الدولة التسلطية في الوطن العربي (1)
النظم العربية كلها متشابهة رغم بعض التباينات
----------------------
ما يمكن به تفسير الأنظمة العربية هو نفسه نادى به عدد كبير من الفقــهاء والباحــثين وهو أقصى ما يطمح إليــه الإنسان العربي أن يتمتع بالأمن والاستــقرار في ظل حــاكم مستبد يتصدى لجشع الأقوياء، ويشــعر الجــميع بواجب الطــاعة إليه خوفا من عقابه.
استمر موروث «المستبد العادل» طويلا في الفـكر العربي الحديث، وما زال حاضرا بقوة في دراسات تصف بنية النظــام الســياسي العربي بأنها تسلطية وتجدد نفسها بأشكال مختلفة على امتــداد الوطن العربي. فــباتت الأنظــمة السياســية العربية متشــابهة إلى حد بعيــد، رغم توصيــفها بين نـــظم ملــكية أو جمهــورية. وذلــك يطرح تساؤلات منهجية حول مستـقبل هذا النـظام في عصر العولمة منها:
1ـ أن البنى الاقتصادية والاجتمـاعية القــبلية والــطائفية ساهمت في توليد النظم السياسية التســلطية العربية. مما يعطي أهمية استثنائية لمقــولات ابن خلدون عن العصــبية، والــبداوة، وأطوار الدولة، والعمران الحضري، وتحول العصبية القبلية المتحالفة مع العصبية الدينية إلى ملك. وبرز تشابه لدرجة التطابق في البنى السياسية العربيــة التي تولدت عنها أنظمة تسلطية تمارس الحكم على طريقة زعيم القبلية المســتبد لا الــعادل. وما زالت الشعوب العربية تعيش حالة مزرية من الفقر، والأمية، والبطالة كما دلت جميع تقارير التنمية العربية الصادرة عن الأمم المتـحدة خلال السنوات الماضية
الدولة التسلطية في الوطن العربي (2)
هدر الامكانات الاقتصادية
ليس من شك بأن شرعية الدولة العربيــة ليــست نتاج علاقة سليمة مع مواطنيها، لأنهم لا يعاملون كمواطــنين بل كرعايا لدولة تسلطية تجيد كل أشكال القمع، ولا تقدم الحد الأدنى من العدالة والمساواة والرعاية الاجتماعية.
وبرزت فــوارق هائلة بين القوى التسلطية والجماهير الشعبية التي تشكو غياب الخدمــات على أنواعهــا، وفرص الــعمل، وتدني الدخل الفردي ومستوى التعليم وغيرها.
بالمقابل، تكدست ثروات طائلة من الأمــوال النفــطية وغيرها، لكنها لم توظف في عملية التــنمية البشرية والاقتــصادية المستدامة داخــل الوطن العربي بل نُقلت إلى الخارج، واستــخدم قسم كبير منها في البورصة، وشراء الأسلحة التي لم تســتخدم في المعـارك القومــية، وفي شراء الســلع الاستهلاكية الغالية الثمن والقصور الفاخرة. فانتــهى مفـعول الطفرة النفــطية الأولى والثــانية إلى هــدر للإمكانات الاقتصادية المتوافرة في بلاد العـرب دون تطــوير ملحوظ للبنى الاقتصادية والاجتــماعية.
الدولة التسلطية في الوطن العربي (3)
المستبد العادل ...
صيغة المستبد لا العــادل هي التي سادت في الوطن العربي. وقد بدأت فردية عــبر زعماء الأسر الحاكمة وشيوخ القــبائل، ثم تطــورت إلى حكم عسكري عبر الانــقلابات المتلاحـقة في أكثر من بلد عربي. ورفعت في البداية راية الإصلاح السياسي والاقتصادي والتحديث الاجتماعي، لكنها سرعان ما تحولت إلى معوق أساسي للحداثة السليمة، والديموقراطية، وبناء الحــكم الصالح. واتجه بعضها إلى بنـاء الحــزب الواحــد، وأوكـــل إدارة الــحكم إلى أجــهزة الاستخــبارات التي باتــت الحاكم الــفعلي في الوطــن العــربــي. وقطــعت الطريق أمــام أي تغــيير ديــموقراطــي، وأقــامت شــبكة من العلاقات الممــتازة في ما بيــنها، وحدّثت أجهزة القمع حتى باتت أفضل مما هي عليه في الدولــة المتطورة
الدولة التسلطية في الوطن العربي (4)
تحــديث النظام التسلطي
------------
أصبح شعار «تحــديث النظام التسلطي»، الهاجس الرئيسي لكل مـن تسلــم السلــطة في أي بلد عربي. فالنــظام لا يحــمي نفــسه عبر ضمان الحقــوق الفـردية والجــماعية، ونشر العدالة والمســاواة، وروح المواطــنة، والتنمية المستدامة بل بالقمــع وحــده. فالحاكم العــربي القــوي هو الذي يضمن لنــفسه الاستــمرارية في الســلطة أطول فــترة ممكنة، ويمارس كل أشكال التسلط لضمان الاستقرار الداخلــي، وتأمــين الوراثة من الآباء إلى الأحــفاد.
ويُغيّب الفرد المســتقل أو المواطن الحــر بــصورة شــبه تامــة بحيث بات عاجـزا عن القــيام بأي دور فاعــل في عمـلية التــغيير الســياسي والاجتماعي. وما زال النظام التســلطي العربي يخوض معركة مفتوحة ضد ثقافــة التغــيير والمثقــفين المتــنورين، وإجبــارهم عــلى السكوت تحت طائلة السجن، والتهــجير، ومصـادرة أعــمالهم الإبداعية. فيما فتحت أبواب الوظائف العــليا وجمــع الثروة أمام أعداد كبيرة من المثقفين الذين ساندوا السلطة، وتســلموا وزارات الدولة، وباتوا أعضاء في مجالسها البرلمانـــية بعدما أعلــنوا ولاءهم التام للنظام التسلطي، وكالوا المديــح لقادة مـستبدين دون أن يكـونوا عادلين
التسلطية في الوطن العربي (5)
السيطرة بوسائل الترغيب والترهيب وتغييب المواطن العربي
---------------------
نـــجح النظــام التسلــطي في السيــطرة عــلى مؤسسات المجتمع الأهلي ومؤسـسات المجتــمع المدني، عبر مختــلف وسائل الترغيب والترهيب، وإلحاقها قسريا بأجـهزة الدولة التســلطية.
كما نجح أحيانا في تهدئة العصبيات القبــلية والطائفية الموروثة إبان مرحلة الاستقرار، ثم استفاد من تناقضاتها الكثيرة في زمن الأزمات الحادة.
فلم يسع الزعيم التسلطي أبدا إلى ضرب العصبيات التقليدية السابقة على ولادة الدولة العربية الحديثة، واعتبرها، إلى جانب الأجهزة الأمنية، خط الدفاع الثاني عنه.
ويواجه الآن معركة مصـيرية في زمــن العــولمة والتــكتلات السياسية والاقتصادية الكبيرة التي تسعى إلى نشــر ديموقراطية تتلاءم مع طبيعة النظام العالمي الجديد. ومع إســقاط النــظام العراقي، والبدء بمحاكمة نظام البشير في السودان أمام محكمة دولية، شعرت بعض الأنظمة العربية بمصير مشابه، وكأن هــناك مخططا لتفكيك المنطقة العربية بهدف إدماجها قسريا بمشروع الشرق الأوسط الجديد.
نخلص إلى القول إن النظام التسلطي، فردا كان أم حزبا، أو جماعة انقلابية، ساهم في تغييب المواطن العربي الحر الذي يشكل القاعدة الأساسية للتغير العقلاني الشامل.
فيــما المرحلــة الراهنة تضــج باحــتمالات كثــيرة للتغــيير الجــذري علــى غــرار ما يجــري في دول أميــركا اللاتيــنية. ونــجاح عملــية التغــيير رهن بــضمان الحــريات العــامة والخاصة، وبناء الديموقراطية، وتشجــيع المجتمــع المدني، ونشر العلوم العصرية والتكنولوجيا المتطورة، والانفتاح على جميع الثقافات، والعمل على كسر التبعية مع الغرب وإقامة التوازن بين الأصالة والمعاصرة.
لذلك تخشى الدولة التسلطية العربية من مسار الديموقراطية الحقيقية وتستعيض عنها بديمــوقراطــية شكلية هدفها إحكام سيطرة الدولة على المجتمع بطرق مرنة من خلال جذب الأفراد، والجماعات، والنقــابات، والأحــزاب الســياسية، والمهن الحرة وإلحاقهــا بالدولة. وقد نجــحت في تــحديث أجــهزة الدولة التسلطــية بوضـوح في الـدول التي تــسيطر عــلى الاقتــصاد الريعي، وتتحكم بمــراكز الإنتاج الأساسية وطرق توزيعه على المناصرين لها وحــرمان المعارضــة منــها. ولم تنجح تلك السياسة إلى حد ما في الدول التي يتمــتع فــيها القـطاع الخاص بنــوع من الحــرية التنافســية الـتي تجــعله عصيا على الخضوع، ولديه شبكات أمان مع الخارج
الدولة التسلطية في الوطن العربي (6)
الدكتور خلدون النقيب لخص دراسة له بعنوان "الدولة التسلطية في المشرق العربي المعاصر" بالقول :
إن علاقات القوة بشكل السلطة هي علاقة الحاكم بالمحكوم، ولذلك تجسد الدولة السلطة في المجتمع. وعلاقات الحاكم بالمحكوم يمكن أن تتخذ أشكالاً مختلفة أيضاً.
إذا حكم الشعب نفسه بنفسه من خلال اختيار ممثليه بالانتخاب المباشر وكانت العلاقة بين الحاكم والمحكوم مقيدة بشرعة أو عقد يسمى الدستور، أطلق على هذا الحكم صفة الديموقراطية،
وفيما عدا ذلك تصبح أشكال العلاقة بين الحاكم والمحكوم في السياق التاريخي استبدادية.
فيستعمل مصطلح الأوتقراطية أو الحكم الفردي للدلالة على نظام حكم ليس لسلطة الحاكم فيه حدود ولا تفرض عليها قيود والحكم الأوتوقراطي إذا كان وراثياً فهو ملكي، وإذا كان غير وراثي فهو دكتاتوري أو طغياني (الطاغوت).
ويستعمل مصطلح الاستبدادية لوصف درجة تسلط الحاكم فإذا كان الحاكم لا يلتزم بقانون، وإنما قوله وفعله هما بمثابة القانون فهو نظام حكم استبدادي.
أما إذا كان هناك قانون يلتزم به الحاكم ولكنه يحتكر سلطة التعديل والتغيير في القانون فهو إذن حكم مطلق.
أما إذا قيدت سلطة الحاكم بقانون أساسي فهو حكم دستوري (ملكياً كان أم جمهورياً)
وقد لا يكون الحكم الاستبدادي فردياً وإنما حكم جماعة قليلة كما في حكم الارستقراطية أو في طغيان القلة من التجار فهو إذن حكم الأوليفاركي.
وقد يكون حكم القلة بشكل الحركة السياسية أو الحزب السياسي، وهذا يكون حكم النخبة السياسية،
ولا يمنع طغيان القلة من ظهور مستبد فرد طالما كانت هي مصدر سلطته ووسيلته في أداقة الحكم وقد يكون الحكم الاستبدادي مبنياً على تسيد الدولة البيروقراطية على المجتمع من خلال توسيع قدرتها على تنسيق البنى التحتية بحيث يخترق المجتمع المدني بالكامل وتجعله امتداداً لسلطتها، وتحقق بذلك الابتكار الفعال لمصادر القوة والسلطة في المجتمع. وهذا هو الحكم التسلطي
الدولة التسلطية في الوطن العربي (7)
يقول الدكتور المغربي عبد الإله بلقزيز أمين عام المنتدى المغربي العربي في الرباط تحت عنوان: "محنة الأكثرية السياسية في النظام التسلطي"
لا يعجز مجتمع عن تكوين أكثرية سياسية، وعن الخروج من حال الانقسام الأهلي العصبوي، إلا حين يكون محكوماً بنظام سياسي مغلق. أي حين تكون السلطة موضع احتكار من جانب فئة اجتماعية ونخبة سياسية ضيقة. وهو عادة ما يحصل حين تصل هذه النخبة الى السلطة بوسائل غير دستورية وغير شرعية، أو حين تصل اليها من طريق الشرعية الدستورية لكنها تُصرّ على البقاء فيها بصورة غير شرعية وإن اتخذت أشكالاً «دستورية» من قبيل التمديد المتكرر للولايات الرئاسية - عبر الانتخاب أو الاستفتاء - الى ما شاء الله. كما قد يحصل في حال الأنظمة ذات الطابع العشائري التي تتوزع فيها السلطة على الاهل والأقربين من دون سواهم! ويعظم خطر ضيق النطاق الاجتماعي والسياسي للسلطة حين تكون النخبة الحاكمة من عصبية أهلية أو تستند الى عصبية أهلية، الأمر الذي يمتنع معه تماماً ميلاد ديناميات سياسية تقود الى تكوين أكثرية سياسية بالمعنى العصري.
الدولة التسلطية في الوطن العربي (8)
الاكثرية السياسية مزورة وغير حقيقية
الأكثرية السياسية في الدول التي تحكمها انظمة تسلطية كما في اغلب البلاد العربية ليست هي «أكثرية» شعبية حقيقية فهذه «أكثرية» مخترعة اختراعاً لدعم سلطان رئيس الدولة وحزبه! وهي - في الغالب - من لون واحد وطعم واحد، وأرومة واحدة متكررة التجدد.
إنها «الأكثرية» التي لا وظيفة لها سوى تجديد شرعية نظام الأقلية. بل هي الاسم الحركي المستعار للأقلية السياسية.
الأكثرية السياسية الحقيقية في الدول الديمقراطية الحقيقية هي شيء آخر مختلف. فهي ليست فئوية، ولا عصبوية، ولا متجانسة التكوين الفكري تجانساً مطلقاً، وإنما هي تعبير عن تيار سياسي عام ذي قاعدة تمثيلية وطنية ومواطنية، أي يخترق تأثيره البيئات الاجتماعية كافة، ويعيد صوغ ولاءات الناس على مقتضى اجتماعي - سياسي لا على مقتضى عصبوي. ومن النافل القول إن مثل هذه الأكثرية السياسية لا يقوم إلا في كنف حداثة سياسية تنهض عليها الدولة والمجتمع على السواء، أي في بيئة سياسية تنعدم فيها - أو تتضاءل على الأقل - الاصطفافات والولاءات التقليدية (العصبوية) في المجتمع، وتشتغل فيها ديناميات التوحيد والتجانس السياسيين. وهي البيئة التي ما عرفتها البلدان العربية في الأعم الأغلب منها.
الدولة التسلطية في الوطن العربي (9
المجتمع العصبوي هو هو مجتمع الانقسامات الأهلية
لكن المجتمع العصبوي ليس وحده مسؤولاً عن اعاقة امكانية تكوين أكثرية سياسية إلا من حيث هو نفسه ثمرة استراتيجيات سياسية منغلقة، ذلك أن النظام السياسي التسلطي يشاركه في إعدام تلك الامكانية أو منعها من التحقق، بل هو يكاد ينفرد بالمسؤولية عن ذلك لسببين: لأنه نظام تسلطي، أوليغارشي، أوتوقراطي، ضيّق الحيز التمثيلي، يحتكر السياسة والسلطة (و - بالتالي - يمنع قيام أكثرية سياسية)، ولأنه - ثانياً - نظام يعيد إنتاج المجتمع العصبوي بما هو مجتمع الانقسامات الأهلية التقليدية وروابط القرابة والولاءات العصبية الذي تمتنع معه سياسة و «أكثرية» سياسية!
النتيجة الموضوعية التي يقود إليها هذا النظام التسلطي ليست شيئاً آخر غير إعدام السياسة، أي إلغاء أي حياة سياسية، ومنع قيام أي مجال سياسي. ولسنا في حاجة إلى كبير جهْد لبيان أن هذا النمط من النظام السياسي الكابح لديناميات التطور الموضوعي لتناقضات المجتمع على النحو الذي تترجم فيه نفسها سياسياً، أي من خلال السياسة، وفي مجال السياسة، لا يقترح على المجتمع، وعلى القوى الاجتماعية المعارضة للنخبة الحاكمة، سوى التعبير عن معارضتها وعن مطالبها الاجتماعية والسياسية بوسائل أخرى غير سياسية، أو قل غير محسوبة في جملة أدوات السياسة وتقاليدها.
الدولة التسلطية في الوطن العربي (10)
الدول العربية ليست دول مدنية
-------------------------
مانراه في العالم العربي حولنا, ونعيش فيه من دول جمهورية أوملكية أو غيرها إنما هي دول تسلطية, لاعلاقة لها بالدولة المدنية الديمقراطية الحديثة
هذا رأي الدكتور جابر أحمد عصفور وزير ثقافة مصر الاسبق وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة سابقا ويضيف قائلا : ونموذج الدولة التسلطية مناقض لنموذج الدولة المدنية الديمقراطية القائمة علي تبادل السلطة فهو النموذج الذي يحكم المجتمعات العربية
وتبدأ قوي القمع المادي والمعنوي وتنتهي من بنية الدولة التسلطية التي هي بحكم طبيعتها لايمكن ان تستمر إلا بالحماية اللازمة التي تقوم بها الاجهزة القمعية للدولة, مثل الجيش والشرطة وما في حكمهما, أويلازم وجودهما, ويعين علي تأكيد وظائف القمع وفاعليته في الضبط الاجتماعي والتحكم السياسي.
و الدولة التسلطية حسب دارسو علم الاجتماع السياسي هي الشكل الأحدث للدولة الاستبدادية, وهي نموذج الدولة القديمة .
الدولة التسلطية في الوطن العربي (11)
الدولة التسلطية الحديثة والقديمة
تتميز الدولة التسلطية الحديثة عن مثيلتها القديمة بخصائص إضافية:
أولاا:
أن الدولة التسلطية تمارس احتكار السلطة عن طريق اختراق مؤسسات المجتمع المدني, وتحويلها من مؤسسات وتنظيمات تضامنية مستقلة إلي مؤسسات وتنظيمات تابعة لسلطة الدولة, تعمل بوصفها امتدادا لأجهزة الدولة, رغم كل شعارات الاستقلال المزعومة, الدولة التي تفوم على نظام الحزب الواحد التابع للدولة والجمعيات والنقابات التابعة مثله وهيمنة الحزب الحاكم المطلقة, والتعدد الشكلي لأحزاب مقموعة وظيفتها الاكمال الشكلي لصورة الديمقراطية التي ظلت زائفة
الدولة التسلطية في الوطن العربي (12)
التسلط والقطاع العام
ثانيا:
أن الدولة التسلطية, أو بالاحري النظام السياسي التسلطي, يخترق النظام الاقتصادي ويلحقه به, سواء عن طريق التأمين ولوازمه, أو توسيع القطاع العام والهيمنة البيروقراطية علي الحياة الاقتصادية, ولم يفض ذلك إلي الاشتراكية, فيما اشاعت الأجهزة الأيديولوجية لدول الحزب الواحد في الانظمة التي رفعت شعار القومية العربية, بل إلي رأسمالية الدولة التي قامت بالاستيلاء علي الفائض الاجتماعي وفائض القيمة بدل الرأسماليين الأفراد, وعلي نحو خضعت معه هذه الدولة إلي تقلبات السوق العالمية في أسباب معاشها, وظلت طرفا تابعا في علاقات اقتصادية سياسية غير متكافئة مع الدول الكبري,
و ظل النظام القمعي للدولة التسلطية قائما رغم التظاهر بالتعددية الحزبية المحدودة التي ظلت شكلية, فقد ظل احتكار السلطة قائما, ومحاولات اختراق مؤسسات المجتمع المدني وتنظيماته لاتتوقف, جنبا إلي جنب بداية زواج السلطة بالثروة, حتى اكتمل القناع الديمقراطي الزائف للدولة التسلطية وانطلى ذلمك على عوام الجماهير .
الدولة التسلطية في الوطن العربي (13)
تقوم على العنف والارهاب وانتخابات بلا معنى
ثالثا :
ان شرعية نظام الحكم في الدولة التسلطية لاتقوم علي الشرعية الدستورية والقانون العادل, وإنما تقوم علي العنف والإرهاب والقمع أكثر من الاعتماد علي الشرعية المعترف بها في الدول الديمقراطية الحديثة التي تقوم علي مبادئ المواطنة والفصل بين السلطات وتداول الحكم والتعددية السياسية والاجتماعية المفتوحة, ولذلك يقترن نظام الحكم في الدولة التسلطية بعدم وجود انتخابات لها معني,
أو عدم وجود تنظيمات أو مؤسسات مستقلة عن الدولة, ويتبع ذلك عدم وجود دستور فاعل ينتج عن توافق كل الاطياف السياسية والاجتماعية للأمة, فضلا عن إمكان تعليق الدستور أو إلغائه أو استبداله أوتأجيل العمل به, حسب متغيرات النخبة الحاكمة في الدولة التسلطية,
ويلزم عن هذه الخاصية امران متضافران:
أولهما:
تعليق الحقوق المدنية وتجميدها, ومن ثم ابطال وتجاهل الكثير من مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ثانيهما:
تحويل نسبة عالية من الدخل القومي إلي الانفاق علي الاجهزة القمعية لهذه الدولة, ذلك علي نحو يعطي للعاملين في هذه الأجهزة, خصوصا العسكرية والامنية, ميزات مادية ومعنوية هائلة, ضمانا لولاء هذه الاجهزة وتبعيتها الكاملة للنخبة الحاكمة.
الدولة التسلطية في الوطن العربي (14)
ايديولوجية السلطة المتسلطة
رابعا :
تتصل ايديولوجيا الدولة التسلطية بما تؤديه اجهزتها من رسائل, ينقلها ويشيعها علي نحو مباشر أو غير مباشر,
التشريع الذي يصوغه مفتوها والقوانين والتعليم والاعلام المملوك للدولة أو المتحالف مع نخبتها الحاكمة فضلا عن الخطاب الديني التابع, تأكيدا لمعاني الطاعة والاذعان وتقاليد الاتباع وطاعة أولي الأمر, وإقرار معني اليقين الملازم لآراء النخبة الحاكمة, والإلحاح علي مركزية القيادة التي تتجسد في شخص واحد.
ومن ثم التضحية بمبادئ التعددية والتنوع في سبيل الوحدة وهيمنة الصوت الواحد أو الحزب الواحد, وإلغاء الفصل بين السلطات لمصلحة اختزانها في مركز واحد, هو البدء المعاد لكل ماعداه,
ويعني ذلك التراتب الحاكم بين المؤسسات والقيادات بوصفه الوجه الآخر من التراتب العسكري الموازي للتراتب الحاكم للدولة الدينية أو حتي الدولة المدنية التسلطية التي تعادي قيم الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان
--------------------000000000000000000
قائمة المراجع :
الكـتـب:
· أسامة الغزالي حرب ،الأحزاب السياسية في العالم الثالث ،عالم المعرفة ،1987
عبد الغني بسيوني عبد الله ،النظم السياسة، دار الجامعة الجديدة ،الإسكندرية ،2006..
عبد الله عبد الوهاب ،نظم سياسية والقانون الدستور ي،عمان ،الاردن،
2006
محمد رفعت عبد الوهاب ،الأنظمة السياسية ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت :لبنان ،2005
،
،المواقع الالكترونية :
http://forum.univbiskra.net/index.php?topic=2165.0
Hannah Arendt, le système totalitaire, 1ère édition, 1951
Joris Vitani, Les régimes politiques. http://sceco.paris.iufm.fr/pagepdf/regimespo.pdf.
جاد الكريم الجباعي, آليات الخضوع و الهيمنة في النظام الشمولي.http://www.mafhoum.com/press6/163C33.htm
ميشال كيلو, النظام الشمولي ينهي نفسه بنفسه. http://hem.bredband.net/b155908/m152.htm
http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=479819&page=8.
http://www.achr.nu/art623.htm.26-05-2011.10:56
http://kamoos.reefnet.gov.sy/?page=entry&id=286798 المعجم الوسيط.
[1] عبد الغني بسيوني عبد الله ،النظم السياسة، دار الجامعة الجديدة ،الاسكندرة ،2006،ص203.
محمد رفعت عبد الوهاب ،الانظمة السياسية ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت :لبنان ،2005.ص ص،156،159.[2]
عبد الغني بسيوني عبد الله ،النظم السياسة،مرجع سابق،ص 298. [3]
محمد رفعت عبد الوهاب ،الانظمة السياسية،مرجع سابق ،ص،ص 193،216. [4]
عبد الغني بسيوني عبد الله ،النظم السياسة،مرجع سابق،ص205. [5]
محمد رفعت عبد الوهاب،نفس المرجع .ص ص،170،172. [6]
[7] عبد الله عبد الوهاب ،نظم سياسية والقانون الدستور ي،عمان ،الاردن،2006،ص155.
[8] محمد رفعت ،الانظمة السياسية ،ص ص257،261.
[9] عبد الله عبد الوهاب ،نظم سياسية والقانون الدستور ي،ص ص 160،164.
[10] http://forum.univbiskra.net/index.php?topic=2165.0
[11] المرجع نفسه
[12] Hannah Arendt, le système totalitaire, 1ère édition, 1951. http://forum.univbiskra.net/index.php?topic=2165.0
[13] Joris Vitani, Les régimes politiques. http://sceco.paris.iufm.fr/pagepdf/regimespo.pdf.
[14] جاد الكريم الجباعي, آليات الخضوع و الهيمنة في النظام الشمولي.http://www.mafhoum.com/press6/163C33.htm
ميشال كيلو, النظام الشمولي ينهي نفسه بنفسه. http://hem.bredband.net/b155908/m152.htm [15]
[16] المرجع سابق الذكر.
[17] makcdn.com/userFiles/s/a/samir06egy .
[18] http://ourfrog.net/content-
[19] http://kamoos.reefnet.gov.sy/?page=entry&id=286798 المعجم الوسيط.
[20] http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=479819&page=8.
أسامة الغزالي حرب ،الأحزاب السياسية في العالم الثالث ،عالم المعرفة ،1987،ص 57.-[21]
[22] http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=479819&page=8.
[23] http://www.achr.nu/art623.htm.26-05-2011.10:56.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر