وفيما نتصفح قصص "الخلق" و"آباء إسرائيل" المؤسسين نرى أيضًا كيف هيمنت الأساطير المصرية على التفسيرات والمعتقدات العبرانية في تاريخها المبكر
* النبى "موسى" ترعرع داخل البلاط المصري و"سليمان" تزوج من ابنة الفرعون
*الأساطير المصرية أثرت على التفسيرات والمعتقدات العبرانية
*علماء اللاهوت والمختصون فى علوم المصريات تغافلوا عن كشف التأثيرات المصرية القديمة في رواية التوراة
*الأساطير المصرية أثرت على التفسيرات والمعتقدات العبرانية
*علماء اللاهوت والمختصون فى علوم المصريات تغافلوا عن كشف التأثيرات المصرية القديمة في رواية التوراة

ويتناول الكتاب والذى قامت المترجمة دينا إمام بنقله للغة العربية، والصادر عن دار العين للنشر، قصص العهد القديم بالفحص والتمحيص، لإظهار الطابع الأسطوري لهذه الروايات، ويحاول الكتاب أن يبسط العديد من الفرضيات التى يتفق على صحتها معظم علماء اللاهوت، إلا أنه يعرض فى العديد من الحالات الأخرى وجهات نظر جديدة تجاه بعض الأمور المحيرة التى لم يبحثها المجتمع الأكاديمي بشكل جيد بعد، لينصب اهتمام البحث بشكلٍ خاص على إظهار التأثير العظيم للأساطير والكتابات المصرية القديمة على التاريخ المبكر للعهد القديم وهو الأمر الذى تجاهله.
ويقول الباحث: "يلجأ البشر لقراءة الكتاب المقدس "the Bible" لأسباب شتى، فبعضهم يبحث عن الهدى والرشاد فى حكمه المبطنة، وبعضهم يسعى لتذوق فنه الأدبي في السرد والشعر المرسل، ولم يزل البعض الآخر يرى فيه صورة من صور التاريخ المكتوب عن أصل جذورنا الحضارية، فيما يرنو له الكثيرون لتبصر أحوال حضارات غابرة ومطالعة حياة شعوبها، لكنه يظل بالنسبة للملايين، كلمة الرب المعصومة من الخطأ، التي يجب إطاعة وصاياها بكل تقوى، والتى لا بد لتعاليمها أن ترشدنا لتنظيم مجتمعنا، مع ذلك فهناك من يدرسون علوم الكتاب المقدس لأهداف بحثية ترمى لتحديد شخصيات كتبته، وعصور كتابته وما فيه من وقائع حقيقية وكيفية تحولها للشكل الحالي، بالنسبة لهؤلاء تبدو تلك المهمة كأنها مجموعة معقدة من الأحاجي التى يبقى معظمها مستغلق على الحل".

أما الفئة الثالثة، فكانت لتلك القصص وثيقة الصلة بروايات مبكرة، وقد بحث عنها بين الأساطير والخرافات الواسعة الانتشار في الحضارات المجاورة، وإن كانت هذه التأثيرات قد أظهرت بجلاء أحيانًا، كما هو الحال في أسطورة "الطوفان البابلي"، فهي صعبة التبيان في أحيان أخرى، وذلك بسبب تشدد كتبة التوراة في منظورهم التوحيدي للديانة اليهودية، إذ محوا كل الرموز الملازمة للآلهة غير العبرانية من تلك القصص، كذلك حولوا الآلهة الوثنية إلى شخصيات بشرية، وفي أحيان أخرى قاموا باستبدال الأماكن الجغرافية للأساطير الأصلية. ويوضح "جرينبرج" أن هذا الأسلوب نجح بإخفاء حقيقة أصل القصة التوراتية، مما صعب عملية اكتشاف الأصل الأسطوري لها، إلا أن كتبة التوراة غالبًا ما ارتبكوا أخطاء في الرواية أظهرت بعض الدلائل على هذا الأصل الأسطوري، فبقيت إمكانية تجريدها من هذا الغموض.
أما الفئة الثالثة، فهى تلك القصص المستحلية الحدوث، وفي هذه الحالة انصب تركيز الباحث على المعلومات المستقاة من الأبحاث الأثرية، التي تشير لوقوع هذه الأحداث المذكورة في "العهد القديم"، بصفتها أحداثًا حقيقة جرت في زمنٍ بعينه، تضمنت العديد من هذه القصص وصفًا لتدمير مدن من تلك المعادية لـ"إسرائيل" في خضم الحملات العسكرية الإسرائيلية في منطقتي الأردن وكنعان، وأشارت الدلائل الأثرية إلى عدم وجود هذه الأماكن في عصر موسى ويوشع.

ويذكر أيضًا أن "موسى" ترعرع داخل البلاط المصرى وحمل من أفراط سبطه المدعو "لاوي" أسماء مصرية، وتزوج "سليمان" من ابنة فرعون وشيد لها معبدًا فى "القدس" حوى كما هو بديهى فيضًا من الكهنة وخدام المعبد من المصريين، وعندما فر "يربعام" من "إسرائيل" هربًا من غضب "سليمان" لجأ إلى مصر قبل أن يقود إسرائيل للانفصال عن "يهوذا".
ويشير "جرينبرج" إلى أنه تاريخيًا كان لـ"مصر" تأثير قوي على "كعنان" من قبل زمن "الخروج" وحتى أواخر الألفية الأولى قبل الميلاد، ولقد عثر سبيل المثال على ختم من القرن الثامن قبل الميلاد يعود لأحد المسئولين العبرانيين من داخل بلاط الملك "هوشياع" الإسرائيلي في العام 730 ق . م يظهره مرتديًا المئزرة المصرية وفوقه الأيقونة المصرية المجنحة التي تحمل دلالة واضحة على قوة التأثير المصري على البلاط في مملكة إسرائيل، وفيما نتصفح قصص "الخلق" و"آباء إسرائيل" المؤسسين نرى أيضًا كيف هيمنت الأساطير المصرية على التفسيرات والمعتقدات العبرانية في تاريخها المبكر، تلك التأثيرات تعود بنا للتساؤل عن أصول المعتقدات التوحيدية لدى العبرانيين. فكيف ومتى وأين نشأت تلك المعتقدات؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر