من يقلب صفحات التاريخ لن يسع عمق البحر حزنه علي ما عانته المرأة من ويلات و من حيف و ظلم علي مر العصور…
فقد كانت الشعوب القديمة تتخذ موقفاً عدائيا مستبدا تجاه المرأة.. و لطالما بحث و ناقش كهنة الديانات الغابرة تساؤلات من قبيل: هل المرأة إنسان؟ وهل حباها الله روحا؟..
أما في مجتمع روما فلم يكن هناك مجال للتساؤل؛ بل كان قد تقرر أن المرأة كائن لا نفس له و أنها لا ترث الحياة الأخروية و أنها رجس لا يجب أن تأكل اللحم ولا يجوز لها الضحك أو الكلام...
و هو نفس التوجه الذي اتخذته الديانة الهندوسية التي أغلقت أبواب التعليم في وجه المرأة و الديانة النصرانية و اليهودية حيث اعتبرت المرأة مصدر الإثم و مرجعه..
و خوفاً من العار، كانت المرأة تدفن حية في الجاهلية و هي مازالت طفلة أو رضيعة.. و إلي غاية عهد قريب – إن لم يكن إلي يومنا هذا – لا زال القول بنجاسة المرأة ساري المفعول في جزيرة العرب.. حتي أن هناك من يعقب ذكر المرأة في كلامه بعبارة (أعزك الله) لأنها تعتبر نجسة في نظره.. و هو سلوك يتطابق تماماً مع ما نجده في الموروث الفقهي الإسلامي – الذي ما أنزل الله به من سلطان – حيث لا تحترم المرأة و لا تصافح و لا يجوز الإقتراب منها لأنها تنقض الوضوء كالبول و الدم و الكلب و الخنزير...
و تبقي الرواية المنسوبة كذباً و زوراً للرسول الكريم والتي تصف النساء بأنهن ناقصات عقل و دين، الأشهر بين المسلمين و رجال الدين الذين يروجون لهذا الحديث الذي يناسب عقليتهم الذكورية المتعصبة.. حتي صار حديث (ناقصات عقل و دين) أداتهم الفعالة و الناجعة لتكريس دونية المرأة و انحطاط مكانتها في المجتمع.. فأصبح الإعتقاد بنقصان عقل المرأة و دينها من ثوابت الدين، و باتت النساء المتعلمات قبل غيرهن أول من يدافع عن قولة (النساء ناقصات عقل و دين) و بذلك أصبحت المرأة عدوة لنفسها و عدوة للنساء جميعا من حيث لا تدري.. فضاع حقها لأنه لم يجد وراؤه طالب...
مثلها كمثل الطائر الذي ولد في قفص فاعتقد أن الطيران جريمة...
حديث (ناقصات عقل و دين) يوجد و في ست من كتب الأحاديث التسع المعتمدة في المذهب السني، مع بعض الإختلافات الطفيفة في المتن و السند هنا و هناك؛ إذ نجده في “صحيح مسلم” و “سنن الترمذي” و “سنن ابن ماجة” و “سنن أبي داود” و “مسند أحمد”، كما نجده بروايتين في “صحيح البخاري” – الأولي في كتاب الحيض و الثانية في كتاب الزكاة – بينما لا نجد لهذا الحديث أثراً في باقي كتب الأحاديث: النسائي و الدارمي و الموطأ...
مقالات_ياسين_ديناربوس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر