تاريخ مكة قبل الاسلام وقبل الفتح / الجزء الخامس
---------------------------------------------
الحياة السياسية
مؤسس دولة قريش .. قصي بن كلاب
قبل البدء في الدخل الى عرض تسلسل للاحوال السياسية في مكة لابد من القاء الضوء على واحدة من اهم الشخصيات في تاريخ عرب الحجاز وهو قصي بن كلاب ..
وحسب سيرة ابن هشان ..قصي بن كلاب بن مرة عاش في الفترة ما بين ( 400 الى 480 ميلادي .. وهو الجد الرابع للنبي محمد. تمكن من بسط نفوذه بشكل واسع لم يحققه احد من قبله على مكة وهو اشهر رجالات قبيلة قريش قبل الاسلام
وجاء ان اسمه كان زيدا ولكن بعج ان توفى والده وكان صغيرا وتزوجت والدته من ربيعة بن حرام بن سعد بن زيد القضاعي .. انتقل معها ومع زوجها الى الشام فاطلق عليه اسم قصي بمعنى البعيد بسبب بعده عن اهله ..
ويقال انه علم بعد ذلك بانه الرجل الذي رباه ليس اباه وانه ينتمي لقبيلة اخرى هي قريش .. وان اخاه (زهره بن كلاب وابناء عمومته يقيمون في مكة ..
وتقول سيرة ابن هشام وجمهرة انساب العرب وغيرهما من المراجع التاريخية وكلها تنقل نفس التفاصيل تقريبا ان قصي انتهز موسم الج ورافق احدى القوافل وعاد الى مكة ..
وعندما مات سيد خزاعة, نادى بأنه هو سيد مكة, واستنصر إخوانه وأقاربه من قريش وإخوانه من أمه كانوا في خارج مكة فجاءوا ونصروه, وتجمع الجيشان للقتال, جيش من قريش وجيش من خزاعة, وكان الصراع على الشرف وملك مكة
ومن المعروف وما اكدنه معظم المصادر التاريخية أن محاولات السيطرة على الكعبة بدأت مع هيمنة خزاعة على مكة ، والتاريخ الايماني يرجع النزاع الى قبيلة جرهم .. وتعدد اشكال الصراع بهدف الاستيلاء على الكعبة لان من يسيطر على الكمعبة يسيطر على مكة ومن يسيطر على مكة يكون له نفوذا قويا بين العرب
وبمجرد عودته الى مكة بدأ قصي بن كلاب يتحرك بدهاء حيث اخذ يتقرب الى قبيلة خزاعة بالتودد ثم بالمصاهرة حيث تزوج ابنة سيد خزاعة .. ولم يكن له ابناء
ومن اهم الاعمال التي نجح فيها قصي ان تمكن من خداع ابي غبشان سليم بن عمرو الخزاعي وان يشتري منه الكعبة مقابل 'زق من الخمر وقعود ليلة سامرة' (مقابل سهرة سكر) .
ويقول الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية اجتمع قصي بن كلاب مع ابي غبشان سليم بن عمرو الخزاعي على شراب فلما سكر ابي غبشان اشترى منه قصي ولاية البيت بزق خمر وقعود: فكان يقال: أخسر من صفقة أبي غبشان'.
وقيل : اخسر من ابي غبشان ... واحمق من ابي غبشان .... واندم من اي غبشان... فجرت امثالا
وقيل فيه شعرا :
باعت خزاعة بيت الله اذا سكرت ... بزق خمر فبئست صفقة البادي
باعت سدانتها بالخمر وانقرضت .. عن المقام وظل البيت والنادي
وقال اخر
ابو غبشان اظلم من قصي .. واظلم من بني فهر خزاعة
فلا تلحوا قصيا في شره .. ولوموا شيخكم اذ كان باعه
وقال اخر
اذا فخرت خزاعة في قديم .. وجدنا فخرها شرب الخمور
وبيعها كعبة الرحمن جمعا .. بزق بئس ما افتخر الفجور
وقال اخر
باعت خزاعة بيت اله صاحبه .. بزق خمر فلا فازوا ولا ربحوا
-------- السيرة النبوية لابن هشام ...
مرفق صورة من خرافات المؤرخين .. ممن زروا الحقيقة ولوثوا التاريخ بالخرافة
ردا على من يدعون ان اجداد النبي كانوا حنفاء ولم يكونوا كفارا يعبدوا الاصنام
فها هو جده الاعظم قصي بن كلاب ..
قال الطبري : وكان قصي يقول : فيما زعموا ولد لي أربعة ، فسميت اثنين بصنمي وواحداً بداري وواحداً بنفسي . وهم عبد مناف وعبد العزى وعبد الدار وعبد قصي تاريخ الطبرى ج1 ص505 .
وفي أنساب الاشراف ج1 ص52 انّ عبد مناف كان اسمه المغيرة وجعلته امه خادماً لمناف وهو أعظم أصنامهم عندهم
الحالة السياسية – قصي بن كلاب والسيطرة على مكة
وجاء في تاريخ اليعقوبي ج1 ص239 ، أنساب الاشراف ج1 ص52:
ولم يكن بمكة بيت في الحرم ، إنّما كانوا يكونون بها نهاراً فإذا أمسوا خرجوا ، فلما جمع قصي قريشاً ، وكان أدهى من رُئِي من العرب ، انزل قريشاً الحرم ، وجمعهم ليلاً ، وأصبح بهم حول الكعبة ، فمشت إليه أشراف بني كنانة ، وقالوا : إنّ هذا عظيم عند العرب ، ولو تركناك ما تركتك العرب . فقال : والله لا أخرج منه ، فثبت .
وبالاضافة الى ما جاء في تاريخ اليعقوبي فان كتاب السيرة النبوية لابن هشام ج1 جاء فيه وحضر الحج ، فقال قصي بن كلاب لقبيلته قريش : قد حضر الحج ، وقد سَمِعَت العرب ما صنعتم ، وهم لكم معظِّمون ، ولا أعلم مكرُمة عند الرب أعظم من الطعام ، فليخرج كل إنسان منكم من ماله خرجاً ! ففعلوا ، فجمع من ذلك شيئاً كثيراً ، فلمّا جاء أوائل الحج نحر على كل طريق من طرق مكة جزورا (ناقة) ، ونحر بمكة ايضا ، وجعل حظيرة (ساحة) فجعل فيها الطعام من الخبز واللحم ، وسقى الماء واللبن ، وغدا على البيت فجعل له مفتاحاً وحجبة ، وحال بين خزاعة وبينه ، فثبت البيت في يد قصي ، ثم بنى داره بمكة ، وهي أول دار بنيت بمكة ، وهي دار النَّدوة .
وكان أمر إجازة الحج من عرفة بيد قبيلة يقال لها ( صوفة ) وهم من نسل الغوث بن مر بن مضر , فكانت صوفة تدفع بالناس من عرفة وتجيز بهم إذا نفروا من منى ثم تبدأ صوفة في رمي الجمار فيرمي الناس , ولا يجوز لأحد أن يرمي حتى ترمي صوفة .
وبعد أن انتزع الولاية على البيت من صهره زعيم خزاعة (حليل بن حبشية) في أواسط القرن الخامس للميلاد سنة 440 م
وفي موسم الحج قال قصي لبني صوفه : (نحن أولى منكم بهذا) . ونشب القتال بينهما في موسم الحج , في الأرض الحرام , في بيت الله , في مكة , وإنهزمت صوفة . واستولى قصي على ما كان بيدهم من أمور الحج .
لكن الامر لم يستتب لقصي وقبيلته حتى ذاك الوقت حيث تصدت له خزاعة مع حلفائها ودارت بينهما سلسلة من المعارك وسقط العديد من القتلى ولم يكن لاحدهما غلبة على الاخر فلجأوا الى التحيكم .. واحتاروا احد الحكماء فحكم لصالح قريش وتحالف مع قصي القرشيون والكنانيون وغيرهم ، حتى انتهى الأمر بطرد الخزاعيين من مكة وبذلك صارت لقصي ثم لقريش السيادة التامة والأمر النافذ في مكة، واصبح قصي هو السيد الديني للبيت الحرام الذي كانت تفد إليه العرب من جميع أنحاء الجزيرة
الحالة السياسية – قصي يبني دولة قريش ويسيطر عليها
قصي بن كلاب (قيصر مكة – امبر اطور مكة – صاحب مكة – دكتاتور مكة
كل هذه الاسماء تنطبق على قصي بن كلاب وتصف مدى سيطرته وهيمنته وتحكمه بمكة واهلها ويقول ( المسعودي ) في مروج الذهب و معادن الجوهر ، ج2 ، ص 58 : " واستقام أمر قصي ، ورتب قريشاً على منازلها في النسب بمكة ، وبنى الكعبة وتولى امرها ، وبدأ بفرض الضرائب والعشور على القوافل التجارية المارة بمكة ، مقابل تأمينهم ، وتأمين السقاية والرفادة لهم ، "وعشر على من دخل مكة من غير قريش".
وهكذا بدأ قصي يرفع اعمدة دولة قريش في مكة وينظم اقتصادها ويفرض ضرائب ورسوم لتمويلها ورفع شأن دولته عن طريق المنزلة الدينية للكعبة واستضافتها لارباب (الهة) القبائل الاخرى,
ويتحدث المسعودي في مروج الذهب عن خطط قصي لاقانة دولة ولها اقتصادها ومعنى التقريش (من قريش) والايلاف بمعنى الامن ,, وكيف انه اظهر حنكة سياسية وتصميم على بناء دولة مكة حين ارسل رسلا الى الممالك في الجزيرة لتنظيم علاقات ودية معها وطمأنتها على تجارتها كي تستمر حركة القوافل في المرور من اراضي مكة ويتقاضى عليها رسوما ويقول المسعودي : " وأخذت قريش الإيلاف من الملوك ، وتقرشت ,
اما ابن كثيرفي (البداية والنهاية) فانه يعطي معنى اخر للتقريش ويؤكد ان معناه مرتبط بالنشاط الاقتصادي والتغيير في المجتمع المكي وبداية تكون مجتمع مستقر وامن مرتبط بالنشاط الاقتصادي وتةوفير الامن الضروري للحفاظ على مكة كمحطة ترانزيت للقوافل العابرة فيقول ابن كثير : " وأما اشتقاق قريش ؛ فقيل من التقرش وهو التجمع بعد التفرق ، وذلك في زمن قصي بن كلاب ؛ فإنهم كانوا متفرقين لجمعهم بالحرم ، وقد قال حذاقة بن غانم العدوي :أبوكم قصي كان يدعى مجمعاً به جمع الله القبائل من فهر.
.. وقيل سميت قريش من التقرش ، وهو التكسب والتجارة ، وهذا ما قاله ابن هشام، وقال الجوهري : القرش الكسب و الجمع ، وقد قرش يقرش .. قال البيهقي .. إن معاوية قال لابن عباس : فلم سميت قريش ؟ فقال : لدابة تكون في البحر تكون أعظم دوابة يقال لها القرش ، لا تمر بشيء من الغث والسمين إلا أكلته .. فأنشده شعر الجمحي إذا يقول :
وقريش هي التي تسكن البحر بها سميت قــــريش قريـــــــشا
تأكل الـــغث و الســـمين و لا تتـــركن لــــذي الجناحين ريش هـــكذا فـــي البــــلاد
هـــي قــريش يـــــأكلون البـلاد أكــلا كمــيشا
ولــــــهم آخـــــــــر الــزمــــــان نبي يكثر القتل فــيهم و الخمــوشــا.
ثم يقول ابن كثير : " .. فكان قصي أول بني كعب أصاب ملكاً ، أطاع له به قومه ، وكانت إليه الحجابة والسقاية والرفادة والندوة ، فحاز شرف مكة كله ، وقطع مكة أرباعاً بين قومه ؛ فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة .. فكانت لقصي ابن كلاب جميع الرئاسة ، من حجابة البيت وسدانته ، واللواء ، وبني داراً لإزاحة الظلمات وفصل الخصومات سماها دار الندوة .
قال بن عباس : وفي داره (دار الندوة) التي جعل بابها إلى البيت ، كان يكون أمر قريش كله وما أرادوا من نكاح أو حرب أو مشورة فيما ينوبهم حتى إن كانت الجارية تبلغ أن تَدَّرِعَ فما يشق درعها إلا فيها ثم ينطلق بها إلى أهلها ، ولا يعقدون لواء حرب لهم ولا من قوم غيرهم إلا في دار الندوة يعقده لهم قصي ، ولا يُعْذَر لهم غلام إلاّ في دار الندوة ، ولا تخرج عِير من قريش فيرحلون إلاّ منها ، ولا يقدمون إلاّ نزلوا فيها تشريفاً له وتيمناً برأيه ومعرفة بفضله ، ويتبعون أمره كالدين المتبع لا يعمل بغيره في حياته وبعد موته ، وكانت إليه الحجابة والسقاية والرفادة واللواء والندوة وحكم مكة كله . وأدخل قصي بطون قريش كلها الأبطح فسموا قريش البطاح
الحالة السياسية "بن كلاب" أول سيد مطلق النفوذ في مكة
وهكذا دخلت قريش مرحلة جديدة اكثر تحضرا عن مرحلة نظام شيخ القبيلة المطاع امره .. الى ما يشبه دوله لها مؤسسات يحكمها شيخ بقوة قوانين ومؤسسات (تعتبر متحضرة قياسا لما كان) وكان ابرزها دار الندوة .. والتي لم تحسم كتب التراث موقعها بالضبط ان كانت هي الكعبة ذاتها او فناؤها حيث كان فيها تتخذ كما اشرنا جميع القرارات صغيرها وكبيرها في الحرب او في السلم وكانت ملتقى لاكابر القبائل (الملأ) أي الاثرياء (الارستقراطية) وهذا ادى بشكل طبيعي الى ظهور الصراعات حول امتلاك وسائل الانتاج والسلطة السياسية التي تتحكم فيها وحل الملأ (الارستقراطية) محل شيوخ القبائل التقليديين للتشار والمشاركة بادارة شؤون الدولة الجديدة واطلق على دار الندوة تعبير (الديمقراطية البدوية) او (البرلمان البدوي)
ولا يفوتنا التاكيد على ان اساس السيادة واساس السيطرة واساس الملك لقصي هو الدين باعتباره يمتلك مفاتيح الكعبة .. واساس هيمنة قريش هي الدين باعتبارهم حماة الكعبة والبيت الحرام .. واساس اهمية مكة هو الدين ايضا لوجود الكعبة والمسجد الحرام فيها .. الدين ثم الدين ثم الدين
قال ابن الأثير : " كان أمر قصي فيهم شرعاً متبعاً ، معرفة منهم لفضله وتيمناً بأمره ، وقال الطبري : " فكان أمره في قومه في حياته وبعد موته كالدين المتبع "
حتى الاقتصاد فقد كان مصدره الدين .. مواسم الحج ,, الى جانب عشور التجارة
وامسك قصي بكل ادوات السلطة على النحو التالي :
1 ـ رياسة دار الندوة : ففيها كانوا يتشاورون فيما نزل بهم من جسام الأمور، وفيها كانوا يزوجون بناتهم .
2 ـ اللواء : فكانت لا تعقد راية ولا لواء لحرب قوم من غيرهم إلا بيده أو بيد أحد أولاده، وفي هذه الدار.
3 ـ القيادة : وهي إمارة الركب، فكانت لا تخرج ركب لأهل مكة في تجارة أو غيرها إلا تحت إمارته أو إمارة أولاده .
4 ـ الحجابـة : وهي حجابة الكعبة ، لا يفتح بابها إلا هو، وهو الذي يلي أمر خدمتها وسدانتها .
5 ـ سقاية الحاج : وهي أنهم كانوا يملأون للحجاج حياضًا من الماء ، يحلونها بشيء من التمر والزبيب ، فيشرب الناس منها إذا وردوا مكة .
6 ـ رفادة الحاج : وهي طعام كان يصنع للحاج على طريقة الضيافة ، وكان قصي فرض على قريش خرجاً تخرجه في الموسم من أموالها إلى قصي ، فيصنع به طعاماً للحاج ، يأكله من لم يكن له سعة ولا زاد.
بداية الصراع السياسي في مكة بين ابناء العمومة القرشيون
كانت كل تلك المناصب السيادية التي ذكرناها في البوست رقم (46) هي لقصي بن كلاب ، ثم اعطى ابنه عبد مناف ،( دار الندوة واللواء والقيادة والحجابة والسقاية والرفادة)
وكان واعطى ابنه البكرعبد الدار مفتاح الكعبة وتوارثه ابنائه.
وكان قصي لا يخالف ولا يرد عليه شيء صنعه ، وكان أمره في حياته وبعد موته كالدين المتبع ، فلما هلك أقام بنوه أمره ، ولكن لما هلك عبد مناف نافس أبناؤه بنى عمهم عبد الدار في هذه المناصب وكان ابناء عبد مناف هم اشرف فى قومهم واعظم مكانة فاجتمعوا على ان ياخذوا ما بأيدى ابناء عمومتهم وكادت ان تقوم بينهم حرب ....، وانقسمت قريش الى فريقين ، وكاد يكون بينهم قتال ، إلا أنهم تداعوا إلى الصلح ان عقد حلف المطيبين باقتسام المناصب فيما بينهم وظل الحال كذلك حتى جاء الاسلام.
وتم تقسيم هذه المناصب على أن تكون (السقاية والرفادة والقيادة ) إلى بنى عبد مناف ، وبقيت ( دار الندوة واللواء والحجابة ) بيد بنى عبد الدار .
وقيل : كانت دار الندوة بالاشتراك بين الفريقين ، ثم حكم بنو عبد مناف القرعة فيما أصابهم ، فصارت ( السقاية والرفادة ) لهاشم و القيادة ( لعبد شمس)
وهذه المناصب التي وزعوها فيما بينهم ، هي بالأصح : شبه دويلة ديمقراطية ـ وكانت لهم من الدوائر والتشكيلات الحكومية مـا يشبه في عصرنـا هـذا دوائـر البرلمـان ومجالسها ، وهاك لوحة من تلك المناصب :
1_ هاشم: وكان يمثله في الحكومة "العباس بن عبد المطلب" الذي كان يتولى منصب "سقاية الحجاج" الذين يحجون الى الكعبة قبل الاسلام... أي توفير الماء اللازم لشربهم، والاشراف على توزيعه.
".2_ امية: وكان يمثله في الحكومة "ابو سفيان بن حرب"، وكانت مسئوليته فيها هي القيادة الحربية لجيوش قريش في القتال، إذ كانت عنده راية قريش المسماة "العقاب".
3_ نوفل: وكان يمثله في الحكومة "الحارث بن عامر"، وكانت مسئوليته القيام على الاموال التي ترصدها قريش لانفاقات موسم الحج، والتي يسمونها: "الرفادة".
4_ عبد الدار: وكان يمثله في الحكومة "عثمان بن طلحة"، وكانت مسئولياته مرتبطة بالكعبة له سدانتها وحجابتها، والقيام على دار الندوة، التي كانت يومئذ بمثابة البرلمان.
5_ أسد: وكان يمثله في الحكومة "يزيد بن زمعة بن الاسود"، وكانت مسئوليته فيها "المشورة"، إذ كان المردع في الامور المشكلة على هذه "البطون
6_ تيم: وكان يمثله في الحكومة "عبد الكعبة _أو عبد الله _ بن عثمان"، أي "أبو بكر الصديق" _كما اشتهر اسمه بعد ذلك _ وكانت مسئوليته فيها تقدير الديات والمغارم التي تلزم قريشاً والتعهد بأدائها وتنظيم ذلك، وكانوا يسمون هذه المسئولية: "الاشناق"..
7_ مخزوم: وكان يمثله في الحكومة "خالد بن الوليد"، وكانت مسئوليته فيها القيام على الاموال المخصصة للحرب والقتال، وكذلك قيادة الخيل والفرسان في الحرب وكانوا يسمون هذه المسئولية "القبَّة والأعِنَّة".
8_ عدي: وكان يمثله في الحكومة "عمر بن الخطاب" وكانت مسئوليته فيها شبيهة بمسئولية وزير الخارجية، وكانوا يسمونها يومئذ "السفارة".
9_ جمح: وكان يمثله في الحكومة "صفوان بن أمية"، وكان مسئولا عن "الايسار والازلام"، يذهب القوم اليه كي يديرها ويستشيرها قبل اقدامهم على مهمات الامور.
10_ سهم: وكان يمثله في الحكومة "الحارث بن قيس"، وكانت مسئوليته "الحكومة"، أي التحكيم، وكذلك القيام على الاموال الموقوفة على الآلهة التي يعبدونها
-------------0000000000000
السيرة النبوية لابن هشام ج1 ص117ـ118 .
البداية و النهاية ابن كثير
مروج الذهب و معادن الجوهر ، ج2 المسعودي
فتوح البلدان .. البلاذري
تاريخ الرسل و الملوك الطبري
---------------------------00000000000000
الحالة السياسية في مكة قبل الاسلام
قصي يمنح ولديه سلطات السيادة على مكة (بدايات الصراع السياسي)
تمايز وتمييز وظلم وجور واضطهاد القوي يدوس على الضعيف والاسياد يستعبدون العبيد والنساء .. والفقر طاغ الا من اقلية ارستقراطية .. ولعل اوضح تعبير عن حالة العرب قبل الاسلام ما قاله جعفر بن أبي طالب للنجاشي: «ملك الحبشة" قال " كنا أهل جاهلية: نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتيالفواحش، ونقطع الأرحام ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله لنا رسولاً كما بعث الرسل إلى من قبلنا" (المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام 1/66)
وبنفس المعنى والمضمون قال المغيرة بن شعبة ل كسرى الفرس يزدجرد في وصفه لحالة العرب، فقد ذكر ابن كثير عن المغيرة قوله: «... كنا نأكل الخنافس والجعلان، والعقارب والحيات، ونرى ذلك طعامنا، وأمّا المنازل فإنما هي ظهر الأرض، ولا نلبس إلاّ غزلنا من أوبار الإبل وأشعار الغنم... وديننا أن لا يقتل بعضنا بعضاً وأن لا يبغي بعضنا على بعض... وإن كان أحدنا ليدفن ابنته وهي حية كراهية أن تأكل من طعامه"
وقد دخلت مكة في وضع النظام الاجتماعي بعد أن مرت بمرحلة من الاضطراب خلال القتال على السيادة.
وتاريخ مكة الحقيقي كما ذكرنا سابقا بدأ مع قصي بن كلاب الذي تولى أمر مكة حوالي منتصف القرن الخامس الميلادي، وخلال حياته استقرت قبيلة قريش وادخل تحسينات على مكة، وجعل منها مدينة ذات اهمية دينية واقتصادية، وأصبحت تتمتع بمكانة عامة شملت معظم اجزاء شبه الجزيرة وابرمت تعاهدات وعهود وتحالفات واحلاف.
وكما ذكرنا كان قصي أول رجل من بني كنانة وصل الى هذا المنصب سيدا على مكة واول من خضعت له قريش فاستأثر بكل المناصب السيادية : الحجابة، والرفادة، والسقاية، والندوة، واللواء، والقيادة.. يعني الحاكم المطلق ..
وكان ولده عبد مناف بن قصي قد برز وظهر وتميز على بني قومه في زمان أبيه وبدت بوادر تنذر بالشر نتيجة الحسد، فقام قصي بتقسيم الوظائف السيادية الست في مكة بين ابنيه، عبد الدار- وهو الأكبر - فأعطاه "السدانة" وهي الحجابة ودار الندوة، واللواء، وأعطى عبد مناف السقاية، والرفادة والقيادة. أي وزع السلطات كلها بين ولديه ..
وهكذا سن قصي نوعا من التنظيم الاداري يكفل لقريش وأبنائه مكان الزعامة والصدارة.
وكان لهذا التقسيم ان كان اساس الصراع السياسي بين القرشيين والذي سناتي على تفاصيله لاحقا .
من ملامح الصراع بين بطون قريش
بعد ان قام قصى بتعيين ولديه (عبد الدار) وعبد مناف) اسيادا على مكة بتوزيع الوظائف الفرعية في ادراة شؤون مكة بين مختلف بطون قريش كي يضمن لولديه ولمكة وللمجتمع الاستقرار والاستمرار بعد وفاته وان يبعد عن مكة الصراعات والتنافس فجعل لكل بطن وظيفة معينة، يختار البطن لها من رجاله من يشغلها .
ومن اهم البطون هم : الأباطح، وقريش البطاح، وهم بنو عبد مناف، وبنو عبد الدار، وبنو زهرة، وبنو تيم بن مرة، وبنو مخزوم، وبنو سهم، وبنو عبد العزّى، وجمح، وبنو عدي بن كعب، وبنو عامر بن لؤي، وبنو هلال بن أهيب.
ونظراً للتفاوت فيما بينها في المكانة المرموقة ومنعة الجانب فقد نافس بعضهم بعضاً في تولي الزعامة العامة في مكة بالرغم من محاولة قصي تفاديها
وقد برزت المنافسة حادة لاحقا بين هذه البطون خصوصا بينها وبين هاشم الذي علا نجمه وطال شأنه وكثر حساده ، فكانت منافرات معه ومع أبنائه من حسادهم وبسببها عُقدت أحلاف، وكان منها حلف المطيبّين لبني عبد مناف، وكانت الأحلاف لبني عبد الدار". .
وقد عبر
(1) وقد أشار إلى ذلك شيخ البطحاء أبو طالب في أشعاره فقال:
رجال تمالوا حاسدين بغضةً
لأهل العلا فبيـنهم أبـداً وتـر
وليد أبوه كان عبـداً لجدنـا
إلى علجة زرقاء جال بها السحرُ
وتيم ومخزوم وزهرة منهـم
وكانوا بنا أولى إذا بُغي النـصر
فوالله لا تـنفك منـا عداوة
ولا منهم ما دام من نـسلنا شفـر
ومع قيام ذلك التحالف وتوزيع الوظائف الفخرية بين البطون القرشية، فإنّ السيادة والشرف لبني هاشم، لأنهم على حدّ قول شيخهم وشيخ البطحاء أبي طالب (رضي الله عنه):
فإنّا بمكة قدماً لنا
به العزّ والخطـرُ الأعظم
ومن يـكُ فيها لـه عـزّةٌ
حديثـاً فعزّتـنـا الأقـدم
ونحن بـبطحائها الرائسون
والقائدون ومن يـحكم
نشأنا فكنـا قليـلاً بـهـا
نجيـر وكنّـا بهـا نـطعم
إذا عضّ أزمُ السنين الأنام
وجَبَّ القتـارَ بهـا المعـدم
نماني شيبة ساقي الحجيج
ومجــدٌ منـيف الــذرى مُعلَمُ
أنظر العقد الفريد 2/318، والملاحم والفتن لابن طاووس الحسني /81 - 82،
ولاحظ معجم البلدان 2/213 ط الأولى بمصر، وثمار القلوب للثعالبي /96
تاريخ مكة (الجزء الرابع) 50
الحالة السياسية في مكة قبل الاسلام
هذه هي قبيلة قريش .. دققوا النظر لتتأكدوا ان الاسلام بنى دولة قريش وليس دولة اسلامية
------------------------
من قبائل قريش: بنو عبد مناف بن قصي بن كلاب
. وبنو عبد مناف أربعة: هاشم، والمطلب رهط عبيدة بن الحارث المقتول يوم بدر، وعبد شمس، ونوفل رهط جبير بن مطعم لم يتشعب منهم إلا عبد شمس.
فمن بطون عبد شمس: أمية بن عبد شمس، وعبد العُزىبن عبد شمس، رهط أبي العاصي ابن الربيع. وحبيب بن عبد شمس، رهط "عامر" بن كريز، وربيعة بن عبد شمس أبو عتبة وشيبة.
وبنو أمية بن عبد شمس صنفان: الأعياص، والعنابس،
فالأعياص: العاصي وأبو العاصي والعيص وأبو العيص بنو أمية.
والعنابس: حرب وأبو حرب وسفيان وأبو سفيان بنو أمية، واسم أبي سفيان عنبسة. ومن الأعياص عثمان بن عفان، وعتَّاب بن أسيد عامل النبي على مكة، وآل سعيد بن العاصي.
ومن العنابس آل أبي سفيان بن حرب مُعاوية وولده وأخوته، هؤلاء بنو عبد مناف بن قصي،
وبنو قصي: عبد مناف، وعبد العزى، وعبد الدار سدنة البيت وأصحاب الألوية. ثم أسد بن عبد العزى بن قصي، رهط خديجة بنت خويلد، والزبير بن العوام، فهؤلاء بنو قصي بن كلاب.
وبنو كلاب اثنان: قصي وزهرة. فزهرة رهط عبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، ومنهم آمنة بنت وهب أم النبي. هؤلاء بنو كلاب بن مرة.
وبنو مرة ثلاثة: كلاب وتيم ويقظة أبو مخزوم.
فتيم رهط أبي بكر الصديق، وطلحة بن عبيد الله وعبد الله بن جُدعان كان سيد قريش في الجاهلية. وبنو مخزوم بن يقظة منهم آل المُغيرة، ومنهم أم سلمة بنت أبي أُمية ابن المغيرة زوج النبي ، وخالد بن الوليد بن المغيرة، وسعيد بن المسيب الفقيه هؤلاء بنو مرة بن كعب.
وبنو كعب ثلاثة: مرة، وعُديل، وهُصَيص فعدي بن كعب رهط عمر بن الخطاب وزيد بن عمرو بن نُفيل.
وأما هُصيص فهم: سهن وجمح ابنا عمرو بن هصيص، من بني سهم عمرو بن العاص، ومن بني جمح: عثمان بن مضعون، وصفوان ابن أمية، وأبو محذورة مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء بنو كعب بن لؤي. وبنو لؤي جماعة تبنّا منهم ثلاثة: كعب، وعامر، وسامة، فمن عامر بن لؤي: بنو مالك بن حسل بن عامر رهط سهيل ابن عمرو وسودة بنت زَمْعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وبنو مَعيص ابن عامر، منهم ابن قيس الرقيات، ومنهم ابن العرقة.
وبنو سامة منهم بنو ناجية رهط عبَّاد بن منصور قاضي البصرة هؤلاء بنو لؤي بن غالب.
وبنو غالب اثنان: لؤي وتيم الأدرم رهط ابن خطل الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله يوم الفتح فقتله علي ابن أبي طالب هؤلاء بنو غالب بن فهر.
وبنو فهر ثلاثة: غالب والحارث ومحارب بن فهر رهط الضحاك بن قيس فهؤلاء قبائل قريش.(ألف)تاريخ مكة (الجزء الرابع) 51
حلف الفضول
من أهم الأحلاف القرشية التي سجلتها مصادر التاريخ، حلف الفضول الذي دعا اليه عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وآله.. وسمي حلف المطيبين، لأنهم أكدوا تحالفهم بغمس أيديهم في جفنة طيبٍ صنعتها لهم بنت عبد المطلب.
وكانت أهم بنود هذا الحلف: أن يحموا الكعبة الشريفة ممن يريد بها شراً، ويمنعوا الظلم فيها، وينصروا المظلوم حتى يصل الى حقه.
وكان هذاالحلف جواباً لحلف مضادٍ، دعا اليه بنو عبد الدار، فأجابتهم بعض قبائل قريش، وعرف حلفهم باسم (لعقة الدم) لأنهم ذبحوا بقرة، وأكدوا تحالفهم بأن يلعق ممثل القبيلة لعقةً من دمها!
وقد اختلفت النصوص في سبب الحلفين ووقتهما، فذكر بعضها أنه عند بناء الكعبة بسبب اختلافهم على القبيلة التي تفوز بشرف وضع الحجر الأسود في موضعه.
وذكر بعضها أنه كان بسبب شكاية بائع مظلوم، اشترى منه قرشي بضاعة، وأراد أن يأكل عليه ثمنها..
والأرجح ما ذكره ابن واضح اليعقوبي من أن بني عبد الدار حسدوا عبد المطلب ، فدعوا الى حلف لعقة الدم، فدعا عبد المطلب في مقابلهم الى حلف المطيبين.
ـ قال اليعقوبي في تاريخه: 1|248
ولما رأت قريش أن عبد المطلب قد حاز الفخر، طلبت أن يحالف بعضها بعضاً ليعزُّوا، وكان أول من طلب ذلك بنو عبد الدار لما رأت حال عبد المطلب، فمشت بنو عبد الدار الى بني سهم فقالوا: إمنعونا من بني عبد مناف.... فتطيب بنو عبد مناف، وأسد، وزهرة، وبنو تيم، وبنو الحارث بن فهر، فسموا حلف المطيبين.
فلما سمعت بذلك بنو سهم ذبحوا بقرةً وقالوا: من أدخل يده في دمها ولعق منه، فهو منا! فأدخلت أيديها بنو سهم، وبنو عبد الدار، وبنو جمح، وبنو عدي، وبنو مخزوم، فسموا اللعقة.
وكان تحالف المطيبين ألا يتخاذلوا، ولا يسلم بعضهم بعضاً.
وقالت اللعقة: قد أعتدنا لكل قبيلةٍ قبيلة.
ـ وقال اليعقوبي: 2|17
كان سبب حلف الفضول أن قريشاً تحالفت أحلافاً كثيرة على الحمية والمنعة، فتحالف المطيبون وهم بنو عبد مناف، وبنو أسد، وبنو زهرة، وبنو تيم، وبنو الحارث بن فهر، على أن لا يسلموا الكعبة ما أقام حراء وثبير، وما بلَّ بحرٌ صوفة.
فتذممت قريش فقاموا فتحالفوا ألا يظلم غريبٌ ولا غيره، وأن يؤخذ للمظلوم من الظالم، واجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان التيمي.
وكانت الأحلاف هاشم، وأسد، وزهرة، وتيم، والحارث بن فهر، فقالت قريش:
هذا فضول من الحلف، فسمي حلف الفضول.
ـ وفي سيرة ابن هشام: 1|85
فكان بنو أسد بن عبد العزى بن قصي، وبنو زهرة بن كلاب، وبنو تيم بن مرة بن كعب، وبنو الحارث بن فهر بن مالك بن النضر، مع بني عبد مناف.
وكان بنو مخزوم بن يقظة بن مرة، وبنو سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو عدي بن كعب، مع بني عبد الدار.
ويفهم من هذه النصوص وغيرها أن حركة التحالف بدأها بنو عبد الدار حسداً لعبد المطلب، فسعوا للتحالف ضده، فبادر عبد المطلب ومؤيدوه الى عقد حلف المطيبين قبلهم، ثم عقد بنو عبد الدار ومؤيدوهم حلف لعقة الدم.
ويفهم منها، أن أهداف حلف عبد المطلب حماية الكعبة ونصرة المظلوم، بينما هدف حلف بني عبد الدار مواجهة المطيبين!
الحياة السياسية
مؤسس دولة قريش .. قصي بن كلاب
قبل البدء في الدخل الى عرض تسلسل للاحوال السياسية في مكة لابد من القاء الضوء على واحدة من اهم الشخصيات في تاريخ عرب الحجاز وهو قصي بن كلاب ..
وحسب سيرة ابن هشان ..قصي بن كلاب بن مرة عاش في الفترة ما بين ( 400 الى 480 ميلادي .. وهو الجد الرابع للنبي محمد. تمكن من بسط نفوذه بشكل واسع لم يحققه احد من قبله على مكة وهو اشهر رجالات قبيلة قريش قبل الاسلام
وجاء ان اسمه كان زيدا ولكن بعج ان توفى والده وكان صغيرا وتزوجت والدته من ربيعة بن حرام بن سعد بن زيد القضاعي .. انتقل معها ومع زوجها الى الشام فاطلق عليه اسم قصي بمعنى البعيد بسبب بعده عن اهله ..
ويقال انه علم بعد ذلك بانه الرجل الذي رباه ليس اباه وانه ينتمي لقبيلة اخرى هي قريش .. وان اخاه (زهره بن كلاب وابناء عمومته يقيمون في مكة ..
وتقول سيرة ابن هشام وجمهرة انساب العرب وغيرهما من المراجع التاريخية وكلها تنقل نفس التفاصيل تقريبا ان قصي انتهز موسم الج ورافق احدى القوافل وعاد الى مكة ..
وعندما مات سيد خزاعة, نادى بأنه هو سيد مكة, واستنصر إخوانه وأقاربه من قريش وإخوانه من أمه كانوا في خارج مكة فجاءوا ونصروه, وتجمع الجيشان للقتال, جيش من قريش وجيش من خزاعة, وكان الصراع على الشرف وملك مكة
ومن المعروف وما اكدنه معظم المصادر التاريخية أن محاولات السيطرة على الكعبة بدأت مع هيمنة خزاعة على مكة ، والتاريخ الايماني يرجع النزاع الى قبيلة جرهم .. وتعدد اشكال الصراع بهدف الاستيلاء على الكعبة لان من يسيطر على الكمعبة يسيطر على مكة ومن يسيطر على مكة يكون له نفوذا قويا بين العرب
وبمجرد عودته الى مكة بدأ قصي بن كلاب يتحرك بدهاء حيث اخذ يتقرب الى قبيلة خزاعة بالتودد ثم بالمصاهرة حيث تزوج ابنة سيد خزاعة .. ولم يكن له ابناء
ومن اهم الاعمال التي نجح فيها قصي ان تمكن من خداع ابي غبشان سليم بن عمرو الخزاعي وان يشتري منه الكعبة مقابل 'زق من الخمر وقعود ليلة سامرة' (مقابل سهرة سكر) .
ويقول الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية اجتمع قصي بن كلاب مع ابي غبشان سليم بن عمرو الخزاعي على شراب فلما سكر ابي غبشان اشترى منه قصي ولاية البيت بزق خمر وقعود: فكان يقال: أخسر من صفقة أبي غبشان'.
وقيل : اخسر من ابي غبشان ... واحمق من ابي غبشان .... واندم من اي غبشان... فجرت امثالا
وقيل فيه شعرا :
باعت خزاعة بيت الله اذا سكرت ... بزق خمر فبئست صفقة البادي
باعت سدانتها بالخمر وانقرضت .. عن المقام وظل البيت والنادي
وقال اخر
ابو غبشان اظلم من قصي .. واظلم من بني فهر خزاعة
فلا تلحوا قصيا في شره .. ولوموا شيخكم اذ كان باعه
وقال اخر
اذا فخرت خزاعة في قديم .. وجدنا فخرها شرب الخمور
وبيعها كعبة الرحمن جمعا .. بزق بئس ما افتخر الفجور
وقال اخر
باعت خزاعة بيت اله صاحبه .. بزق خمر فلا فازوا ولا ربحوا
-------- السيرة النبوية لابن هشام ...
مرفق صورة من خرافات المؤرخين .. ممن زروا الحقيقة ولوثوا التاريخ بالخرافة
ردا على من يدعون ان اجداد النبي كانوا حنفاء ولم يكونوا كفارا يعبدوا الاصنام
فها هو جده الاعظم قصي بن كلاب ..
قال الطبري : وكان قصي يقول : فيما زعموا ولد لي أربعة ، فسميت اثنين بصنمي وواحداً بداري وواحداً بنفسي . وهم عبد مناف وعبد العزى وعبد الدار وعبد قصي تاريخ الطبرى ج1 ص505 .
وفي أنساب الاشراف ج1 ص52 انّ عبد مناف كان اسمه المغيرة وجعلته امه خادماً لمناف وهو أعظم أصنامهم عندهم
الحالة السياسية – قصي بن كلاب والسيطرة على مكة
وجاء في تاريخ اليعقوبي ج1 ص239 ، أنساب الاشراف ج1 ص52:
ولم يكن بمكة بيت في الحرم ، إنّما كانوا يكونون بها نهاراً فإذا أمسوا خرجوا ، فلما جمع قصي قريشاً ، وكان أدهى من رُئِي من العرب ، انزل قريشاً الحرم ، وجمعهم ليلاً ، وأصبح بهم حول الكعبة ، فمشت إليه أشراف بني كنانة ، وقالوا : إنّ هذا عظيم عند العرب ، ولو تركناك ما تركتك العرب . فقال : والله لا أخرج منه ، فثبت .
وبالاضافة الى ما جاء في تاريخ اليعقوبي فان كتاب السيرة النبوية لابن هشام ج1 جاء فيه وحضر الحج ، فقال قصي بن كلاب لقبيلته قريش : قد حضر الحج ، وقد سَمِعَت العرب ما صنعتم ، وهم لكم معظِّمون ، ولا أعلم مكرُمة عند الرب أعظم من الطعام ، فليخرج كل إنسان منكم من ماله خرجاً ! ففعلوا ، فجمع من ذلك شيئاً كثيراً ، فلمّا جاء أوائل الحج نحر على كل طريق من طرق مكة جزورا (ناقة) ، ونحر بمكة ايضا ، وجعل حظيرة (ساحة) فجعل فيها الطعام من الخبز واللحم ، وسقى الماء واللبن ، وغدا على البيت فجعل له مفتاحاً وحجبة ، وحال بين خزاعة وبينه ، فثبت البيت في يد قصي ، ثم بنى داره بمكة ، وهي أول دار بنيت بمكة ، وهي دار النَّدوة .
وكان أمر إجازة الحج من عرفة بيد قبيلة يقال لها ( صوفة ) وهم من نسل الغوث بن مر بن مضر , فكانت صوفة تدفع بالناس من عرفة وتجيز بهم إذا نفروا من منى ثم تبدأ صوفة في رمي الجمار فيرمي الناس , ولا يجوز لأحد أن يرمي حتى ترمي صوفة .
وبعد أن انتزع الولاية على البيت من صهره زعيم خزاعة (حليل بن حبشية) في أواسط القرن الخامس للميلاد سنة 440 م
وفي موسم الحج قال قصي لبني صوفه : (نحن أولى منكم بهذا) . ونشب القتال بينهما في موسم الحج , في الأرض الحرام , في بيت الله , في مكة , وإنهزمت صوفة . واستولى قصي على ما كان بيدهم من أمور الحج .
لكن الامر لم يستتب لقصي وقبيلته حتى ذاك الوقت حيث تصدت له خزاعة مع حلفائها ودارت بينهما سلسلة من المعارك وسقط العديد من القتلى ولم يكن لاحدهما غلبة على الاخر فلجأوا الى التحيكم .. واحتاروا احد الحكماء فحكم لصالح قريش وتحالف مع قصي القرشيون والكنانيون وغيرهم ، حتى انتهى الأمر بطرد الخزاعيين من مكة وبذلك صارت لقصي ثم لقريش السيادة التامة والأمر النافذ في مكة، واصبح قصي هو السيد الديني للبيت الحرام الذي كانت تفد إليه العرب من جميع أنحاء الجزيرة
الحالة السياسية – قصي يبني دولة قريش ويسيطر عليها
قصي بن كلاب (قيصر مكة – امبر اطور مكة – صاحب مكة – دكتاتور مكة
كل هذه الاسماء تنطبق على قصي بن كلاب وتصف مدى سيطرته وهيمنته وتحكمه بمكة واهلها ويقول ( المسعودي ) في مروج الذهب و معادن الجوهر ، ج2 ، ص 58 : " واستقام أمر قصي ، ورتب قريشاً على منازلها في النسب بمكة ، وبنى الكعبة وتولى امرها ، وبدأ بفرض الضرائب والعشور على القوافل التجارية المارة بمكة ، مقابل تأمينهم ، وتأمين السقاية والرفادة لهم ، "وعشر على من دخل مكة من غير قريش".
وهكذا بدأ قصي يرفع اعمدة دولة قريش في مكة وينظم اقتصادها ويفرض ضرائب ورسوم لتمويلها ورفع شأن دولته عن طريق المنزلة الدينية للكعبة واستضافتها لارباب (الهة) القبائل الاخرى,
ويتحدث المسعودي في مروج الذهب عن خطط قصي لاقانة دولة ولها اقتصادها ومعنى التقريش (من قريش) والايلاف بمعنى الامن ,, وكيف انه اظهر حنكة سياسية وتصميم على بناء دولة مكة حين ارسل رسلا الى الممالك في الجزيرة لتنظيم علاقات ودية معها وطمأنتها على تجارتها كي تستمر حركة القوافل في المرور من اراضي مكة ويتقاضى عليها رسوما ويقول المسعودي : " وأخذت قريش الإيلاف من الملوك ، وتقرشت ,
اما ابن كثيرفي (البداية والنهاية) فانه يعطي معنى اخر للتقريش ويؤكد ان معناه مرتبط بالنشاط الاقتصادي والتغيير في المجتمع المكي وبداية تكون مجتمع مستقر وامن مرتبط بالنشاط الاقتصادي وتةوفير الامن الضروري للحفاظ على مكة كمحطة ترانزيت للقوافل العابرة فيقول ابن كثير : " وأما اشتقاق قريش ؛ فقيل من التقرش وهو التجمع بعد التفرق ، وذلك في زمن قصي بن كلاب ؛ فإنهم كانوا متفرقين لجمعهم بالحرم ، وقد قال حذاقة بن غانم العدوي :أبوكم قصي كان يدعى مجمعاً به جمع الله القبائل من فهر.
.. وقيل سميت قريش من التقرش ، وهو التكسب والتجارة ، وهذا ما قاله ابن هشام، وقال الجوهري : القرش الكسب و الجمع ، وقد قرش يقرش .. قال البيهقي .. إن معاوية قال لابن عباس : فلم سميت قريش ؟ فقال : لدابة تكون في البحر تكون أعظم دوابة يقال لها القرش ، لا تمر بشيء من الغث والسمين إلا أكلته .. فأنشده شعر الجمحي إذا يقول :
وقريش هي التي تسكن البحر بها سميت قــــريش قريـــــــشا
تأكل الـــغث و الســـمين و لا تتـــركن لــــذي الجناحين ريش هـــكذا فـــي البــــلاد
هـــي قــريش يـــــأكلون البـلاد أكــلا كمــيشا
ولــــــهم آخـــــــــر الــزمــــــان نبي يكثر القتل فــيهم و الخمــوشــا.
ثم يقول ابن كثير : " .. فكان قصي أول بني كعب أصاب ملكاً ، أطاع له به قومه ، وكانت إليه الحجابة والسقاية والرفادة والندوة ، فحاز شرف مكة كله ، وقطع مكة أرباعاً بين قومه ؛ فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة .. فكانت لقصي ابن كلاب جميع الرئاسة ، من حجابة البيت وسدانته ، واللواء ، وبني داراً لإزاحة الظلمات وفصل الخصومات سماها دار الندوة .
قال بن عباس : وفي داره (دار الندوة) التي جعل بابها إلى البيت ، كان يكون أمر قريش كله وما أرادوا من نكاح أو حرب أو مشورة فيما ينوبهم حتى إن كانت الجارية تبلغ أن تَدَّرِعَ فما يشق درعها إلا فيها ثم ينطلق بها إلى أهلها ، ولا يعقدون لواء حرب لهم ولا من قوم غيرهم إلا في دار الندوة يعقده لهم قصي ، ولا يُعْذَر لهم غلام إلاّ في دار الندوة ، ولا تخرج عِير من قريش فيرحلون إلاّ منها ، ولا يقدمون إلاّ نزلوا فيها تشريفاً له وتيمناً برأيه ومعرفة بفضله ، ويتبعون أمره كالدين المتبع لا يعمل بغيره في حياته وبعد موته ، وكانت إليه الحجابة والسقاية والرفادة واللواء والندوة وحكم مكة كله . وأدخل قصي بطون قريش كلها الأبطح فسموا قريش البطاح
الحالة السياسية "بن كلاب" أول سيد مطلق النفوذ في مكة
وهكذا دخلت قريش مرحلة جديدة اكثر تحضرا عن مرحلة نظام شيخ القبيلة المطاع امره .. الى ما يشبه دوله لها مؤسسات يحكمها شيخ بقوة قوانين ومؤسسات (تعتبر متحضرة قياسا لما كان) وكان ابرزها دار الندوة .. والتي لم تحسم كتب التراث موقعها بالضبط ان كانت هي الكعبة ذاتها او فناؤها حيث كان فيها تتخذ كما اشرنا جميع القرارات صغيرها وكبيرها في الحرب او في السلم وكانت ملتقى لاكابر القبائل (الملأ) أي الاثرياء (الارستقراطية) وهذا ادى بشكل طبيعي الى ظهور الصراعات حول امتلاك وسائل الانتاج والسلطة السياسية التي تتحكم فيها وحل الملأ (الارستقراطية) محل شيوخ القبائل التقليديين للتشار والمشاركة بادارة شؤون الدولة الجديدة واطلق على دار الندوة تعبير (الديمقراطية البدوية) او (البرلمان البدوي)
ولا يفوتنا التاكيد على ان اساس السيادة واساس السيطرة واساس الملك لقصي هو الدين باعتباره يمتلك مفاتيح الكعبة .. واساس هيمنة قريش هي الدين باعتبارهم حماة الكعبة والبيت الحرام .. واساس اهمية مكة هو الدين ايضا لوجود الكعبة والمسجد الحرام فيها .. الدين ثم الدين ثم الدين
قال ابن الأثير : " كان أمر قصي فيهم شرعاً متبعاً ، معرفة منهم لفضله وتيمناً بأمره ، وقال الطبري : " فكان أمره في قومه في حياته وبعد موته كالدين المتبع "
حتى الاقتصاد فقد كان مصدره الدين .. مواسم الحج ,, الى جانب عشور التجارة
وامسك قصي بكل ادوات السلطة على النحو التالي :
1 ـ رياسة دار الندوة : ففيها كانوا يتشاورون فيما نزل بهم من جسام الأمور، وفيها كانوا يزوجون بناتهم .
2 ـ اللواء : فكانت لا تعقد راية ولا لواء لحرب قوم من غيرهم إلا بيده أو بيد أحد أولاده، وفي هذه الدار.
3 ـ القيادة : وهي إمارة الركب، فكانت لا تخرج ركب لأهل مكة في تجارة أو غيرها إلا تحت إمارته أو إمارة أولاده .
4 ـ الحجابـة : وهي حجابة الكعبة ، لا يفتح بابها إلا هو، وهو الذي يلي أمر خدمتها وسدانتها .
5 ـ سقاية الحاج : وهي أنهم كانوا يملأون للحجاج حياضًا من الماء ، يحلونها بشيء من التمر والزبيب ، فيشرب الناس منها إذا وردوا مكة .
6 ـ رفادة الحاج : وهي طعام كان يصنع للحاج على طريقة الضيافة ، وكان قصي فرض على قريش خرجاً تخرجه في الموسم من أموالها إلى قصي ، فيصنع به طعاماً للحاج ، يأكله من لم يكن له سعة ولا زاد.
بداية الصراع السياسي في مكة بين ابناء العمومة القرشيون
كانت كل تلك المناصب السيادية التي ذكرناها في البوست رقم (46) هي لقصي بن كلاب ، ثم اعطى ابنه عبد مناف ،( دار الندوة واللواء والقيادة والحجابة والسقاية والرفادة)
وكان واعطى ابنه البكرعبد الدار مفتاح الكعبة وتوارثه ابنائه.
وكان قصي لا يخالف ولا يرد عليه شيء صنعه ، وكان أمره في حياته وبعد موته كالدين المتبع ، فلما هلك أقام بنوه أمره ، ولكن لما هلك عبد مناف نافس أبناؤه بنى عمهم عبد الدار في هذه المناصب وكان ابناء عبد مناف هم اشرف فى قومهم واعظم مكانة فاجتمعوا على ان ياخذوا ما بأيدى ابناء عمومتهم وكادت ان تقوم بينهم حرب ....، وانقسمت قريش الى فريقين ، وكاد يكون بينهم قتال ، إلا أنهم تداعوا إلى الصلح ان عقد حلف المطيبين باقتسام المناصب فيما بينهم وظل الحال كذلك حتى جاء الاسلام.
وتم تقسيم هذه المناصب على أن تكون (السقاية والرفادة والقيادة ) إلى بنى عبد مناف ، وبقيت ( دار الندوة واللواء والحجابة ) بيد بنى عبد الدار .
وقيل : كانت دار الندوة بالاشتراك بين الفريقين ، ثم حكم بنو عبد مناف القرعة فيما أصابهم ، فصارت ( السقاية والرفادة ) لهاشم و القيادة ( لعبد شمس)
وهذه المناصب التي وزعوها فيما بينهم ، هي بالأصح : شبه دويلة ديمقراطية ـ وكانت لهم من الدوائر والتشكيلات الحكومية مـا يشبه في عصرنـا هـذا دوائـر البرلمـان ومجالسها ، وهاك لوحة من تلك المناصب :
1_ هاشم: وكان يمثله في الحكومة "العباس بن عبد المطلب" الذي كان يتولى منصب "سقاية الحجاج" الذين يحجون الى الكعبة قبل الاسلام... أي توفير الماء اللازم لشربهم، والاشراف على توزيعه.
".2_ امية: وكان يمثله في الحكومة "ابو سفيان بن حرب"، وكانت مسئوليته فيها هي القيادة الحربية لجيوش قريش في القتال، إذ كانت عنده راية قريش المسماة "العقاب".
3_ نوفل: وكان يمثله في الحكومة "الحارث بن عامر"، وكانت مسئوليته القيام على الاموال التي ترصدها قريش لانفاقات موسم الحج، والتي يسمونها: "الرفادة".
4_ عبد الدار: وكان يمثله في الحكومة "عثمان بن طلحة"، وكانت مسئولياته مرتبطة بالكعبة له سدانتها وحجابتها، والقيام على دار الندوة، التي كانت يومئذ بمثابة البرلمان.
5_ أسد: وكان يمثله في الحكومة "يزيد بن زمعة بن الاسود"، وكانت مسئوليته فيها "المشورة"، إذ كان المردع في الامور المشكلة على هذه "البطون
6_ تيم: وكان يمثله في الحكومة "عبد الكعبة _أو عبد الله _ بن عثمان"، أي "أبو بكر الصديق" _كما اشتهر اسمه بعد ذلك _ وكانت مسئوليته فيها تقدير الديات والمغارم التي تلزم قريشاً والتعهد بأدائها وتنظيم ذلك، وكانوا يسمون هذه المسئولية: "الاشناق"..
7_ مخزوم: وكان يمثله في الحكومة "خالد بن الوليد"، وكانت مسئوليته فيها القيام على الاموال المخصصة للحرب والقتال، وكذلك قيادة الخيل والفرسان في الحرب وكانوا يسمون هذه المسئولية "القبَّة والأعِنَّة".
8_ عدي: وكان يمثله في الحكومة "عمر بن الخطاب" وكانت مسئوليته فيها شبيهة بمسئولية وزير الخارجية، وكانوا يسمونها يومئذ "السفارة".
9_ جمح: وكان يمثله في الحكومة "صفوان بن أمية"، وكان مسئولا عن "الايسار والازلام"، يذهب القوم اليه كي يديرها ويستشيرها قبل اقدامهم على مهمات الامور.
10_ سهم: وكان يمثله في الحكومة "الحارث بن قيس"، وكانت مسئوليته "الحكومة"، أي التحكيم، وكذلك القيام على الاموال الموقوفة على الآلهة التي يعبدونها
-------------0000000000000
السيرة النبوية لابن هشام ج1 ص117ـ118 .
البداية و النهاية ابن كثير
مروج الذهب و معادن الجوهر ، ج2 المسعودي
فتوح البلدان .. البلاذري
تاريخ الرسل و الملوك الطبري
---------------------------00000000000000
الحالة السياسية في مكة قبل الاسلام
قصي يمنح ولديه سلطات السيادة على مكة (بدايات الصراع السياسي)
تمايز وتمييز وظلم وجور واضطهاد القوي يدوس على الضعيف والاسياد يستعبدون العبيد والنساء .. والفقر طاغ الا من اقلية ارستقراطية .. ولعل اوضح تعبير عن حالة العرب قبل الاسلام ما قاله جعفر بن أبي طالب للنجاشي: «ملك الحبشة" قال " كنا أهل جاهلية: نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتيالفواحش، ونقطع الأرحام ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله لنا رسولاً كما بعث الرسل إلى من قبلنا" (المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام 1/66)
وبنفس المعنى والمضمون قال المغيرة بن شعبة ل كسرى الفرس يزدجرد في وصفه لحالة العرب، فقد ذكر ابن كثير عن المغيرة قوله: «... كنا نأكل الخنافس والجعلان، والعقارب والحيات، ونرى ذلك طعامنا، وأمّا المنازل فإنما هي ظهر الأرض، ولا نلبس إلاّ غزلنا من أوبار الإبل وأشعار الغنم... وديننا أن لا يقتل بعضنا بعضاً وأن لا يبغي بعضنا على بعض... وإن كان أحدنا ليدفن ابنته وهي حية كراهية أن تأكل من طعامه"
وقد دخلت مكة في وضع النظام الاجتماعي بعد أن مرت بمرحلة من الاضطراب خلال القتال على السيادة.
وتاريخ مكة الحقيقي كما ذكرنا سابقا بدأ مع قصي بن كلاب الذي تولى أمر مكة حوالي منتصف القرن الخامس الميلادي، وخلال حياته استقرت قبيلة قريش وادخل تحسينات على مكة، وجعل منها مدينة ذات اهمية دينية واقتصادية، وأصبحت تتمتع بمكانة عامة شملت معظم اجزاء شبه الجزيرة وابرمت تعاهدات وعهود وتحالفات واحلاف.
وكما ذكرنا كان قصي أول رجل من بني كنانة وصل الى هذا المنصب سيدا على مكة واول من خضعت له قريش فاستأثر بكل المناصب السيادية : الحجابة، والرفادة، والسقاية، والندوة، واللواء، والقيادة.. يعني الحاكم المطلق ..
وكان ولده عبد مناف بن قصي قد برز وظهر وتميز على بني قومه في زمان أبيه وبدت بوادر تنذر بالشر نتيجة الحسد، فقام قصي بتقسيم الوظائف السيادية الست في مكة بين ابنيه، عبد الدار- وهو الأكبر - فأعطاه "السدانة" وهي الحجابة ودار الندوة، واللواء، وأعطى عبد مناف السقاية، والرفادة والقيادة. أي وزع السلطات كلها بين ولديه ..
وهكذا سن قصي نوعا من التنظيم الاداري يكفل لقريش وأبنائه مكان الزعامة والصدارة.
وكان لهذا التقسيم ان كان اساس الصراع السياسي بين القرشيين والذي سناتي على تفاصيله لاحقا .
من ملامح الصراع بين بطون قريش
بعد ان قام قصى بتعيين ولديه (عبد الدار) وعبد مناف) اسيادا على مكة بتوزيع الوظائف الفرعية في ادراة شؤون مكة بين مختلف بطون قريش كي يضمن لولديه ولمكة وللمجتمع الاستقرار والاستمرار بعد وفاته وان يبعد عن مكة الصراعات والتنافس فجعل لكل بطن وظيفة معينة، يختار البطن لها من رجاله من يشغلها .
ومن اهم البطون هم : الأباطح، وقريش البطاح، وهم بنو عبد مناف، وبنو عبد الدار، وبنو زهرة، وبنو تيم بن مرة، وبنو مخزوم، وبنو سهم، وبنو عبد العزّى، وجمح، وبنو عدي بن كعب، وبنو عامر بن لؤي، وبنو هلال بن أهيب.
ونظراً للتفاوت فيما بينها في المكانة المرموقة ومنعة الجانب فقد نافس بعضهم بعضاً في تولي الزعامة العامة في مكة بالرغم من محاولة قصي تفاديها
وقد برزت المنافسة حادة لاحقا بين هذه البطون خصوصا بينها وبين هاشم الذي علا نجمه وطال شأنه وكثر حساده ، فكانت منافرات معه ومع أبنائه من حسادهم وبسببها عُقدت أحلاف، وكان منها حلف المطيبّين لبني عبد مناف، وكانت الأحلاف لبني عبد الدار". .
وقد عبر
(1) وقد أشار إلى ذلك شيخ البطحاء أبو طالب في أشعاره فقال:
رجال تمالوا حاسدين بغضةً
لأهل العلا فبيـنهم أبـداً وتـر
وليد أبوه كان عبـداً لجدنـا
إلى علجة زرقاء جال بها السحرُ
وتيم ومخزوم وزهرة منهـم
وكانوا بنا أولى إذا بُغي النـصر
فوالله لا تـنفك منـا عداوة
ولا منهم ما دام من نـسلنا شفـر
ومع قيام ذلك التحالف وتوزيع الوظائف الفخرية بين البطون القرشية، فإنّ السيادة والشرف لبني هاشم، لأنهم على حدّ قول شيخهم وشيخ البطحاء أبي طالب (رضي الله عنه):
فإنّا بمكة قدماً لنا
به العزّ والخطـرُ الأعظم
ومن يـكُ فيها لـه عـزّةٌ
حديثـاً فعزّتـنـا الأقـدم
ونحن بـبطحائها الرائسون
والقائدون ومن يـحكم
نشأنا فكنـا قليـلاً بـهـا
نجيـر وكنّـا بهـا نـطعم
إذا عضّ أزمُ السنين الأنام
وجَبَّ القتـارَ بهـا المعـدم
نماني شيبة ساقي الحجيج
ومجــدٌ منـيف الــذرى مُعلَمُ
أنظر العقد الفريد 2/318، والملاحم والفتن لابن طاووس الحسني /81 - 82،
ولاحظ معجم البلدان 2/213 ط الأولى بمصر، وثمار القلوب للثعالبي /96
تاريخ مكة (الجزء الرابع) 50
الحالة السياسية في مكة قبل الاسلام
هذه هي قبيلة قريش .. دققوا النظر لتتأكدوا ان الاسلام بنى دولة قريش وليس دولة اسلامية
------------------------
من قبائل قريش: بنو عبد مناف بن قصي بن كلاب
. وبنو عبد مناف أربعة: هاشم، والمطلب رهط عبيدة بن الحارث المقتول يوم بدر، وعبد شمس، ونوفل رهط جبير بن مطعم لم يتشعب منهم إلا عبد شمس.
فمن بطون عبد شمس: أمية بن عبد شمس، وعبد العُزىبن عبد شمس، رهط أبي العاصي ابن الربيع. وحبيب بن عبد شمس، رهط "عامر" بن كريز، وربيعة بن عبد شمس أبو عتبة وشيبة.
وبنو أمية بن عبد شمس صنفان: الأعياص، والعنابس،
فالأعياص: العاصي وأبو العاصي والعيص وأبو العيص بنو أمية.
والعنابس: حرب وأبو حرب وسفيان وأبو سفيان بنو أمية، واسم أبي سفيان عنبسة. ومن الأعياص عثمان بن عفان، وعتَّاب بن أسيد عامل النبي على مكة، وآل سعيد بن العاصي.
ومن العنابس آل أبي سفيان بن حرب مُعاوية وولده وأخوته، هؤلاء بنو عبد مناف بن قصي،
وبنو قصي: عبد مناف، وعبد العزى، وعبد الدار سدنة البيت وأصحاب الألوية. ثم أسد بن عبد العزى بن قصي، رهط خديجة بنت خويلد، والزبير بن العوام، فهؤلاء بنو قصي بن كلاب.
وبنو كلاب اثنان: قصي وزهرة. فزهرة رهط عبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، ومنهم آمنة بنت وهب أم النبي. هؤلاء بنو كلاب بن مرة.
وبنو مرة ثلاثة: كلاب وتيم ويقظة أبو مخزوم.
فتيم رهط أبي بكر الصديق، وطلحة بن عبيد الله وعبد الله بن جُدعان كان سيد قريش في الجاهلية. وبنو مخزوم بن يقظة منهم آل المُغيرة، ومنهم أم سلمة بنت أبي أُمية ابن المغيرة زوج النبي ، وخالد بن الوليد بن المغيرة، وسعيد بن المسيب الفقيه هؤلاء بنو مرة بن كعب.
وبنو كعب ثلاثة: مرة، وعُديل، وهُصَيص فعدي بن كعب رهط عمر بن الخطاب وزيد بن عمرو بن نُفيل.
وأما هُصيص فهم: سهن وجمح ابنا عمرو بن هصيص، من بني سهم عمرو بن العاص، ومن بني جمح: عثمان بن مضعون، وصفوان ابن أمية، وأبو محذورة مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء بنو كعب بن لؤي. وبنو لؤي جماعة تبنّا منهم ثلاثة: كعب، وعامر، وسامة، فمن عامر بن لؤي: بنو مالك بن حسل بن عامر رهط سهيل ابن عمرو وسودة بنت زَمْعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وبنو مَعيص ابن عامر، منهم ابن قيس الرقيات، ومنهم ابن العرقة.
وبنو سامة منهم بنو ناجية رهط عبَّاد بن منصور قاضي البصرة هؤلاء بنو لؤي بن غالب.
وبنو غالب اثنان: لؤي وتيم الأدرم رهط ابن خطل الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله يوم الفتح فقتله علي ابن أبي طالب هؤلاء بنو غالب بن فهر.
وبنو فهر ثلاثة: غالب والحارث ومحارب بن فهر رهط الضحاك بن قيس فهؤلاء قبائل قريش.(ألف)تاريخ مكة (الجزء الرابع) 51
حلف الفضول
من أهم الأحلاف القرشية التي سجلتها مصادر التاريخ، حلف الفضول الذي دعا اليه عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وآله.. وسمي حلف المطيبين، لأنهم أكدوا تحالفهم بغمس أيديهم في جفنة طيبٍ صنعتها لهم بنت عبد المطلب.
وكانت أهم بنود هذا الحلف: أن يحموا الكعبة الشريفة ممن يريد بها شراً، ويمنعوا الظلم فيها، وينصروا المظلوم حتى يصل الى حقه.
وكان هذاالحلف جواباً لحلف مضادٍ، دعا اليه بنو عبد الدار، فأجابتهم بعض قبائل قريش، وعرف حلفهم باسم (لعقة الدم) لأنهم ذبحوا بقرة، وأكدوا تحالفهم بأن يلعق ممثل القبيلة لعقةً من دمها!
وقد اختلفت النصوص في سبب الحلفين ووقتهما، فذكر بعضها أنه عند بناء الكعبة بسبب اختلافهم على القبيلة التي تفوز بشرف وضع الحجر الأسود في موضعه.
وذكر بعضها أنه كان بسبب شكاية بائع مظلوم، اشترى منه قرشي بضاعة، وأراد أن يأكل عليه ثمنها..
والأرجح ما ذكره ابن واضح اليعقوبي من أن بني عبد الدار حسدوا عبد المطلب ، فدعوا الى حلف لعقة الدم، فدعا عبد المطلب في مقابلهم الى حلف المطيبين.
ـ قال اليعقوبي في تاريخه: 1|248
ولما رأت قريش أن عبد المطلب قد حاز الفخر، طلبت أن يحالف بعضها بعضاً ليعزُّوا، وكان أول من طلب ذلك بنو عبد الدار لما رأت حال عبد المطلب، فمشت بنو عبد الدار الى بني سهم فقالوا: إمنعونا من بني عبد مناف.... فتطيب بنو عبد مناف، وأسد، وزهرة، وبنو تيم، وبنو الحارث بن فهر، فسموا حلف المطيبين.
فلما سمعت بذلك بنو سهم ذبحوا بقرةً وقالوا: من أدخل يده في دمها ولعق منه، فهو منا! فأدخلت أيديها بنو سهم، وبنو عبد الدار، وبنو جمح، وبنو عدي، وبنو مخزوم، فسموا اللعقة.
وكان تحالف المطيبين ألا يتخاذلوا، ولا يسلم بعضهم بعضاً.
وقالت اللعقة: قد أعتدنا لكل قبيلةٍ قبيلة.
ـ وقال اليعقوبي: 2|17
كان سبب حلف الفضول أن قريشاً تحالفت أحلافاً كثيرة على الحمية والمنعة، فتحالف المطيبون وهم بنو عبد مناف، وبنو أسد، وبنو زهرة، وبنو تيم، وبنو الحارث بن فهر، على أن لا يسلموا الكعبة ما أقام حراء وثبير، وما بلَّ بحرٌ صوفة.
فتذممت قريش فقاموا فتحالفوا ألا يظلم غريبٌ ولا غيره، وأن يؤخذ للمظلوم من الظالم، واجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان التيمي.
وكانت الأحلاف هاشم، وأسد، وزهرة، وتيم، والحارث بن فهر، فقالت قريش:
هذا فضول من الحلف، فسمي حلف الفضول.
ـ وفي سيرة ابن هشام: 1|85
فكان بنو أسد بن عبد العزى بن قصي، وبنو زهرة بن كلاب، وبنو تيم بن مرة بن كعب، وبنو الحارث بن فهر بن مالك بن النضر، مع بني عبد مناف.
وكان بنو مخزوم بن يقظة بن مرة، وبنو سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو عدي بن كعب، مع بني عبد الدار.
ويفهم من هذه النصوص وغيرها أن حركة التحالف بدأها بنو عبد الدار حسداً لعبد المطلب، فسعوا للتحالف ضده، فبادر عبد المطلب ومؤيدوه الى عقد حلف المطيبين قبلهم، ثم عقد بنو عبد الدار ومؤيدوهم حلف لعقة الدم.
ويفهم منها، أن أهداف حلف عبد المطلب حماية الكعبة ونصرة المظلوم، بينما هدف حلف بني عبد الدار مواجهة المطيبين!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى التكرم بالالتزام بقواعد حرية الراي وحقوق النشر