نائب في البرلمان :
النُّخبُ السياسية المغربية أكثر فسادا من المجتمع
- أنْحى النائب البرلماني عن الاتحاد الاشتراكي
للقوات الشعبية، حسن طارق، باللائمة في استشراء الفساد الانتخابي على النّخب
السياسية المغربية، مُحمّلا إيّاها النصيب الأكبر من المسؤولية، "لأنّها
(النخب)، هي التي يُمكن أن تساهم في تطوير الوضع العامّ نحو الأفضل، أوْ تنزلَ به
إلى الأسفل"
.
وبلهْجة حادّة قالَ طارق في مداخلةٍ له
خلال مائدة مستديرة حول موضوع "الفساد السياسي في
المغرب والنزاهة في الانتخابات"، نظمتها "ترانسبارانسي المغرب"، بالرباط، "كلّما اتجهْنا من المجتمع صوْبَ النّخب تتقوّى مؤشّرات
الفساد"،
وضربَ مثلا بالانتخابات غير المباشرة، قائلا إنّها تعرف فسادا أكبرَ
بكثير مقارنةً مع ذلك الذي تشهده الانتخابات المُباشرة،
وذهب طارق إلى أنّ التصويت
السياسي في الانتخابات غير المباشرة "مُنعدم تماما". وفيما
حمّل البرلماني عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، النّخبة السياسية مسؤولية
استشراء الفساد الانتخابي، دونَ التّعميم،
وقالَ إنّ المجتمع المغربي الذي أنتج
حركة 20 فبراير "ما زالَ يُرجى منه الخير"، وأضاف أنّ وجود الفساد في
المجتمع لا يعني الإيمانَ بقدَرية الفساد، "ولا يجب أن يكون هناك استسلام،
وإلّا سنطبّع تماما مع الفساد"، معتبرا الفساد السياسي هو أصْل باقي فروع
الفساد، وتابع "عندما يصبح الفساد نمطا في المنظومة السياسية فإنّه يخلق
امتدادات في باقي المجالات". وبِلُغة الخبيرِ
بما يجري داخل المطبخ الانتخابي، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأوّل
بسطات، إنّ تعقّد إشكالية الفساد السياسي في الظاهرة الانتخابية يجعل مُحاصرته
بآليات قانونية صعبا، كوْنُه ذاتَ طبيعة سوسيولوجية "ويكاد يكون ثقافة لتمثّل
الفاعلين السياسيين للعملية الانتخابية"، وفق تعبيره. انتخابيا، دائما،
قال طارق إنّ الإشكال الثاني الذي تتخبّط فيه العملية الانتخابية، فضْلا عن الفساد
السياسي، هو أنّها انتخابات بلا رهاناتٍ، في ظلّ غيابِ أيّ تنافس سياسي بين
الأحزاب، من منطلق مرجعيات إيديولوجية، وقال إنّ الانتخابات صارت بعيدة كل البعد
عن دورها السياسي، وأصبحت عبارة عن صراع للمال والنفوذ والقبلية. وذهبَ طارق إلى القول إنّ هناك مفارقة غريبة في
المشهد السياسي المغربي راهنا، تتمثّل في أنّه في الوقت الذي صار هناك عرْض سياسي،
بعد ثورات "الربيع العربي" التي أفرزت دستور 2011 وأعادت
الحياة إلى المجال السياسي، وأعادت التنافسية إلى العملية الانتخابية، تدنّت نسبة
التسييس.
وقارن المتحدّث بين الحياة السياسية في الوقت
الراهن، وما كان عليه الأمر خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وخَلُص
إلى أنّ الانتخابات وقتها، ورغم أنّها كانت بلا رهانات، لِتمركز القرار كلّه في يد
المؤسسة الملكية، إلا أنّ المعارضة كانت لها القدرة على جعل الانتخابات لحظة قوية
وبْؤرة للتدافع والصراع السياسي". وانتقد طارق نمط
الاقتراع الحالي، قائلا إنّه يعزّز هيمنة "محترفي الانتخابات"، والذين
قال إنّهم ليسوا أعيانا، بالمعنى السوسيولوجي للكلمة، ولا يملكون رأسمالٍ
اجتماعيا، "بل هم عبارة عن كائنات انتخابية قوّتها تكمن فقط في قدرتها على
التحكّم في شبكة كبيرة من الوسطاء ورؤساء الجماعات ومستشاريها". وفيمَا يذهب كثير من المتتبّعين إلى اعتبار المال
أكبر عامل لفساد العملية الانتخابية،
قال طارق إنّ المالَ ليس حاسما في
الانتخابات، "بل المحدّد هو من يستطيع السيطرة على شبكة من الوسطاء من أجل
الظفر بتمثيليات انتخابية جاهزة"، وأضاف "انتقلنا من المرشّح المناضل،
الذي كان له "بروفايل" معروف، إلى النموذج الأقرب إلى السماسرة". وبلهجة طغى عليها التشاؤم قال طارق إنّ الفساد
الانتخابي لم يعد مرتبطا بيوم الاقتراع فقط، بل يمتدّ إلى ثلاثة أشهر قبل يوم
الاقتراع، وأضاف "الفساد انتصر على إرادة المشرّع، وصارت نسبة
التطبيع معه موجودة في هياكل عدد من الأحزاب السياسية، وصار قابلا للتعايش والتكيّف
معه، وهذا ما يجعل القضاء والمشرّع عاجزا عن وقفه".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر