الدستور بفصل الدين عن الدولة ومباديء سامية لم يسبقه لها دستور اخر من قبيل المساواة وحرية التعبير عن الراي والتفكير وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين.
ثالثا: تحررت السياسة الفرنسية من سلطة الكنيسة ورجال الدين كما الغيت امتيازات النبلاء ورجال الدين هؤلاء وهو الامر الذي استغلته البرجوازية المتوسطة للصعود خصوصا وان من نتاجات هذه الثورة هو تحرر النظام الاقتصادي للدولة ويتجه نحو الرأسمالية والاقتصاد الحر.
رابعا: جاءت بمفاهيم جديدة واحيت اخرى مثل الحرية الفردية والعدالة الاجتماعية والتعليم المجاني واعتماد اللغة الفرنسية كلغة رسمية للدولة بأكملها مما اوجد لاحقا عاملا من عوامل الوحدة.
خامسا : يحدد كثير من المختصين السياسيين تأريخ الثورة الفرنسية كتأريخ لنشوء الدول القومية الحديثة التي تمثل الانظمة فيها ارادة شعوبها ورغم التعثر الذي اصاب مسار هذه الثورة والعقبات التي اعترتها لكنها دقت ناقوس الخطر ولحظة انطلاق زلزلت عروش ملوك اوروبا المستبدين مما جعلهم يناصبون العداء لهذه الثورة ويحاولون اجهاضها وفعلا نجحوا بأعادة الملكية لكن لمدة قصيرة فأرادات كل حكام اوروبا لم تستطع الحيلولة دون تحرر الشعب الفرنسي وقلب العروش على اصحابها لا بل أن الثورة الفرنسية امتد تأثيرها خارجا فأن لم تطح بالملوك فقد اطاحت بسلطتهم المطلقة وصلاحياتهم وأصبحوا مجرد حكام شكليين وتمكنت الشعوب من أن تحكم نفسها بنفسها.
2. حكومة الادارة وظهور نابليون بونابرت
حكومة الادارة 1795م 
بعد أن أجريت الانتخابات وفق الدستور الجديد أنفض المؤتمر الوطني لتحل محله حكومة الادارة وتكونت هذه الحكومة من خمسة أعضاء يتم انتخابهم من المجلس النيابي ، و بدأت حكومة الادارة عهدها بالإعلان عن برنامج شددت فيه على التزامها بالنظام الجمهوري وأنعاش الروح الوطنية والقضاء على التعصب لحزب معين ، والوقوف بشدة وحزم بوجه أثارة الاضطرابات.
كان على هذه الحكومة أن تعالج الحالة الاقتصادية المتدهورة وأن تحصل على النصر النهائي في حروبها الخارجية واختارت نابليون لقيادة أحد جيوشها الثلاث ،فتمكن من هزيمة الجيوش النمساوية والايطالية وحقق انتصارات باهرة عليها حتى اضطرت النمسا الى طلب الصلح .
وخلال هذه المدة مرت فرنسا بأزمات سياسية بين حكومة الادارة والمجلس التشريعي لاسيما بعد وصول أنصار الملكية والكاثوليكية الى هذا الى المجلس فوجدت حكومة الادارة أن القوة هي السبيل الوحيد لأنهاء هذه الازمة لصالحها وكان نابليون المنتصر في ايطاليا على استعداد لإمداد حكومة الادارة بالقوة اللازمة ضد السلطة التشريعية ، فأرسل أحد ضباطه على رأس قوة عسكرية الى باريس في آب 1797م وقامت بانقلاب ضمن لحكومة الادارة بموجبه السيطرة على الموقف ومنع الملكيين من القيام بأي عملية انقلابية ضد حكومة الادارة .
أدت هذه العملية لان يصبح نابليون رجل الساعة وسيد الموقف في فرنسا ثم حقق نابليون انتصاراً نهائياً على النمسا بعد أن تقدم إلى جبال الألب مهدداً فيينا في أوائل عام 1797م، وفي 17 أكتوبر من العام نفسه وقّعت فرنسا معاهدة (كومبوفورميو)، التي بموجبها توسعت أراضي فرنسا، وعاد نابليون إلى باريس فاستقبل استقبال الأبطال. بقيت بريطانيا وحدها شاهرة السلاح بوجه فرنسا فوضع نابليون مع حكومة الإدارة خطة لضرب بريطانيا في الشرق باحتلال مصر لتهديد طريق بريطانيا إلى الهند فاحتل مصر عام 1798 ، وقد واجه عددا من المشاكل في مصر وسوريا ، لا سيما بعد تدمير الاسطول الفرنسي من قبل نظيره البريطاني في معركة ابي قير البحرية مما ادى الى انقطاع الامدادات عن القوات الفرنسية في مصر ، وكانت الاوضاع في فرنسا نفسها قد عادت الى التدهور من جديد في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، وانتشرت الفوضى فقرر نابليون العودة الى فرنسا تاركا الجنرال كليبر محله في قيادة القوات الفرنسية في مصر.
3. امبراطورية نابليون بونابرت
كانت الظروف التي وصل فيها نابليون الى فرنسا من مصر شبيه بتلك التي كانت سائدة قبل تدخله لإنقاذ حكومة الإدارة بل يمكن اعتبارها امتدادا لها ، اذ عادت القوى السياسية بمختلف اتجاهاتها تهدد حكومة الادارة وتتنافس للسيطرة على الدولة ، بينما سئم الشعب الفرنسي حالة الفوضى السائدة في المجتمع ،حيث انعدم الامن وانتشر اللصوص والسلب في الطرقات واصبحت المدارس بلا معملين والمستشفيات بلا ممرضات ناهيك عن العجز المالي والتدهور الاقتصادي والخطر الخارجي المتمثل بالتحالف الأوروبي الثاني، لذلك اخذ الناس يتطلعون بعد عشر سنوات من الثورة والحرب إلى إقرار السلم وإقامة حكومة قوية. 
وقد وجد بعض الساسة ان الجيش المتمثل بشخص نابليون هو الأداة التي تعيد الأمور إلى نصابها وفي مقدمة هؤلاء الاب (سييز).
أما عن نابليون فقد دخل باريس فإستقبله الشعب الفرنسي بحماسة بالغة مما جعل نابليون يدرك ان الناس والسياسيون لا يعتبرونه مسؤولا عن الهزيمة في مصر , وإنما يقع عبئ ذلك على السلطة الحاكمة في باريس ومن هنا التقت القيادات السياسية مع نابليون ليمهدوا طريق صعوده إلى الحكم .
انقلاب بريمر
مهّدت لهذا الانقلاب فكرة إقامة حكومة مستقرة ، وكان لا بد من اعادة النظر في الدستور لتحقيق ذلك ، وكان هناك رفض واضح من المجلس التشريعي وبعض أعضاء الإدارة لإجراء مثل هذا التعديل ، وقد رأى مؤيدو نابليون ان الجيش هو السبيل الوحيد لتحقيق ما يريدون فأخذوا يخططون بدقة لقلب السلطة وقاد نابليون وأعوانه السياسيون حملة إعلامية كان الهدف منها إقناع الاطراف السياسية لفكرة التعديل الدستوري , طلب أعوان نابليون من أعضاء المجلس نقِلَ إجتماعهم إلى خارج باريس مدّعين ان مؤامرة تحاك من قِبَلْ اليعاقبة لقلب السلطة ،وهناك تقدم نابليون ليعرض على النواب برنامجه وأهدافه لإصلاح البلاد والقى بهذا الشأن خطابا الا انه فوجئ بنداءات مضادة تحذر من ظهور دكتاتور جديد في شخص نابليون ، عندها طلب رئيس المجلس لوسيان(شقيق نابليون) من الجنود الذين طوقوا مكان الاجتماع بتفريق المعارضين بالقوة ولم يبق سوى المواليين له الذين صوتوا لصالح التعديلات الجديدة ، والتي قررت استلام السلطة من قبل 3 قناصل: (نابليون و سيز وديكو) بدلا من حكومة الادارة.
قابل عموم الناس هذا التغيير الذي عرف بانقلاب بريمر عام 1799 بهدوء تام ولم يظهر أي أسف على حكومة الادارة الضعيفة بل أن الكثير من الفرنسيين استبشروا خيرا بالسلطة الجديدة التي يقف على رأسها نابليون معتبرين ان عهد جديدا قد بدأ في فرنسا ، إلا ان هذا لا يعني أن البعض لم يجد في ذلك بداية لعهد الدكتاتورية العسكرية.
ولإعطاء الانقلاب صفة شرعية، فقد وضع في عام 1799 دستور جديد لفرنسا نص على وضع السلطة التنفيذية بيد ثلاث قناصل ينتخبهم مجلس الشيوخ لمدة عشر سنوات. وقد انتخب المجلس ثلاث قناصل، وهم (نابليون بونابرت و سييس و ديكو)، لتولي السلطة على أن يكون نابليون القنصل الأول ومنحه سلطات واسعة، حق إعلان الحرب وعقد المعاهدات وإصدار القوانين وتعيين الوزراء وكبار الموظفين ورئاسة الجيش، أما القنصلان الآخران فكانا مساعدين له وكانت الهيئة التشريعية، طبق لدستور سنة 1799 مكونة من ثلاث مجالس، مجلس الشيوخ الذين يعينون أعضائه مدى الحياة من قبل القناصل وكانت مهمته انتخاب أعضاء المجلسين الآخرين، ومجلس التربيون الذي يتكون من مائة عضو وتكون مهمته دراسة مشروعات القوانين التي يقدمها مجلس الدولة، أما المجلس الثالث هو المجلس التشريعي الذي يتكون من ثلاثمائة عضو ومهمته التصويت على مشروعات القوانين. وبهذا الشكل المعقد من السلطة التشريعية سيطر نابليون ووزرائه على السلطة.

السياسة الخارجية :
ورث نابليون عن حكومة الادارة مشاكل خارجية تتعلق بالتحالف الاوربي الثاني المكون من ( بريطانيا النمسا ، روسيا ، الدولة العثمانية ) وقد أنسحبت روسيا من هذا التحالف بعد هزيمتها من القوات الفرنسية وكذلك أن بول الاول ( إمبراطور روسيا ) كان من المعجبين بنابليون واصبح صديقا له .
ثم تمكن نابليون من هزيمة النمسا في معركة حاسمة في حزيران 1800 وهددت قواته فينيا مما دفع بالنمسا الى طلب الصلح مع نابليون فعقد صلح (لونفيل) عام 1801م والذي انسحبت فيه النمسا نهائيا من أيطاليا واعترفت بالجمهوريات التي أقامها نابليون فيها ، وبذلك أنهار التحالف الاوربي الثاني ولم يبق صامداً أمام نابليون سوى بريطانيا , وكان نابليون يدرك استحالة الانتصار على لبريطانيا ما دامت السيادة للأسطول البريطاني في البحر لذا قرر فرض حصار بحري على بريطانيا بمساعدة حلفائه الأوربيين ، فكون في كانون 1800 حلفا ضم روسيا والدنمارك والسويد وبروسيا عرف ب( عصبة الحياد المسلح ) لتضيق الخناق على بريطانيا والاضرار بمصالحها التجارية وعزلها عن اوربا ، الا أن هذا الحلف فشل في تحقيق اهدافه لقوة الاسطول البريطاني من جهة ، واغتيال القيصر الروسي من جهة أخرى مما أدى الى أنفراط عقد هذا التحالف.
وعلى الرغم من من فشل مشروع الحصار القاري على بريطانيا الا ان الاوضاع الداخلية فيها أدت الى قبولها عقد الصلح مع فرنسا والذي عرف بصلح ( أميان ) عام 1802م ، والذي أعترفت بموجبه بريطانيا بالتغيرات التي اجراه نابليون في أوربا وقد عد هذا الصلح نصر كبيرا لقنصلية نابليون لحصولها على أعتراف بريطاني بالتغيرات التي حدثت في فرنسا أثر الثورة الفرنسية.
الامبراطورية النابليونية 
ظهرت الامبراطورية الفرنسية للوجود مع تتويج نابليون بونابرت إمبراطورا لفرنسا في الثاني من كانون الاول 1804م وقد مهدت لظهور الامبراطورية النابليونية عوامل خارجية وداخلية هي :
أولاً: العوامل الخارجية :
1ـــ عدم التزام بريطانيا ولفرنسا بصلح أميان حيث بدأ كل طرف يتصرف وفق مصالحه الخاصة دون الاهتمام بمعاهدة الصلح .
2ـــ أظهرت تحركات نابيلون لبريطانيا عن تصميمه لتحويل موازين القوى أوربا والشرق لصالح فرنسا حيث بدا يتطلع لترسيخ اقدام فرنسا في المستعمرات وعقده معاهدات صداقة مع دول الشرق وهو الامر الذي رات فيه بريطانيا تهديدا لمصالحها مما دفعها الى معاداة فرنسا واصبحت ملجا لانصار الملكية الهاربين من فرنسا.
3- رأى الشعب الفرنسي في هذه الاحداث والموقف البريطاني المعادي للثورة والمؤيد لعودة ال بوربون للحكم تهديدا لفرنسا ، مما دفع بالشعب الى التفكير بتعزيز مكانة نابليون من خلال اعلانه امبراطورا للبلاد .
العوامل الداخلية : 
1- ظهور عدد من المؤامرات الداخلية المدعومة من بريطانيا للإطاحة بحكم نابليون من خلال محاولات اغتياله .
2- كشفت هذه المؤامرات للشعب الفرنسي جسامة الخطر المحدق بفرنسا لا سيما وان عدد من القادة السياسيين والعسكريين كانوا ضالعين فيها .
3- وجد الشعب والمجلس التشريعي ان افضل حل لقطع دابر هذه المؤامرات وتقوية النظام هو جعل الحكم وراثيا مما يفقد الملكيين كل امل في استعادة العرش .
4- وفي اقتراح من احد اعضاء المجلس التشريعي تم ادخال المبدأ الوراثي في الحكم في عام 1804 وفي السنة نفسها منح نابليون لقب الامبراطور وجرى تتويجه في كانون الاول 1804 من قبل البابا بيوس الثاني عشر .
4. سقوط نابليون
حروب الامبراطورية النابليونية :
لم يستمر صلح اميان بين فرنسا وبريطانيا طويلا واخذت العلاقة بينهما تزداد سوءا لاسيما بعد احتلال فرنسا لبعض الموانئ ذات الاهمية التجارية لبريطانيا في هولندا وايطاليا وسواحل هانوفر ، واخذ نابليون يعد العدة لغزو الجزيرة البريطانية وكانت خطته تقوم على اساس ابعاد الاسطول البريطاني والقيام بأنزال سريع على الشواطئ البريطانية بعد ان يقوم الاسطولان الفرنسي والاسباني باستدراج الاسطول البريطاني بعيدا عن الساحل البريطانية الا ان هذه الخطة فشلت عندما انتصر الاسطول البريطاني على الاسطولين الفرنسي والاسباني في معركة (الطرف الاغر) بالقرب من السواحل الاسبانية في تشرين الاول 1805 وكانت بريطانيا قد اقنعت النمسا وروسيا بالدخول في حلف معها ضد نابليون عرف ب(التحالف الاوربي الثالث).
وقبل محاولة غزو بريطانيا، أمر نابليون جيشه المتمركز بشمال فرنسا بالزحف سرًّا على ألمانيا، فأحاط الجيش الفرنسي بالقوات النمساوية التي كانت على وشك أن تُهاجم فرنسا، قاطعًا بذلك خطوط التواصل بينها، وهزمها هزيمةً كبيرة بتاريخ 20 أكتوبر سنة 1805 في معركة" أولم". 
وبعد ستة أسابيع من هذه الحادثة، وفي اليوم الذي يوافق الذكرى الأولى لتربع بونابرت على العرش، هزم الجيش الفرنسي الجيشين النمساوي والروسي في واحدة من اشهر معارك التاريخ "معركة أوسترليتز". كانت نتيجة هذا الانتصار أن انتهت حرب التحالف الثالث، فأمر نابليون عند ذلك بالبدء ببناء قوس النصر في وسط مدينة باريس لتخليد ذكرى هذا النصر، ثم توجه إلى مدينة ?يينا عاصمة النمسا، وفرض عليها شروطًا قاسية للصلح. اضطرت النمسا إلى أن تتنازل عن المزيد من الأراضي لصالح فرنسا، وأن توقع على معاهدة سلام پراسبورغ التي قضت نهائيًا على الإمبراطورية الرومانية المقدسة وأدّت لولادة "اتحاد الراين الذي سُمي نابليون "مرشدًا" و"حاميًا" له.
التحالف الاوربي الرابع 
تشكل التحالف الرابع لمحاربة فرنسا في سنة 1806، بعد هزيمة النمسا وروسيا في معركة أوسترليتز، وضمّ كل من:( بروسيا، روسيا، بريطانيا، ساكسونيا، السويد، وصقلية) وفي ذات السنة وقع خلاف بين نابليون وبروسيا، فتقدمت الجيوش الفرنسية بسرعة خاطفة وهزمت البروسيين في "معركة يينا" واحتلت عاصمتهم برلين، فانسحب "فريدريك وليم الثالث" ملك بروسيا إلى ناحية الشرق كي ينضم لحليفته روسيا التي أرسلت جيشًا لنجدته..
فالتقى نابليون بالجيشين الروسي والبروسي معًا في معركة (فريدلاند)، وبعد هذا النصر الحاسم، أبرم نابليون معاهدة عُرفتا باسم "معاهدة تلست" ، فاقتسم بموجب إحداها السلطة في أوروبا مع القيصر الروسي "ألكسندر الأول"؛ أما الثانية التي أُبرمت مع بروسيا، فقد اقتطع جزء من اراضيها وفرض عليها تعويضات حربية باهظة وهكذا انتهى التحالف الأوربي الرابع.
اما اهم اسباب انتصار نابليون في معاركه امام الجيوش الأوربية فيمكن اجمالها بما يلي :
1- ضعف التحالفات الأوربية نتيجة الخلافات السياسية بين الدول الأوربية
2- عدم وجود قيادة موحدة عسكرية للجيوش المتحالفة
3- ايمان الجيش الفرنسي بانه يحمل رسالة سامية فضلا عن تناسقه وانضباطه العالي
4- قوة الجبهة الداخلية في فرنسا .
5- كان لذكاء نابليون وقدراته ومهارته العسكرية الفائقة وشعبيته الواسعة اثر كبير في الانتصارات الفرنسية.
الحصار القاري
لمّا أخضع نابليون أوروبا كلها تقريبًا لسيطرته وعجز عن بريطانيا، عمد إلى محاربتها اقتصاديًا. فحرّم على جميع الدول الأوروبية المتاجرة معها، عن طريق إصداره ل(مرسوم برلين)، حرم بموجبه جميع أعمال التجارة كالاستيراد والتصدير مع بريطانيا كما حرم على السفن البريطانية الرسو في الموانئ الاوربية وستصادر بضائعها واعلنت كل من روسيا وبروسيا والنمسا والسويد والدنمارك التزامها بمراسيم الحصار القاري. إلا أن هذه الحرب الاقتصادية لم يُكتب لها النجاح، إذ أن بريطانيا ردّت عليه بالمثل، فمنعت المتاجرة مع فرنسا، وضربت حصارًا على القارة الأوروبية، كذلك نشطت أعمال التهريب من وإلى بريطانيا، ولم يستطع ضبّاط الجمارك الفرنسيون أن يفعلوا شيءًا لإيقافها، كما واجهت نابليون مشكلة عدم التزام بعض الدول الاوربية بالحصار ومنها البرتغال التي قرر نابليون مهاجمتها بالاتفاق مع اسبانيا فاحتلها بسهولة ثم قرر احتلال اسبانيا ايضا فابقى جيشه فيها بحجة الحلف القائم بين الدولتين، وأجبر ملكها "كارلوس الرابع" على التنازل عن العرش، وتوّج أخاه "جوزيف" ملكًا عليها في سنة 1808 الا ان هذه المسالة كانت بداية النهاية لنابليون فقد ثار عليه الشعب الاسباني الذي حصل على مساعدة بريطانيا ومن ثم تبعه شعب البرتغال في الثورة المسلحة وتمكن الثوار من تحقيق الانتصارات على القوات الفرنسية وكانت هذه الانتفاضة بداية لانتفاضات قومية في جميع انحاء اوربا ضد نابليون ادت الى فشل الحصار القاري.

عوامل الضعف في امبراطورية نابليون وسقوطها :
1- بدايات الضعف
كانت معركة بايلن التي انهزم فيها الفرنسيون امام المقاومة الاسبانية في تموز 1808 وخروجهم من العاصمة مدريد تمثل الصدع الاول في امبراطورية نابليون حيث كان لها صدى واسع في اوربا شجع الدول الاوربية على التخلص من حكم نابليون.
فعندما كان نابليون منهمكًا في إخضاع الثورة الإسبانية، قامت النمسا فجأة بفض تحالفها مع فرنسا وبدعم من بريطانيا بعد ان تحالفت معها في التحالف الاوربي الخامس ، وذلك في شهر أبريل من عام 1809، وهبت للانقضاض على بونابرت بتحريض من بريطانيا، فاضطر نابليون إلى أن يترك إسبانيا ويقود الجيش الفرنسي ليقهر الجيش النمساوي في "معركة وگرام". توجه نابليون بعد انتصاره إلى مدينة ?يينا، عاصمة النمسا، حيث أملى شروط الصلح ووقع مع النمساويين "معاهدة فيينا" في تشرين اول 1809، التي قضت بسلخ أجزاء مهمة أخرى من الإمبراطورية النمساوية المجرية وكانت انتصارات نابليون هذه المرة غاية في الصعوبة ولم يتمكنمن التوغل في النمسا.
كما ان تذمر الشعوب الاوربية من الضائقة الاقتصادية التي كانت تعيشها نتيجة الحصار القاري ،فضلا عن مطالبات نابليون بالأموال اللازمة لحملاته العسكرية ، دفعها للتحرك من اجل التخلص من قيود ذلك الحصار .
2- حملة روسيا ومعركة الامم:
بدأت العلاقات تتدهور بين نابليون وقيصر روسيا الكسندر الاول لأسباب منها عدم ايفاء نابليون بوعوده للقيصر الروسي بتحقيق مطامعه بالسيطرة على الاستانة ومضائق البسفور والدردنيل للوصول الى المياه الدافئة وكذلك فان الحصار القاري قد اضر بروسيا كثيرا باعتبارها بلدا زراعيا وبحاجة الى المواد الصناعية فاضطر القيصر الى السماح بدخول البضائع الانكليزية عام 1811 فاعتبر نابليون ذلك عملا عدائيا وخروجا على صلح تلست ثم طالب القيصر من نابليون بالتخلي عن تنظيماته في المانيا ( اتحاد الراين) وان يجلو بجيوشه عن بروسيا فكان رد نابليون ان هيأ جيشا تعداده 700000مقاتل من مختلف القوميات الاوربية لغزو روسيا عام 1812 فانتصر على الجيش الروسي في معركة سمولنسك وانسحب الروس الى داخل اراضيهم الواسعة وتبعهم نابليون حتى دخل موسكو فوجدها خالية من السكان وانتظر ان يعرض عليه القيصر الصلح لكنه لم يفعل وبعد شهر انسحب الجيش الفرنسي من موسكو بعد أن بلغت نابليون أنباء مقلقة عن اضطراب الأوضاع في فرنسا وخوفه من فقدان سلطته.
عانى الفرنسيون معاناة كبيرة أثناء انسحابهم وذاقوا الأمرّين، إذ تعاون برد الشتاء الروسي القارس حليف روسيا الصامد والمرض وهجمات الفلاحين القوقاز عليهم على إفناء الجيش فلم يسلم منه إلا عدد قليل حيث لم يصل منهم الا 100000 جندي .
ثم شكلت الدول الاوربية تحافا جديد ضد نابليون عرف ( بالتحالف الاوربي الخامس) وتكون (من بريطانيا روسيا وبروسيا النمسا) وقد واجه نابليون هذا التحالف بقوات قليلة الخبرة لان أغلبها كانوا شبابا صغار السن .
وفي تشرين الاول 1813م ، وقعت معركة ( لا يبزك) أو ما يعرف بمعركة الامم ودامت اربعة ايام وانتهت بهزيمة نابليون وتراجعه الى داخل حدود فرنسا القديمة فتواصلت الجيوش الاوربية تقدمها واحتلت باريس في آذار 1814م حيث أعلن نابليون عن تنازله عن العرش وسافر الى جزيرة البا.
ثم عقدت معاهدة باريس الاولى في أيار 1814م والتي تم فيها أعادة النظام الملكي الى فرنسا بزعامة لويس الثاني عشر ولم تكن شروط هذه المعاهدة قاسية لان الحلفاء لم يرغبوا بإثارة الشعب الفرنسي ضد ال بوربون .
ولم يراع لويس الثامن عشر مشاعر الشعب الفرنسي وعقائده الجديدة التي أنتجتها الثورة الفرنسية أذ وضع دستورا أعلن نفسة بموجبه ملكا وفق نظرية الحق الالهي ومنح النبلاء مناصب وامتيازات كبيرة وفرض الرقابة على الصحافة واعاد علم ال بوربون الابيض .
أما في المجال الاقتصادي فقط تأزمت الامور وانتشرت البطالة وصار الشعب يتمنى عودة نابليون وكانت الدول المنتصرة قد فشلت في التوافق في مؤتمر فينيا عام1814م ، ودب الخلاف فيما بينها فشجعت هذه الاوضاع نابليون على العودة الى فرنسا فدخل باريس في أذار 1815م وعاد الى استلام الى السلطة بعد هروب لويس السادس عشر الى بلجيكا فسارعت الدول الاوربية الى نسيان خلافاتها لتجهيز حملة عسكرية لإسقاط نابليون وقد التقت هذة القوات مع الجيش الفرنسي في معركة واترلو الفاصلة في حزيران 1815م والتي انتهت بهزيمة نابليون وانتهى عهده الى الابد بنهاية المائة اليوم الأخيرة من حكمه حيث حملته الى منفاه في جزيرة ( سانت هيلانة)والتي توفي فيها 1821م .
أما الحلفاء فقد دخلوا باريس في تموز 1815 وفرضوا على فرنسا معاهدة باريس الثانية والتي نصت على أن تدفع فرنسا غرامة فرنسية واعيد جدودها الى حدود عام 1790 واعيد لويس الثامن عشر الى الحكم.
أسباب سقوط نابليون
1ــــ كان نابليون شديد الاعتماد على نفسه مؤمنا بذاته ولم يكن يثق بأقرب رجاله ولاتساع إمبراطورتيه فقد كان من الصعب عليه ادارتها بأكمل وجه.
2- حمل نابيون الشعوب الخاضعة له أكثر من طاقتها حيث استنزفت حروبه الكثير من أموالها ورجالها كما أن طول فترة الحرب أدت الى تذمر الجيش الفرنسي وانعدام الحماسة لدية.
3ـــ كان للحصار القاري وما أفرزه من نتائج من العوامل المهمة في سقوط نابليون.
4ـــالانتفاضات القومية للشعوب القومية .
5ـــــ عدم أهتمام نابليون في مشاعر الشعوب وتنصيب قاربه ملوكا عليه أدى الى سخط هذه الشعوب عليه وسقوطه

هناك 4 تعليقات:

يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر

ابحث في الارشيف

الدانة نيوز الصفحة الرئيسية

الدانة نيوز الصفحة الرئيسية
الدانة نيوز هي اداة اعلامية تشكل مدخلا لمعرفة ما يدور في العالم على جميع الاصعدة والمجالات

احدث الاخبار .. الشبكة الاعلامية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

العالم الجديد

صفمة المقالات

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

مشاركة مميزة

ما هي الروح ... لا وجود للروح

ما هي الروح ... لا وجود للروح ما هي الروح من انتم لتفسروا ما هي الروح ؟؟ علق بعض السادة المحترمين على موضوع خرافة الروح وتاكيد...

تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

اعلن معنا

سلايدر الصور الرئيسي

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك

خدمات نيو سيرقيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اهلا ومرحبا بكم

وكالة انباء الدانة – مؤسسة عربية مستقلة – متخصصة في الاعلام والعلاقات العامة

ابحث في الموقع عن المواضيع المنشورة




لقاء مع المفكر التوسي يوسف الصديق

* * * المفكر التوسي يوسف الصديق: المصحف عمل إنساني يختلف عن القرآن ويجب الإطاحة بالأزهر والزيتونة