حلمي النمنم
«ملتقى تجديد الخطاب الثقافي»... ترميم ما فشلت فيه السياسة
نظّمه «الأعلى للثقافة» في مصر بمشاركة 130 باحثاً ومبدعاً عربيّاً وأجنبيّاً
الكاتب:| القاهرة ـ من إسلام أنور |
أمل الصبان: يجب ممارسة فضيلة النقد الذاتي
واستلهام تجارب الغير وليس نقلها حرفيّا أو استيرادها جاهزة
عز الدين ميهوبي: التاريخ هو المستقبل
وحتمية تغيير الخطاب الثقافي يجب أن تنتج في الأفق الذي يقدم بدائل
بمشاركة أكثر من 130 باحثا ومبدعا من العرب والأجانب،
نظم المجلس الأعلى للثقافة في القاهرة، الدورة الأولى للملتقى الدولي لتجديد الخطاب الثقافي.
وقال وزير الثقافة في الحكومة المصرية حلمي النمنم: «إننا نلتقي بكوكبة من المفكرين والأدباء والمثقفين، وعندما فكّرنا في عقد هذا الملتقى كان هناك تصور بأن يكون الملتقى لتجديد الخطاب الديني، وكان التصور أن الخطاب الديني جزء من الخطاب الثقافي، وكنا نتحدث عن ثقافة عربية، ولكنا اكتشفنا أن القضية هي تجديد الخطاب الثقافي العربي، وهذا عنوان يثير العديد من التساؤلات».
وأضاف: «فكّرنا في هذا الملتقى انطلاقا من أزمة حقيقية لا يمكن إنكارها، فنحن جيل تربّى على أن هناك أزمة واحدة هي القضية الفلسطينية، التي ينبغي أن تُحل، ولكنها تزداد صعوبة، لكن اليوم هناك أزمات أخرى في العراق وسورية وليبيا، وأزمة في كل مكان في العالم العربي تقريبا، وواجب الثقافة والمثقفين أن نعمل على الخروج من تلك الأزمة، التي تحّلت بشيوع مدرسة ثقافة الموت، كما لدينا مدرسة أخرى ظهرت وهي مدرسة الاستعانة بالأجنبي ليّصدر إلينا الحرية والديموقراطية».
وأشار، إلى إنها قد جُرّبت في العراق العام 2003 ثم في ليبيا وفشلت معا، ولا يبقى سوى المدرسة الوطنية الثقافية، وهذا ما دفعنا إلى عقد هذا الملتقى.
وتابع: «كما نعلم، التجديد يثير تساؤلا: إلى أي حد وبأي معنى؟ هل يشمل الظاهر فقط أم ينغمس في الأعماق؟، وهل هناك خطاب ثقافي واحد أم هناك خطابات متعددة، والثقافة ذاتها بأي معنى نفهمها؟».
وقال وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي: «إن تجزئة التاريخ تُعتبر تفتيتا للهوية واستحداثا لمرجعيات كثيرة دفعت ثمنها دول وشعوب فترات طويلة من التمزق، فالتاريخ هو المستقبل، وحتمية تغيير الخطاب الثقافي يجب أن تنتج في الأفق الذي يقدم بدائل ولا نكتفي بالنقد من أجل النقد، واشتراك المفاهيم المستهلكة، وهنا لا بُد أن يراعي الخطاب التزامه بعصره وأسئلته وإطلاق ورش حقيقية فعالة تركز على التفاعلىة المنتجة للقيم المضافة للمجتمع ومشاركة المواطنين في القضايا والمشاريع التي يتحدد على ضوئها المستقبل.
وأكد، أنه يجب علينا مراقبة مكوناتنا الثقافية، مثلما نراقب مكونات الماء، علينا أن نتساءل عن مكونات الثقافة العربية، وهي «الدين ـ اللغة ـ الجغرافيا»، فإن اختلفنا في الديانات والجغرافيا فإن التاريخ واللغة شكلا من أهم مكونات الثقافة العربية التي من خلالها يمكن أن نستعيد كل اختلافاتنا الدينية، فاللغة والتاريخ هما عنوان الثقافة العربية التي يمكن من خلالهما التواصل مع الآخر.
وأعرب، عن سعادته بدعوة الجزائر للمشاركة في مؤتمر تجديد الخطاب الثقافي، لبحث سُبل الحلول للقضايا التي يعاني منها العالم العربي، ودفعًا للتعاون بين البلدين المتميزة في مشهد الثقافةالعربية، فقد شكّلت الثقافة، ولاتزال، روح المجتمعات وتطورها، ذلك أنها المحفز الأهم لتحريك فكر الخلق والإبداع، وهي الدافع الرئيس لتأسيس قيم إنسانية رفيعة داخل المجتمع الواحد أو بين مجتمعات عدة، فالثقافة بالأساس لا تقتصر على الإبداع الأدبي أو بمختلف الأشكال التعبيرية فقط، بل تعدت إلى مختلف أشكال العلوم المادية والمعرفية المحسوسة.
كما أكد، أننا لن نصل بمجتمعاتنا لتحقيق جملة من الأهداف والغايات ما لم تحترم نخبة من أفرادها الذين يقومون باستفزاز مخيلا جمعيّا وتحفيزها لعملية الخلق والإبداع، باعتبارها جوهر الثقافة العربية، ولعل كثيرا من المجتمعات التي أحست بشكل من التشكل الفني والأدبي وحتى العلمي، خرجت من التاريخ وصناعة التاريخ.
وقالت أمين عام المجلس الأعلى للثقافة الدكتور أمل الصبان: «هذا الملتقى الذي نسعى فيه إلى وضع استراتيجيات لتجديد الخطاب الثقافي وتحديد آلياته الفاعلة على أرض واقعنا العربي، وفي نفوس أفراد مجتمعاتنا بكل طبقاتها وفئاتها. ويجيء هذا الملتقى في حينه تماما بعد قيام ثورات الربيع العربي التي تشير إلى رغبة وعزيمة في النهوض والتطور، وإلى طموح نحو صناعة واقع أفضل لمجتمعاتنا، بل رغبة وطموح شعبي للنهضة والتغيير نحو الأفضل، وتحسين واقعنا الاجتماعي ومزيد من المشاركة في الواقع الحضاري الراهن. لذلك أصبح تجديد الخطاب الثقافي ضرورة لا غنى عنها. وهذا ما حدا بنا إلى تنظيم هذا الملتقى، الذي نأمل أن يثمر عددا من الأفكار والأطروحات يصوغها المشاركون في الملتقى في دورته الأولى على مدار أيامه الثلاثة».
ودعت «الصبان»، إلى ممارسة فضيلة النقد الذاتي، واستلهام تجارب الغير وليس نقلها حرفيّا أو استيرادها جاهزة؛ لأن الاستلهام هو أحد المهام الأصيلة للمثقف وأحد آليات العمل الثقافي بشكل عام، إذ إن رؤية الذات في مرآة الآخر تفُكُّ الذات من أسْرِ العُزلة وتُحرر الوعي من أوهام الكمال الكاذب، فيتم إدراك الذات بشكل أفضل.
وأشارت رئيسة حلقة الحوار الثقافي في بيروت الهام كلاّب، إلى إن العلاقات «المصرية ـ اللبنانية» تمتد إلى عمق التاريخ الحضاري، وهي علاقات حضارية وثقافية، حين شكلّت المدن الفينيقية صلة الوصل والتبادل بين الأبجديات الأولى، وجسر لقاء وتفاعل بين حضارات عريقة، أرست للحضارة الإنسانية إرثا ومسارا.
وقالت: «إن حلقة الحوار الثقافي هذه الجمعية الثقافية الرائدة في المجتمع المدني، تشكل مثالا يجمع كل أطياف المجتمع اللبناني، بانسياب وأُلفة وإبداع، التي أرست مع مصر علاقات ثقافية وثيقة في مؤتمرات مشتركة، ونحن نلتقي اليوم في مؤتمر يحمل عنوانا محفّزا يثير التفكير، فحلم تجديد الخطاب الثقافي موضوع يستوقفنا بإمعان عند تعابيره الثلاثة «الثقافة ـ الخطاب ـ التجديد»، فالثقافة كلمة تستبطن في ثناياها أزمة العالم المصاب بتشققات الحروب والعنف والإرهاب، كما تحمل أمل خلاصه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر