الملائكة من منظور الفن والدين - إنيد جولدي / ترجمة زينب عاطف

. . ليست هناك تعليقات:




 الملائكة من منظور الفن والدين - إنيد جولدي / ترجمة زينب عاطف

أنْصِتْ فالملائكة يغنونلكن هذه المخلوقات لعبت كذلك دورًا على مدار التاريخ أكبر بكثير من مجرد كونها عناصر رئيسية في قصة عيد ميلاد المسيح. تستعرض إنيد جولدي تطوُّر هذه الرُّسُل المجنَّحَة في الفن والأساطير والأدب، بدايةً من العصر البابلي وحتى عصرنا الحاليِّ.
احتوت ثقافة وأساطير كلِّ حضارة على ملائكة أو أرواح طائرة من نوعٍ ما. وتُعَدُّ الملائكةُ أكثرَ الرموز تأثيرًا؛ حيث ترمز إلى القوة والطهر وإمكانية الخلاص من المآسي الدنيوية.

يحتوي الفن الأتروري على كائنات خارقة مجنَّحَة تُرسَم وتُنقَش بإتقان وعلى نحو بديع على التُّحَف، لدرجة أنها قد تبدو كما لو كانت نابعةً مباشَرةً من الخيال الإبداعي للفنان، لكنها في الواقع جزءٌ أساسيٌّ من العقيدة الأترورية. كان لدى الآشوريين والمصريين ثيران وأحصنة مجنَّحَة عبَّرَتْ أجنحتها عن القوة والسيطرة. اختار الزرادشتيون الإلهَ الفارسي «ميثرا»، وجعلوه وسيطًا ملائكيًّا بين البشر وخالقهم قبل ميلاد المسيح بسِتَّةِ قرون. في هذه الفترة منح الإغريق والرومان القدرةَ على الطيران لآلهتهم ولأتباع هذه الآلهة المسببين للمشكلات.

عادةً ما كانت تتضمن الثقافاتُ المتعدِّدَةُ الآلهة أو الأميةُ الاعتقادَ في آلهة ثانوية مجنَّحَة، لكن مفهوم الملاك الوسيط المعصوم من الشرِّ قد تشكَّلَ على نحوٍ كاملٍ في الغرب. فبالرغم من وجود ألف من الآلهة الصغيرةبعضها ودود وبعضها مؤذٍ، فجميعها يمكن الحديث إليه ورشوته بوضع قرابين على جانب الطريقكان ظهور ملائكة من النوع الذي يعمل على تهدئة مخاوف الموحدين أقل أهميةً. قال الغجري الروماني، الذي كان أحد والديه مسيحيًّا والآخَر وثنيًّا، في صلاته:

يا إلهي الجميلإذا تركتني أسرق رغيفًا أو خمرًا أو دجاجةً أو إوزةً أو خنزيرًا أو حصانًا، فإنني سأقدِّم إليك شمعةً كبيرةً؛ لأنك أنت إلهي الذهبي الجميل.
إن مفهوم وجود إله واحد مَهِيب ومَخُوف هو ما تطلَّبَ وجودَ وسطاء من أجل تهدئة الغضب وجعل التوسُّل ممكنًا.

لقد كانت الملائكة في اليهودية أكثر الملائكة المؤثِّرة في تطوُّر خيالِ الثقافة الأوروبية. كانت ملائكة «يهوه» تستخدم السيوف ببراعة وتواجِه الموتَ وترافِق التنانين. يصف سِفْر الرؤيا «الحرب في السماء التي حارَبَ فيها ميخائيل وملائكته التنين، وحارَبَ التنين ملائكتهكانت قوة هؤلاء الملائكة هائلةً، تتجاوز أي قوة يطمح إليها بشر، وكانت أصواتهم مُدَوِّية وأجنحتهم تظلل الكون الذي كان معروفًا لكُتَّاب العهد القديم. ورد ذِكْر هؤلاء الملائكة لأول مرة في سِفْر التكوين بوصفهم حرَّاس البوابة الشرقية لجَنَّةِ عدن: «وأقام شرقي جنَّة عدن الكاروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة
أصبحت كلمة «كاروبيم» تعني كائنًا بريئًا وجميلًا ولطيفًا، لكن بالنسبة للكُتَّاب اليهود، الذين كانوا يكتبون في القرن الذي سبق مولد المسيح، كانت كلمة كاروبيم تعني شابًّا قويًّا. كان ملائكة الكاروبيم يتمتعون بقوة وسلطة ومعرفة هائلة، وكانوا يرافقون الإله المخُوف في العهد القديم في أعتى لحظات غضبه وخطورته. كتب داود المرتل:

فارتجَّتِ الأرضُ وارتعشت، أُسُس الجبال ارتعدت وارتجَّتْ لأنه غضب. صعد دخان من أنفه، ونار من فمه أكلت جمرًا اشتعلت منه. طأطأ السموات ونزل، وضباب تحت رجليه. ركب على كروب وطار، وهفَّ على أجنحة الرياح.
إلا أن كلمة ملاك كان لها معنيان في الإنجيل؛ في الترجمة الدقيقة من الإغريقية تعني ببساطة رسولًا أو «سفيرًا» لكلام الله، ويظهر كثيرًا ليرمز إلى حامل للتعاليم والتوجيهات. يبدأ الإصحاح الأول من رؤيا يوحنا: «اكتب إلى ملاك كنيسة إفسس: «هذا يقوله الممسك السبعة الكواكب في يمينه».» ويحتوي ببساطة على رسالة إلى الكنائس السبع. ظهر أول ملاك رسول إلى هاجَر، وأخبرها في سِفْر التكوين قائلًا: «ها أنتِ حُبلى، فتلدين ابنًا وتدعين اسمه إسماعيل … وإنه يكون إنسانًا وحشيًّا. يده على كل واحد، ويد كل واحد عليه.» لقد كان من النادر أن تحمل ملائكة العهد القديم أي أخبار سارة.

في المعنى الثاني للكلمة لم يكن التركيز على حمل الرسائل كبيرًا بقدر ما كان على معنى الوساطة، بوصفها قوة خارقة للطبيعة تظهر في تنقُّل تلك المخلوقات بين السماء والأرض، وبين الإله والبشر. استحضر خيال الكُتَّاب عالَمًا كاملًا آخَر من الملائكة القادرة على ركوب السحاب وتوزيع النار والوباء، وتتمتع هذه المخلوقات بهيبة كبيرة وقوة ذاتية، بخلاف تلك القوة التي منحها الله إياها، وهذه القوة الذاتية مرعبة لكونها قوة غير مسئولة. في الإنجيل خلف كواليس القصة الرئيسية ثمة تسلسلٌ هرميٌّ منفصل للملائكة، بعضها مخلوقات من صنع الإله، وبعضها أتباع للشيطان تتحارب في السماء على حدِّ وصف يوحنا:

فطُرِح التنين العظيم، الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان، طُرِح إلى الأرض، وطُرِحت معه ملائكته.
لقد اشتقَّت كلٌّ من المسيحية والإسلام اعتقادهما في الملائكة من اليهودية، التي تطرح رؤية ثلاثية للكون، يحتوي فيها على ثلاثة مستويات؛ السماء والأرض والجحيم، وتحمل هذه المستويات بداخلها نوعًا من المخلوقات الروحية تستطيع التنقُّل بمشيئة الإله بين هذه المستويات. كانت الملائكة حتمًا متفوقة على البشر في القوة والذكاء، وبالرغم من أنها وُصِفت وصفًا جسمانيًّا، فإنها مخلوقات تتسم بلامادِّيَّة الأشباح. وصف النبي محمدٌ الملائكةَ بأنها مخلوقات نورانية، بعكس الإنسان الذي خُلِقَ من طين. ما بين الإله والبشر كان ثمة مجال لمراتب من الملائكة؛ الحشود السماوية التي تضم رؤساء الملائكة والملائكة والسيرافيم والكاروبيم، والتي أُضِيف إليها فيما بعدُ ما جاء ذكره في رسائل بولس إلى أهل كولوسي والعروش والسيادات والرياسات والسلاطين. وهذه السمات التي ذكرها بولس فُسِّرَتْ على أنها تشير إلى الملائكة التي كانت تحمل عرش الإله، أي تلك التي حملت الصولجان والسيف وحمت أمير السماء. في الفترة بين كتابة العهد القديم والتلمود — كتاب اليهود المقدس — ظهرَتْ قائمة معقَّدَة من الملائكة وضعتها الكنيسة المسيحية في أوائل مراحلها؛ كي تتناسب مع احتياجاتها.

قسم العلماءُ المسيحيون الأوائل الملائكةَ بحسب القوة والأهمية، مكتفين باستخدام إشارات في الإنجيل بنوا على أساسها الهيكل الهرمي. وعليه وصف أشعياء السيد المسيح وهو جالس على العرش:
عالٍ ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل. السرافيم واقفون فوقه، لكل واحد ستة أجنحة، باثنين يغطي وجهَه وباثنين يغطي رجلَيْه، وباثنين يطير.
من هذه استمدَّ ديونيسيس، الذي كتب في أوائل القرن الخامس، تِسْعَ مراتب للملائكة؛ السيرافيم والكاروبيم في الدائرة الأولى، والقوات والسلاطين والسيادات في الدائرة الثانية، ورؤساء الملائكة والملائكة في الدائرة الثالثة. يشير قاموس «برور» إلى أن كلمة سيرافيم ربما تكون بنفس معنى كلمة «ساراف» العبرانية التي تعني حية، والمشتقة من كلمة «ساراف» بمعنى إحراق. رأى مفسِّرُو الإنجيل من المسيحيين الأوائل علاقةً بين الإحراق والحماس، ووصفوا السيرافيم بأنها مخلوقات تتميز على وجه الخصوص باتِّقاد حماسها. يشير جون ميلتون لهذا في عصر لاحق عندما وصف «ملاك السيرافيم المقدام الذي رغم وحدته يحاصِره الأعداء». يأتي الكاروبيم في المرتبة الثانية بعد السيرافيم في القوة؛ لأنها — كما ذُكِر في مزامير داود — قد وُضِعت بأوامر إلهية في كل طرف من أطراف كرسي الرحمة في قدس الأقداس.

هذا، ويرتبط بمفهوم الترتيب الهرمي للملائكة في كونٍ ثلاثيِّ الأبعاد قصة سقوط الملائكة، وطرد الإله لإبليس من الجنة، ومعركة إبليس من أجل أخذ الملائكة معه في سقوطه عبر السماوات إلى فوهة الجحيم، يقول يهوذا: «والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم، بل تركوا مسكنهم، حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام

بما أن كلًّا من اليهودية والإسلام حرَّمَ رَسْم صور الشخصيات المقدَّسة، فإن وصفهما للملائكة تمَّ تناقُله بالكلام وليس بالصور. ومن الدلائل على قوة وصف هؤلاء الكُتَّاب وبراعة تصويرهم للملائكة أن ذلك الوصف لم يتبدَّد عند نقله إلى المسيحية، إلا أنه بسبب مرونة اللغة والغموض الحتمي للصور دائمًا ما كانت هناك مساحة منذ ذلك الوقت للتخيُّل والجدل. فكرت الأجيال التالية من رجال الدين والفلاسفة، بداية من ديونيسيس وحتى إسحاق دزرائيلي (والد بنجامين)، في طبيعة الملائكة وماهيتها الحقيقية، والتكوين الجسدي المحتمل لهذه المخلوقات، وقدرتها على التحليق، وتفوقها الروحي على الإنسان، وحياتها في الفضاء. كانت هذه الأشياء هي التي تستحوذ على اهتمام المفكِّرين الذين لم يكونوا يملكون أيَّ أساس علمي لدراساتهم، والذين استفادوا أقصى استفادة من كلِّ إشارة إنجيلية وحلَّلوا عبارات مثل قول بولس: «لأنه حقًّا ليس يمسك الملائكة

نظرًا لاستحالة الثقة في كمِّ المعلومات الذي كان متوفرًا آنذاك، وتعطُّش الفلاسفة قبل ظهور كوبرنيكس لوجود أساس منطقي لإيمانهم، دخل هؤلاء الفلاسفة مُجبَرين في جدل طويل ومعقَّد. إلا أن النقاشالذي كان كثيرًا موضِعَ سخريةٍحولَ عددِ الملائكة الذين بإمكانهم الرقص على رأس إبرة، استخدمته أجيال تالية على نحوٍ ظالمٍ من أجل السخرية من سذاجة هؤلاء. فقد كان أساس فكرهم بأكمله هو الاعتقاد بأن الملائكة قد خُلِقت من روح وليس من مادة، ومن ثَمَّ لا تشغل حيِّزًا من الفراغ.

يعود تاريخ الإشارة الأولى إلى فكرة الملائكة والإبر إلى عام ١٦٣٨، وليس قبل هذا، عندما أعلن ويليام تشيلينجوورث في كتابه «الديانة البروتستانتية» قائلًا: «ربما نجد رجالًا مثقَّفِينيتجادلونمع أن جدالهم هذا لن يدوم إلى الأبدحول كونِ مليون ملاك لا يستطيعون الجلوس على رأس إبرةكان أول مَن نسب الفكرة إلى القديس توما الأكويني هو إسحاق دزرائيلي، الذي اختار أن يشرح اللقب الذي لُقِّبَ به توما وهو «الدكتور الملائكي»، فقال إنه قد شغل نفسه «بالموضوع المعقَّد المتمثِّل في عدد الملائكة الذين يستطيعون الرقص على رأس إبرة
في نظر علماء المنطق، إن لم يكن في نظر الغالبية المؤمنة، وضعت ثورة كوبرنيكس حدًّا لوجهة النظر المتزمتة والراسخة التي كانت ترى أن هناك كونًا ثلاثيَّ الطبقات بفتحات كبيرة يهوي منها الكافرون إلى الجحيم. فقد قاد كوبرنيكسفي بيانه أن الأرض تدور حول الشمسالمفكِّرين إلى إدراك أنه قد لا توجد سماء من فوقنا، ولا أرض ولا بشر في المنتصف، ولا جحيم أو ملعونون أسفل منَّا، مع وجود لملائكة بمختلف مراتبها في المنتصف. كانت ثمة حاجة إلى وصفٍ أكثر تعقيدًا، ومن ذلك ظهرت محاولات للتفسير العلمي للكون استمرت حتى يومنا هذا. فقَدَ الملائكة بعضًا من قوتهم عندما بدأ الضوء المدمر للعلم يُسلَّط عليهم، لكن القوة الرمزية لهذه المخلوقات ظلَّتْ باقية.

مع انتشار الكنائس المسيحية في جميع أنحاء أوروبا خلال القرنين الرابع والخامس، انتشرت الملائكة والكاروبيم أيضًا. بالتدريج أُلغِيَ حَظْر رسم الشخصيات المقدَّسَة من جانب الديانة المسيحية، وبدأت الملائكة الثنائية الأبعاد تظهر في المثلثات الموجودة أعلى الكنائس المبنية من الحجارة البيضاء في جبال اليونان، وعلى أسطح وجدران الصوامع والكنائس الصغيرة المنتشرة من البحر المتوسط وحتى جزر هابرديز. عند تحويل الملائكة إلى صور مرئية بدلًا من استخدام الكلمات المؤثِّرة في التعبير عنها، فإن قوة تلك المخلوقات تتضاءل على ما يبدو بفعل افتقار مصمِّمي تلك الصور للمهارة.

مع بدء ازدياد أهمية جثامين القديسين في الكنيسة المسيحية ولعبها دور الوسطاء بين الإله والبشر، كان من المتوقَّع أن أهمية الملائكة ستضمحل. على ما يبدو كانت قدرة الملائكة على الطيران هي الشيء الوحيد الذي يميِّزها عن القديسين، إلا أن جاذبية صورة الكائن الذي يطير وقدرته على التحليق عبر السماوات هي تحديدًا ما ضمنَتْ استمرارَ لعبِ الملائكة دورًا في الخيال العام. تكيَّفَتِ الملائكة مع المعتقدات الوثنية ومع الديانة اليهودية والمسيحية والإسلام، ثم مع المسيحية من جديد.
في جميع أرجاء أوروبا عكس المسئولون عن بناء الكنائس الأولى هذا في أعمالهم، فأدخلوا على زخارفهم المراتبَ القديمة للملائكة؛ الكاروبيم والسيرافيم والملائكة ورؤساء الملائكة، وحوريات الماء والأشجار، وحاملي الكأس المحلقين التابعين لديونيسيوس.


استمدت المسيحية والإسلام كتاباتهما التراثية عن ملائكة بعينها من اليهودية. اشتركت اليهودية والإسلام في نفورهما من تصوير الشخصيات البشرية والسماوية، إلا أن الكنائس البيزنطية والرومانية والأرثوذوكسية سمحت برسم العائلة المقدسة والملائكة المصاحبين لها، وأصبحت الكنائس الموجودة في تركيا واليونان وإسبانيا مليئة بزخارف لأشكال ملائكية، إلا أنه بسبب فشل القساوسة المسيحيين في التخلُّص من الرموز الوثنية، سعى المسلمون عند اجتياحهم لأوروبا الشرقية إلى التخلُّص من الرموز المسيحية، دون تحقيق أي نجاح.

وصف جون كوثبيرت لوسون، الذي كتب في عام ١٩١٠، «حشود القديسين البيزنطية والملائكة التي لا بد أنها عكَّرَتْ صفو الجو لقرونٍ فوق الرءوس المعممة في آيا صوفيا وفاماجوستا، في حين أنه لا بد للعين الحادة الملاحظة أن تلاحِظ تحليق العفاريت والجن حول منارة الخيرالدة العظيمة التي أصبحت الآن برج جرس كاتدرائية إشبيليةلقد كانت قوة رمز الملاك الطائر كبيرة للغاية بحيث ظلت باقية رغم سقوط حضارات وانحسار أديان.

عززت مواقفُ العصور الوسطى من الموتِ والمخاوفِ من الانتقال بين هذا العالم والعالم الآخَر، الحاجةَ إلى كائنات مجنَّحَة باستطاعتها التحرك بسهولة بين عالم الأرواح والعالم المادي. لقد شعر بناة الكاتدرائيات بوجود الملائكة وهي تراقبهم عن كثب وهم يشيِّدون الأبراج الصخرية نحو السماء. زُخرِفت الأسطح والمداخل وأطراف المقاعد الخشبية بالملائكة والعفاريت والمزاريب التي تتخذ أشكالًا غريبة ومثيرة، من أجل جعل هذه الأجزاء من المبنى مريحةً ومسليةً أيضًا. إن المخاوف العلمية من جانب المسيحيين الأوائل بشأن مخاطر وجود نوع من الوثنية في عبادة الملائكة، قد تلاشَتْ بعد أن أقرَّ مجمع نيقية في القرن الثامن هذا النوع من الإجلال.

غير أن الازدهار الكامل لفكرة تصوير الملائكة في الفن لم يتحقَّق إلا مع ظهور أفكار وتقنيات جديدة في عصر النهضة الإيطالية؛ فقد كانت هذه الملائكة تطير وتحلِّق وتطفو فوق الأسقف والجدران وأجزاء من مذبح الكنيسة، وبذلك أصبحوا على الفور أكثر سموًّا وقُرْبًا من البشر، مقارَنَةً بالملائكة في العصور الوسطى، وهو ما يعكس تطوُّر مهارات الرسَّامين واتساع معرفتهم. ازدهر وَضْع الرسامين بفضل الرعاية السخية من جانب التجَّار التابعين للكنيسة وللدولة، بسبب تنافُسهم بعضِهم مع بعض على بناء قصور أكثر بهاءً وكنائس أكثر فخامةً ونُصُب تذكارية للرب؛ لتكون مبعث فخر لأسرهم. ولقد استفاد الرسَّامون أيضًا، وإن كان ذلك على نحو أقل وضوحًا، من الرغبة الجديدة لدى الفلاسفة في ضمِّ الرسم إلى الفنون الحرة، الأمر الذي رفع مكانتهم من مكانة الحرفيين إلى مكانة الفنَّانين؛ فبدأ تقبُّلُ فكرةِ أنهم لا يستخدمون في عملهم الألوان والطين والخشب فحسب، بل الأفكار الروحية أيضًا؛ فقد كانت الملائكة التي يرسمونها لزخرفة الكنائس والقصور تعكس تأويلاتهم الدينية. شهدت أوائل عصر النهضة في فلورنسا تطوُّرًا لقواعد المنظور وفهمها، مع وجود جوٍّ عامٍّ من الشك والتساؤل، هذا في مقابل النظام الديني الصارم في العصور الوسطى. أصبحت الجثث تُشرَّح وتُدرس لأول مرة، وصار بمقدور الرسَّامين الرسم وهم يتمتعون بفهمٍ جيد للجسم البشري. نحن نعلم أن ليوناردو دافنشي فكَّرَ في مشكلات الطيران، ويمكننا أن نفترض من واقع دراساته لعضلات الكتف ومن رسمه التفصيلي للجزء العلوي من ذراع الملاك، أنه قد فكَّرَ في مسألة كيفية ربط أجنحة الطيور بأكتاف البشر. تظهر حقيقة عدم قدرته على حلِّ المشكلة على نحوٍ مُرْضٍ في لوحة «ملاك البشارة» في معرض أوفيزي في فلورنسا، التي يرتدي فيها شالًا أو دثارًا من أجل تغطية مكان اتصال الجناح بالكتف.

غيَّرت دراسة المنظور والتشريح اتجاه الرسم؛ فلم يتمكَّن الرسَّامون الأوائل إلا من رسم رسومات مسطحة على خلفيات مسطحة، أما الآن فقد أصبح بإمكانهم وضع تماثيل بشرية ثلاثية الأبعاد، أمام مناظر طبيعية تمتد وراءها، عادةً عبر أطلال كلاسيكية، ومجموعة من الأعمدة المهشمة والعروش الساقطة، خلف حقول خضراء مزهرة وأنهار ملتوية، وصولًا إلى سلاسل من التلال الزرقاء، ومن ورائها السماوات الزرقاء التي تصل إلى السماوات المأهولة بالسكان. أصبحت الملائكة، بالإضافة إلى كونها رمزًا للطموح والروحانية، عاملًا مفيدًا في عملية «التركيب» (ترتيب العناصر البصرية للعمل الفني)، وهي طريقة لعرض الاستخدام المتألق الجديد للمساحات في اللوحات الفنية. يمكن رؤية هذا الإنجاز في لوحات مثل لوحة «الميلاد السري للمسيح» لبوتيتشيلي، ولوحة «أصل درب التبَّانة» لتينتوريتو.

في الوقت نفسه، في الوقت الذي مكَّنَتْ فيه هذه التطورات الفنية الرسَّامين من التعبير عن أفكارهم بمزيد من البراعة، فإن الاهتمام الذي تجدَّدَ بالأساطير الوثنيةوالذي تحقَّقَ بفضل دراسة اليونان وروما القديمتين، وهو ما نجم عنه ارتباك في عقل الرسام بين الأشكال المسيحية والوثنيةلم يشجِّع فحسب على إضفاء المزيد من الطابع البشري على أجساد تلك المخلوقات، بل والصبغة الشهوانية أيضًا عند تصويرها. تَظهر بعض الأشكال التي رُسِمت في سماء عصر النهضة بمظاهر بعيدة كل البُعْد عن الروحانية؛ فأردافها وردية اللون، وأذرعها المتعانقة تُظهِران استمتاعَ الرسَّام بقدرته التي اكتشفها حديثًا على إضفاء الواقعية على الأشكال بحيث تكون أشبه بالبشر مع احتفاظها بالقدرة على الطيران. فكأنَّ الرسام كان يؤدِّي المهمة التي كلَّفَه بها راعيه في رسم وجه السيدة العذراء وآلام القديس ووقار الراعي كما هي، وفي الوقت ذاته أطلق العنان لخياله في تصوير الملائكة؛ حيث ملأ الزوايا والسماوات وقاعدة العرش بأشكالٍ لملائكة تتناسبأحيانًا ولكن ليس دائمًامع هيبة الموقف.

ربما يكون الملاك هو أنسب رمز لعصر النهضة؛ حيث يمثِّل طيرانه بأجنحته تحرُّر الخيال من قيود خرافات العصور الوسطى وأغلالها، غير أن الملاحَظ في تلك الفترة أنه دون أي نقاش ديني أو فلسفي واضح صارت الملائكة إناثًا، وظلَّتْ صورة الملاك الأنثوي الجميل باقيةً في مخيلة الأجيال التالية. من حين لآخَر، نُوقِشَ داخل الكنيسة احتمال وجود اختلاف في النوع أو الجنس بين الملائكة، لكن هذا الجدل كان يُحسَم دائمًا بالتوصُّل إلى نتيجة مفادها أن عدم وجود جسد يعني ضمنيًّا بالضرورة عدم وجود جنس؛ من ثَمَّ فإن هذه الملائكة الحسية في عصر النهضة الحسية كانت تطير خارج نطاق حدود العقيدة الدينية الصارمة.

أدت روح الشك التي سادت عصر النهضة في النهاية إلى ثورة على فساد الكنيسة الرومانية واضمحلالها. وبما أن أساس العقيدة البروتستانتية كان يتمثَّل في رفضها للتبذير والبذخ الواضح في روما، فإن أتباعها اختاروا البساطة البعيدة عن الزخرفة كأسلوبٍ لحياتهم، واعتبروا الاتصالَ المباشِرَ بين الإله والإنسان أساسًا لدينهم. لم تجد فكرةُ الترتيب الهرمي داخل مملكة روحانية رواجًا كبيرًا بين كهنةِ ما بعد الإصلاح الديني، الذين اعتزموا تأسيسَ كنيسة ديمقراطية يستطيع فيها العُبَّاد الحديثَ مع خالقهم مباشَرةً دون وسطاء؛ كنيسة تكون فيها البساطة أكثر أهميةً من الزخارف التي أضحت تقريبًا مظهرًا من مظاهر الكفر. في نظر المتعصبين الذين كانوا ضمن المُصلِحين المناضلين الأوائل، والإنجيليين الذين اتَّبعوهم، كان أقل ما تُوصَف به الملائكة الذين يطيرون أنهم مخلوقات عديمة القيمة.

كان من السهل دومًا مواجهة المتاعب فيما يتعلق بموضوع الملائكة، فالغموض الذي يحيط بهذه المخلوقات حفَّزَ إلى التخمين، وهذا التخمين يمكن أن يُفسَّر بسهولة على أنه هرطقة. في عهد الملكة إليزابيث في إنجلترا استهوت بعضَ المثقفين فكرةُ ربط أنفسهم بقوة الاعتقاد العام في الأرواح الطائرة، من خلال ادعائهم امتلاك وسيلة تمكِّنهم من استدعاء الملائكة وقتما يشاءون، ويسَّرَ الخلطُ بين التنجيم والخيمياء وقوى ما وراء الطبيعة على أناسٍ أمثال المنجم جون دي مسألةَ استخدام حَجَرِه الملائكي، وادِّعَاءَه امتلاك قوى سحرية ووجود حلفاء له من الملائكة. كان التشكيك في وجود الملائكة، سواء بالنسبة للمسيحيين أو اليهود، أكثر خطورةً حتى من ادِّعَاء المرء بأن له تحالفات مع تلك المخلوقات. تعرَّضَ سبينوزاوهو فيلسوف في القرن السابع عشر، جَرُؤ على الكتابة قائلًا إن الملائكة ما هي إلا هلاوسللَّعْن وطُرِدَ من مجتمعه في أمستردام. لا عجب إذن أن العلماء عدلوا من تفكيرهم بحيث يحقِّقون توافُقًا بين شكوكهم العلمية وإيمانهم الموروث. على سبيل المثال، عالم الفلك والرياضيات الألماني كبلر، الذي وضع قانون الميكانيكا السماوية، افترض أن حركة الكواكب ربما ترجع إلى تعرُّضِها للدفع بفعل الملائكة في أرجاء السماء. لقد كان التزمُّتُ الواضح من جانب بعض البروتستانت محاولةً لمقابلة الشك باليقين.

لكن حتى عندما هدأت حدة المعارضة، كانت البساطة وفكرة وجود علاقة مباشِرة بين الإنسان وربه من بين الفضائل المحمودة، وعبرت الكنائس عن عقيدة تختلف قدر المستطاع عن بهاء زخارف عصر ما قبل الإصلاح، وكنائس تيلفورد الصغيرة التي تتبع النظام المشيخي في اسكتلنداوهي كنائس بيضاء اللون تخلو من الزخارفأبلغ تعبيرٍ عن هذه العقيدة، ولا يُفرد بداخلها أي حيز للملائكة. غير أنه بصرف النظر عن مدى تحمُّس أتباع المعارضة للتخلِّي عن أشكال ورموز الكنيسة القديمة، لم تنصرف أذهان العامة عن اعتقادهم في فكرة وجود الملائكة، ومثلما وجدت الكنيسة في بداياتها أنه من المستحسن إدخال الآلهة الوثنية الطائرة ضمن حشود الملائكة المسيحية، تغاضَى رجال الدين البروتستانت عن وجود الملائكة داخل الأماكن المقدسة، إن لم يكن داخل الكنيسة. لم يكن للملائكة العظماء؛ مثل جبريل وميكائيل وإسرافيل، وجودٌ داخلَ جدران الكنائس الصغيرة، لكن كان يظهر في المقابر حشد من الأشكال المجنَّحَة الصغيرة على شواهد قبور الموتى الفقراء. كان يُقصَد بمعظم هذه الأشكال في الواقع تصوير الأرواح المجنَّحَة التي تركت الجسد وفي طريقها للصعود إلى السماء. احتوت بعض شواهد القبور على ملاك حقيقي، يُصوَّر عادةً وهو ينفخ في بوق يستدعي من خلاله الأرواح من أجل البعث. كان الدور الرئيسي للملاك في القرن السابع عشر هو حمل أرواح الموتى، كما يظهر في هذه الصلاة البسيطة التالية:
متَّى ومرقس ولوقا ويوحنا،
باركوا الفراش الذي أرقد عليه،
تلتف أربعة ملائكة حول فراشي،
ملكان عند رأسي،
اثنان يراقبان واثنان يصليان،
واثنان يحملان روحي بعيدًا.
بطبيعة الحال، لم يمضِ تاريخ الملائكة قُدُمًا بخطوات بسيطة مرتبة ترتيبًا زمنيًّا. ففي حين طالبت بعض فئات المجتمع بالبساطة والتبسُّط في عبادتهم، كان آخَرون يسافرون إلى إيطاليا ويعودون وهم يحملون رغبةً في امتلاك صور للملائكة الصغيرة التقليدية. ناقَشَ الفلاسفة — كدأبهم دومًا — الخصائصَ المحتملة للملائكة والقوى التي تتمتع بها تلك المخلوقات، في حين حاولوا التوفيق بين معرفتهم بالكون واعتقادهم في قوى ما وراء الطبيعة. فكانت القصور تُطلَى وتضاف إليها أجنحة في الوقت نفسه الذي تُشيَّد فيه كنائس صغيرة بيضاء وبسيطة من الطين. ربما تداعى الإيمان الديني بالملائكة، لكن الاستمتاع بالخصائص الزخرفية لتلك المخلوقات ازداد.

ثمة ثلاثة أسباب رئيسية أدَّتْ إلى التحوُّل من تصوير الملائكة باعتبارها أرواحًا مجيدة ذات أجنحة، كما نجد في الإنجيل وكما عبَّر عنه رسَّامو عصر النهضة، إلى أشكال بشرية ضعيفة في القرن التاسع عشر. لم يؤمن الاتجاه البروتستانتي بالحاجة إلى وسطاء، وخلق مذهب الشكوكية والاكتشافات العلمية مناخًا من الشك لم تستطع الملائكة التحليق فيه، إلا أن السبب الرئيسي في تراجُع مكانة الملائكة كان يتمثَّل في انتشار التحوُّل إلى المجتمعات الصناعية عقب الثورة الصناعية. ففي نهاية الأمر تضاءَلَ تمجيد ملائكة عصر النهضة؛ بسبب الإدراك المتزايد والمزعج للتدنِّي المخجل لأحوال المرأة في الأحياء الفقيرة، والتسليم المروع بأعداد الوفيات الكبيرة بين الأطفال. رأى المتدينون في القرن الثامن عشر أنه ليس من الممكن فحسب تقبُّل حتمية معاناة النساء والأطفال، بل إن هذه المعاناة مبررة بسبب الذنوب التي اقترفها هؤلاء. أدَّى التحول إلى التصنيع وما تبعه من انحلال للمدن إلى زيادة صعوبة تجاهُلِ هذه المعاناة، وكان للاشمئزاز والحرج اللذين شعرت بهما الطبقة المتوسطة عند بدء إدراكها لمدى الانحطاط الذي بلغه إخوانها في الإنسانية تأثيرٌ على تصوير دور الملائكة في ثقافة القرن التاسع عشر.

عكس الفنَّانون نظامًا جديدًا من القيم عند تعبيرهم عن التَّوْق إلى وجود سيدة مثالية وعفيفة وطاهرة وبِكْر في رسوماتهم للملائكة. كانت ملائكة القرن التاسع عشر عبارة عن أشكال شاحبة اللون ومكتئبة وتعوزها الحيوية، تنحني على جنس بشري بائس أو ملائكة كاروبيم بريئة براءة الأطفال وتتمتع بالصحة، لها جسم ممتلئ متورد، على عكس المظهر الكئيب المنتشر بين الأطفال في واقع الطبقات المتدنية. كتب ويليام بليك يقول في ديوانه «أغنيات البراءة»: «الطفل الإنجليزي أبيض كالملاكوزخرَفَ صفحاتِه بملائكةٍ صغيرة ممتلئة الجسم ولديها أجنحة صغيرة نابتة، وفيما بعدُ كتبَتْ إليزابيث باريت براونينج تقول في قصيدتها «صراخ الأطفال»:
لقد نظروا بوجوههم الشاحبة الكئيبة،
وكانت نظراتهم مروعة،
فهم يذكِّرونك بالملائكة في المراتب العليا،
وهي ناظرة إلى الإله.
كان لبليك تأثير واضح على أسلوب ومحتوى حركةِ ما قبل الرافائيلية التي جاءت من بعده، والتي صُوِّرت الملائكة خلالها بصور بعيدة كل البُعْد عن الشكل الحسي البشري الذي اتَّسَمَ به عصر النهضة. على سبيل المثال، قصة «البشارة» التي تناولتها حركة ما قبل الرافائيلية، عرضت في فكرتها الرئيسية قِيَم العذرية والطهر والكمال الروحاني بما يتلاءم تمامًا مع النموذج الفيكتوري للزوجة المثالية.

ربما لم يكن من المحتوم أن يتدهور تصوير الملائكة في القرن التاسع عشر إلى نوع من الإفراط العاطفي الزائف، فبدون قوة التأثير البائس لجون راسكن ربما لم يكن ليحدث هذا التدهور. إلا أن راسكنالذي حكَمَ عليه رفضُه المشوه للجنسانية البشرية، على الرغم من قواه الفكرية وحساسيته الفنية، بأن يشعر بالارتياح مع تصوير الملائكة كفتيات صغيرات ذوات شرائط ملوَّنة كما فعلت الكاتبة كيت جريناواي، أكثر من شعوره بالارتياح مع الجنسانية المجيدة لمايكل أنجلوكان له تأثير هائل على الرسَّامين المنتمين إلى حركة ما قبل الرافائيلية وما بعدها. لقد ضمن تفضيله للوجدانية، أنه عندما أصبحت الطباعة بالألوان زهيدة الثمن، كانت صورة الملاك المطروحة على السوق العام هي شكل الطفل المفرط في الجمال المأخوذ من كتاب قصاصات الأطفال في العصر الفيكتوري. أدَّتِ الظاهرة الجديدة المتمثِّلة في انتشار ثقافة غير أكاديمية في طبيعتها إلى خلق جمهور لفنٍّ شعبيٍّ لا يتطلب مهارة كبيرة؛ مثل الصور الكثيرة لأطفال يحتضرون وهم يسمعون «كل الملائكة الجميلة وهي آتية

وبالرغم من أنه مع مطلع القرن الجديد استمرَّ تصويرُ الملائكة كمخلوقات بائسة، ظهرت في صور هذا القرن لمحةٌ من المعرفة وشرٌّ مكبوت، وهو ما عُدَّ تدهورًا جعلته تجارب الحرب العالمية الأولى يبدو في غير موضعه. تُعَدُّ شهادات مَن يؤمنون بأنهم قد رأوا ملائكة معركة مونسوهو تشكيل من قوة هائلة ظهرت فوق ساحة المعركةدليلًا آخَر على حاجة البشر إلى مساعدة روحية في المواقف التي لا يطيقونها، وعلى ميلهم إلى اختلاق النوع المناسب من الملائكة ليتلاءم مع احتياجات اللحظة. وُصِفَ مسئول سادي لأحد المعسكرات بأنه «ملاك الموت» في الحرب العالمية الثانية، ويرجع هذا الوصف إلى التفسير اليهودي الأصلي للملاك بأنه رسولوهو هنا يكون حامِلَ رسالةِ الموت الوشيككما يرجع هذا الوصف إلى الملائكة المرعبين الوارد وصفهم في العهد القديم.


في فترةٍ قريبةٍ من عصرنا الحالي، كان العلماء لا يزالون يعتقدون بأن الملائكة لا تستحق كثيرَ عناءٍ في البحث والتحرِّي. كتب جى بي هالدين في مقالة بعنوان «الحجم الحقيقي»:

إن الملاك الذي تُظهِر عضلاتُه قوةً لا تتجاوز القوة التي تُظهِرها عضلات نسر أو حمامة مساوية لهذا الملاك في الوزن، يحتاج إلى صدر حجمه أربعة أقدام ليحمل العضلات المحرِّكة لأجنحته، في حين أنه من أجل تخفيف وزنه، يتقلَّص حجم رجلَيْه لتصبِحَا مجرد ساقين مستدقتين.
في نهاية القرن العشرين ظلَّ الفنانون يرسمون الملائكة بمظاهر وأشكال شتى، بداية من صور بريل كوك لساقيات خمورٍ بدينات ذوات أجنحة، وصولًا إلى ملائكة سيسل كولينز الهزيلة الجريحة. ربما يجب أن نختم بكولينز الذي قال: «إن هذا العالم هو مقبرة للملائكة الصغيرة.» لكن ربما يكون من الأفضل أن نختتم حديثنا بتعبير فرانسيس تومسون الأكثر حسمًا حيث يقول: «تقبع الملائكة في أماكنها القديمة، فما من حجر إلا وتحته ملاك قابع
----------------------
مجلة هيستوري توداي، المجلد ٤٢، العدد ١٢
ديسمبر ١٩٩٢
كن مدون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر

ابحث في الارشيف

الدانة نيوز الصفحة الرئيسية

الدانة نيوز الصفحة الرئيسية
الدانة نيوز هي اداة اعلامية تشكل مدخلا لمعرفة ما يدور في العالم على جميع الاصعدة والمجالات

احدث الاخبار .. الشبكة الاعلامية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

صفمة المقالات

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

مشاركة مميزة

ما هي الروح ... لا وجود للروح

ما هي الروح ... لا وجود للروح ما هي الروح من انتم لتفسروا ما هي الروح ؟؟ علق بعض السادة المحترمين على موضوع خرافة الروح وتاكيد...

تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

اعلن معنا

سلايدر الصور الرئيسي

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك

خدمات نيو سيرقيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اهلا ومرحبا بكم

وكالة انباء الدانة – مؤسسة عربية مستقلة – متخصصة في الاعلام والعلاقات العامة

ابحث في الموقع عن المواضيع المنشورة




لقاء مع المفكر التوسي يوسف الصديق

* * * المفكر التوسي يوسف الصديق: المصحف عمل إنساني يختلف عن القرآن ويجب الإطاحة بالأزهر والزيتونة